أفاد "مركز وصول لحقوق الإنسان"، اليوم الجمعة، في تقريره الأخير الصادر تحت عنوان "لبنان يتجاوز حقوق الإنسان في ترحيل اللاجئين قسراً"، بأنّ "السلطات اللبنانية اعتقلت ما لا يقلّ عن 808 لاجئين ورحّلت ما لا يقلّ عن 336 لاجئاً في خلال الحملة الأمنية التي استهدفت النساء والقاصرين أيضاً، في مناطق مختلفة من البلاد".
ووثّق مركز "وصول" في تقريره انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت في سياق المداهمات الأمنية والاعتقالات التعسفية التي طاولت اللاجئين السوريين، تمهيداً لترحيلهم قسراً إلى بلادهم. فأحصى منذ بداية إبريل/ نيسان الماضي حتى 16 مايو/ أيار الجاري، ما لا يقلّ عن 22 عملية مداهمة أمنية نفّذها الجيش اللبناني في أماكن سكن لاجئين سوريين في مختلف أنحاء البلاد.
وأكد المركز الحقوقي أنّ "808 لاجئين اعتُقلوا تعسفياً، من بينهم 17 لاجئاً يملكون أوراق إقامة قانونية، و13 من النساء، و24 من القاصرين، واثنان من أفراد مجتمع الميم-عين"، مشيراً إلى أنّ عدداً منهم تعرّض "للضرب و/أو المعاملة القاسية و/أو اللاإنسانية و/أو المهينة من قبل أفراد في الجيش اللبناني".
أضاف أنّ "ما لا يقلّ عن 336 لاجئاً من المعتقلين/ الموقوفين رُحّلوا إلى خارج الحدود اللبنانية قسراً، من بينهم 12 لاجئاً يملكون أوراق إقامة قانونية، و13 من النساء، و22 من القاصرين، واثنان من أفراد مجتمع الميم-عين".
وفي توصياته الموجّهة إلى جهات حكومية وأممية دولية، طالب المركز بالتزام الحكومة اللبنانية بالاتفاقيات الدولية والقوانين المحلية ووقف خطة إعادة اللاجئين وعدم ترحيلهم قسراً إلى سورية.
وفي سياق متصل، قال المدير التنفيذي لـ"مركز وصول لحقوق الإنسان" محمد حسن، لـ"العربي الجديد"، إنّ "لهجة السلطات اللبنانية لم تختلف عمّا سبق بخصوص ضرورة إعادة اللاجئين إلى بلادهم. والمستجدات الأخيرة على الأرض تشير إلى أنّ ملف اللاجئين سُلّم إلى الجيش اللبناني بحجّة الحفاظ على الأمن".
وأضاف أنّ "السلطات اللبنانية كانت تنفّذ في السابق حملات المداهمة الأمنية عشوائياً في أحيان كثيرة، من دون أيّ إجراءات قانونية، ثمّ يُفرَج عن معظم اللاجئين المعتقلين عشوائياً في الحملات الأمنية بعد ترهيبهم وتعريضهم للضرب وسوء المعاملة، والتحقّق من أنّهم غير متورّطين بأيّ أعمال شغب أو خارجة عن القانون. لكنّنا رصدنا في الحملة الأخيرة التي تستهدف اللاجئين عدداً قليلاً أُفرج عنه، فيما رُحّلت الغالبية قسراً".
وتابع حسن: "يبدو أنّ الحكومة اللبنانية لم تنجح في تبرير فشلها الواضح في إنعاش اقتصاد لبنان من جديد منذ الانهيار الاقتصادي في الربع الأخير من عام 2019، لذلك عادت إلى استخدام ملف اللاجئين كورقة ضغط لتحقيق دعم مالي من الاتحاد الأوروبي والدول المانحة بحجّة استضافتها للاجئين".
وتحدّث حسن عن "قرار ضمني بحسب ما يبدو يقضي بتسلّم الجيش اللبناني ملفّ إعادة اللاجئين إلى سورية، وهذا القرار يخالف ما نصّ عليه الدستور اللبناني وما يرعاه القانون المحلي أسوة بالقوانين والمعاهدات الدولية. لذلك ندعو السلطات اللبنانية إلى توضيح ما يجري من ممارسات غير قانونية".
ولفت إلى أنّ "التصعيد الأمني الأخير ضدّ اللاجئين السوريين في لبنان يشكّل مصدر قلق شديد، إذ إنّهم بمعظمهم لا يملكون إقامات صالحة، ويُرحّلون قسراً من قبل الجيش اللبناني من دون منحهم حقّ المثول أمام قاضٍ أو الاستئناف ضدّ قرار الترحيل والمطالبة بالحماية الإنسانية".
وأوضح حسن أنّ "من أبرز أسباب تصاعد الانتهاكات ضد اللاجئين بلبنان في الفترة الحالية هو تصاعد خطاب الكراهية الموجّه ضدّهم بشدّة، مع تواطؤ المؤسسات الإعلامية اللبنانية التقليدية في ذلك الخطاب والمساهمة في بثّه بشكل مباشر أو غير مباشر. بالإضافة إلى التصريحات التمييزية والعنصرية من قبل أشخاص من الحكومة اللبنانية ضدّ اللاجئين السوريين".
وأكمل حسن أنّه بالإضافة إلى ذلك، لا تتوفّر أيّ حماية قانونية للاجئين السوريين من "مخاطر الانتهاكات التي يتعرّضون لها، بسبب الإجراءات المعقّدة المفروضة عليهم عند محاولتهم الاستحصال على الإقامات القانونية أو توكيل محامٍ أو الإبلاغ عن الانتهاك لدى الجهات المختصّة. يأتي ذلك إلى جانب السياسات التمييزية ضدّ اللاجئين وخطاب الكراهية الممنهج من ضمن السياقَين السياسي والإعلامي".
وعن الأشخاص المرحّلين، قال حسن إنّ "سوريين كثيرين يحملون صفة لاجئ بموجب تعريف القانون الدولي، بصرف النظر عن أنّ لبنان ليس طرفاً في الاتفاقية الخاصة باللاجئين المقرّة في عام 1951، بسبب آرائهم السياسية، وبسبب الخدمة الإلزامية والوضع الأمني غير المستقرّ في سورية، علماً أنّ الأمم المتحدة ما زالت تصنّف سورية بلداً غير آمن للعودة".
وشرح حسن أنّ "سلوك الحكومة السورية تجاه الأشخاص الذين يعارضونها ما زال سلوكاً مبنياً على الاعتقال والتعذيب، وغير ذلك من الممارسات اللاإنسانية. لذلك فإنّ حياة اللاجئين السوريين المرحّلين من لبنان إلى سورية تتعرّض لخطر جسيم".
ووفقاً لذلك، شدّد حسن على أنّه "يتوجّب على لبنان، بموجب مبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في القانون الدولي لحقوق الإنسان، عدم إعادة أيّ شخص إلى بلد قد يواجه فيه خطر التعذيب أو الاضطهاد، كذلك فإنّ المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب التي يلتزم بها لبنان تنصّ على ذلك جهاراً".