تواصل المعتقلات السياسيات بسجن القناطر للنساء، في مصر، إضرابهن عن الطعام لليوم الثالث والعشرين احتجاجًا على الاعتداءات المتتالية عليهن من قبل السجانين، والتي كان آخرها خلال حملة تفتيش تعرضن فيها لإهانات وعنف، كما تم نقل خمساً منهنّ إلى عنبر المخدرات في السجن، حسب ما أفادت مصادر لـ"الجبهة المصرية لحقوق الإنسان".
ويتراوح عدد المحتجزات في عنبر "السياسي في السجن بين عشرين وثلاثين محتجزة، وبعضهن صدرت بحقهنّ أحكام، وأخريات قيد الحبس الاحتياطي، وقامت إدارة السجن، قبل أربعة أيام من تنظيم الإضراب، بالإعتداء عليهن خلال حملة التفتيش، وتصاعدت الأزمة حين اعترضت المحتجزات على الأسلوب المهين، إذ تعرض بعضهن للضرب المبرح، بالإضافة إلى سحل المعتقلة (م.ع) وإصابتها بجروح، ما دفع المحتجزات للدخول في إضراب.
وقامت القوة الأمنية عقب التفتيش بنقل 5 معتقلات إلى عنابر الجنائي، وهن: إسراء خالد، وبسمة رفعت، وسمية ماهر، ونادية عبد الهادي، وسارة عبد الله، بالإضافة إلى تجريدهن من كل أدواتهن، ومصادرة العلاج والأكل والشرب، في حين تم منع التريض عن بقية المعتقلات، وهددهن رئيس المباحث بأنه يمتلك كل الصلاحيات لارتكاب أي انتهاك ضدهن.
ويذكر أن المعتقلتين نادية عبد الهادي وسمية ماهر ممنوعتان من الزيارة، وكانت الوسيلة الوحيدة لمعرفة أخبارهما من خلال الزيارات إلى زميلاتهما في العنبر، وحاليًا انقطعت أخبارهما، ولا وسيلة للأهالي للاطمئنان عليهما.
وقبل نحو شهرين، ضمت إدارة السجن 4 معتقلات لقائمة المنع من الزيارة، وهن: غادة عبد العزيز، وهالة حمودة، ورضوى عبد الحليم، وعلياء عواد، ليرتفع عدد الممنوعات من الزيارة إلى 9 معتقلات، إذ تتضمن قائمة المنع كل من: هدى عبد المنعم، وعائشة الشاطر، وعلا القرضاوي.
وتأتي هذه الاعتداءات في ظلّ تضييق متزايد على المحتجزات على خلفية تهم سياسية، إذ علم الأهالي، بعد فتح الزيارات في أغسطس/آب الماضي، بتعيين رئيس مباحث جديد في السجن، وأنه قام بوضع قيود على كميات الطعام المسموح بدخولها في الزيارة، وعلى المراسلات، ومنع بعض السجينات من تلك المراسلات.
وحول مستجدات الإضراب، نقلت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، عن شهادة لإحدى محتجزات سجن القناطر أمام محكمة الجنايات أثناء جلسة تجديد حبسها الاحتياطي، أن الضابط أثناء إخراج إحدى المحتجزات من العنبر أمسكها من رقبتها حتى شعرت بالاختناق، واعتدى عليها بالضرب بحذائه، كما حرّض اثنتين من السجينات الجنائيات على ضربها وتقطيع ملابسها، وأن تلك المحتجزة ممنوعة من الزيارة، وأن إدارة السجن لا تسمح لها سوى بكميات قليلة جدًا من الطعام، وتمنع عنها الملابس الشتوية، ما أدى إلى فقدانها نسبة كبيرة من وزنها، وإلى تضاعف معاناتها من البرد إلى حد الارتجاف ليلًا، كما أن رئيس المباحث، عندما علم بتقديمهنّ شكاوى إلى النائب العام، قام بتهديدهنّ، وأكد على عدم اكتراثه بالشكاوى، وأنه لن يتراجع عن سياساته.
وأكدت الجبهة الحقوقية أن أهالي المحتجزات تعرّضوا أيضا للتعنت حين ذهبوا للزيارة عقب الواقعة، فقد اضطروا للانتظار خارج السجن إلى وقت متأخر حتى سمحت لهم إدارة السجن بالدخول، وذكروا أن المحتجزات خرجن للزيارة في حالة سيئة، وبدا عليهنّ الإعياء الشديد.
وضاعف التضييق على الزيارة معاناة السجينات اللاتي يعتمدن على الطعام الذي يحضره الأهالي في الزيارات، وكذلك من معاناة الأهالي الذين أجبروا على العودة بمتعلقات الزيارة التي منع السجن دخول أغلبها.
وكان محامون قد تقدموا ببلاغ للنائب العام ضد رئيس المباحث على خلفية الاعتداءات الواقعة على محتجزات أخريات، من بينهن سمية ماهر، وقد أحيل البلاغ إلى نيابة القناطر الجزئية بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
في حين اعتبرت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان أن إعلان وزارة الداخلية عن توجه قوافل طبية إلى منطقة سجون برج العرب وليمان 430 بوادي النطرون، لتوقيع الكشف الطبي على السجناء وصرف الأدوية اللازمة لهم ليس كافيا. وقالت الجبهة "يجب على وزارة الداخلية أن تعي أن أزمة الإهمال الطبي في السجون المصرية هي أكبر بكثير من أن تتم مواجهتها بإرسال قوافل طبية للسجون على فترات متباعدة".
وقالت الجبهة إنه من الضروري لتقديم رعاية طبية فعالة للسجناء أن تكون تلك الرعاية متاحة بشكل دائم داخل السجن، لا من خلال قوافل خارجية، حسب قانون تنظيم السجون، وعلى إدارة السجن أن تعمل على تجهيز مستشفى السجن بالاحتياجات والأجهزة الطبية اللازمة، حتى يتمكن طبيب السجن من تقديم رعاية صحية حقيقية للمحتجزين، فضلًا عن ضرورة عدم التعنت في نقل المحتجزين إلى مستشفيات خارجية في حالة عدم القدرة على تقديم الرعاية اللازمة لحالاتهم داخل مستشفى السجن، أو في حالات الطوارئ.