مصر: "الحوار الوطني" يتجاهل القانون الموحد لمناهضة العنف

09 يوليو 2023
أنماط متفاقمة من العنف ضد المرأة المصرية (أحمد إسماعيل/ الأناضول)
+ الخط -

خلت توصيات جلسة العنف الأسري في "الحوار الوطني" المصري من أية مطالبات ملحة بإصدار القانون الموحد لمناهضة العنف؛ في حين تمسكت أحزاب ومنظمات حقوقية بالقانون، مكررة أن الحوار الوطني "انتقائي".

وأصدرت أحزاب ومنظمات وشخصيات نسوية مصرية بياناً مشتركاً، الخميس الماضي، للرد على البيان الإعلامي الصادر عن جلسة "العنف الأسري والمخاطر الإلكترونية على التماسك المجتمعي" في الحوار الوطني، مؤكدة حرص طيف واسع من الحركة النسوية والسياسية على المشاركة لإبداء الرأي حول أفضل التدخلات الممكنة لمناهضة العنف ضد المرأة، والتأكيد على ضرورة إصدار قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة كتدخل رئيسي واجب لمناهضة العنف. 
وعلت في جلسة الحوار الوطني المطالبات بضرورة تحسين بيئة العدالة الجنائية إجمالاً، وتعديل مواد في قانون العقوبات ترسخ وتسهل العنف والتمييز، وإصدار البيانات والإحصاءات الرسمية في مواعيدها الدورية، وتحسين خدمات مناهضة العنف التي تشمل زيادة البيوت الآمنة، والاهتمام بخدمات الدعم النفسي، وتحسين منظومة الإحالة القانونية للناجيات من العنف. 
لكن البيان الإعلامي المعني بتوثيق أبرز نقاط النقاش تجاهل أغلبية الآراء والتدخلات المطالبة بقانون موحد ضد العنف، بل وثق آراء أخرى، كإنشاء مجلس قومي لمواجهة تهديدات الأسرة المصرية. 
واعتبر بيان الأحزاب والمنظمات أن "صياغة البيان الإعلامي يزيد من القلق حول انتقاء ما يجرى الإعلان عنه من نقاط طرحت في الحوار، فهذا الطرح تحديداً عليه خلاف واسع، ولا يتناسب مع توجهات الدولة في تمكين النساء، ولا مع التزامات مصر الدولية في إطار اتفاقيات حقوق الإنسان، بل يعد إرباكاً في الأهداف والأدوار المنوطة بالمجلس القومي للمرأة. تجاهل البيان الإعلامي منظور النوع الاجتماعي وعلاقات القوى تماماً، وبدلا عن ذلك، يتعامل مع قضية العنف كأنها ظاهرة نفسية، ويقوم بتذويب قضايا المرأة في قضايا الأسرة متبنياً ألفاظاً غير واردة في القانون، مثل القوامة، بدلاً من مفاهيم المواطنة والمساواة أمام القانون".


وقالت المنظمات والأحزاب: "باعتبارنا ممن شاركوا في هذه الجلسة، أو تابعوها من خلال وسائل الإعلام اهتماما بموضوعاتها، نهيب بإدارة الحوار الوطني ومجلس أمناء الحوار الحرص على ضرورة رصد وتوثيق أغلب التوصيات التي عبر عنها طيف واسع من الحركة النسوية، والإعلان عنها إجمالاً من دون انتقاء أو تجاهل، وبرصد الخلاصات العامة في الجلسات باعتبارها أطروحات محل تعزيز وتوافق من قبل نسبة ملحوظة من المشاركات، إضافة إلى نشر تسجيل جلسات الحوار الوطني كاملة كما كان يتم في الأسبوع الأول"، وذلك بعد غياب الجزء الثاني من فاعليات الجلسة عن صفحة الحوار الوطني الرسمية، بالإضافة إلى بعض مداخلات الجزء الأول.
ومن بين الأحزاب الموقعة على البيان المشترك "الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي"، و"حزب الإصلاح والتنمية"، و"حزب الدستور"، و"الحزب الشيوعي المصري"، و"الحزب العربي الديمقراطي الناصري"، و"حزب العدل"، وحزب العيش والحرية (تحت التأسيس)، و"حزب المحافظين". ومن المنظمات والمؤسسات الحقوقية الموقعة "الجبهة الوطنية لنساء مصر"، و"جمعية المرأة المعيلة"، و"جمعية بسالة للتنمية"، و"مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون"، و"مؤسسة المرأة الجديدة"، و"مؤسسة براح آمن"، و"مؤسسة قضايا المرأة المصرية"، و"مبادرة سند للدعم القانوني للنساء"، و"مبادرة صرخة لمناهضة العنف ضد المرأة"، فضلًا عن شخصيات عامة من سياسيين وحقوقيين ونشطاء وصحافيين. 

وكانت فكرة قانون موحد لمناهضة العنف في مصر في الأصل نتاج عمل مجموعة من المؤسسات النسوية بعد تطور أنماط العنف ومستوياته خلال الفترة الأخيرة، وظهور عدد من الجرائم التي لا يرصدها القانون الحالي، كالاغتصاب الزوجي، والابتزاز الإلكتروني. وناقشت منظمات ومؤسسات نسوية، قبل أشهر، مشروع القانون الذي يضم آليات حماية مجتمعية، ويتطرق لتأثير التوعية على المجتمع، فضلاً عن اهتمامه بتأهيل الضحايا، وتوفير أماكن آمنة لإيوائهن، خاصة أن بعضهن يتعرض للتنكيل والتهديد. 
وطبقًا للجهات التي صاغت مشروع القانون، فإنه "يشمل مختلف القضايا التي تتعرض لها النساء، خاصةً أن الثقافة المجتمعية تقبل إلى حد كبير بعض ممارسات العنف الواقعة على المرأة، وصولاً إلى التبرير للجناة، وهو الأمر الذي يستدعي الوقوف عليه بمزيد من الوضوح لحسم أمر العقوبة بما لا يدع مجالاً أمام من يحاول التسامح مع الانتهاكات".
ووثقت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، في دراسة سابقة، 235 واقعة عنف أسري خلال عام 2022، وهي لا تمثل سوى نسبة محدودة مما يحدث على أرض الواقع في مصر، من ضمنها 119 واقعة قتل، و17 حالة ضرب أفضى إلى الموت، و10 حالات شروع في قتل، و129 واقعة اعتداء على زوجات، و62 حالة عنف أسري ضد فتيات، بالإضافة إلى 48 واقعة تعدٍّ بالضرب.