شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الجدل بعد تسريب فيديوهات صادمة تكشف تفاصيل حياة ثلاثة من قيادات الإخوان المسلمين البارزة داخل زنازينهم الانفرادية في سجن بدر شديد الحراسة بمصر. هذه الوثائق الصادمة لاقت استنكاراً وتفاعلاً واسعين، خصوصاً من قبل أسر السجناء السياسيين والمنتمين إلى جماعة الإخوان.
التسريبات تكشف عن تفاصيل مختلفة تتعلق بحياة الدكتور محمود عزت، نائب المرشد العام للجماعة، والدكتور صلاح سلطان، أستاذ الشريعة والمحاضر في الجامعات الأميركية. إلا أن الناشط السياسي والحقوقي محمد سلطان، نجل صلاح سلطان، ينفي بشدة أن يكون والده هو الشخص الذي ظهر في هذه التسريبات التي رسمت صورة مأساوية للحياة داخل زنازين الحبس الانفرادي.
بالنسبة إلى السلطات المصرية، فقد أصدرت وزارة الداخلية بياناً رسمياً عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك" للتعليق على هذه التسريبات الصادمة. في بيانها، نفت الوزارة صحة المقاطع ووصفتها بأنها "محرفة وغير متصلة بالأشخاص المذكورين فيها"، معتبرة أن "هذه الجماعة الإرهابية تحاول استغلالها لإثارة البلبلة بعد فقدانها للمصداقية في أوساط الرأي العام".
وأكدت الوزارة أن "جميع النزلاء في مراكز الإصلاح والتأهيل، بمن فيهم الأشخاص الذين ذُكرت أسماؤهم في تلك الادعاءات، يتلقون الرعاية الطبية الكاملة ويحضرون جلسات المحاكمة بشكل منتظم، وأنها ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لمعالجة هذه الادعاءات ومحاسبة القائمين عليها".
وفي 3 يوليو/تموز 2013، شهدت مصر انقلاباً عسكرياً حين عزلت القوات المسلحة محمد مرسي، أول رئيس مصري مدني منتخب بانتخابات حرة ونزيهة، والعضو القيادي في جماعة الإخوان المسلمين. في تلك اللحظة الحرجة، اندلعت احتجاجات ضخمة لعشرات الآلاف من مؤيدي مرسي في القاهرة والجيزة، بالإضافة إلى تظاهرات في محافظات مختلفة.
لكن على مرّ الأسابيع والأشهر، تصاعدت حملة القمع ضد المعارضة للانقلاب العسكري، حيث استخدمت القوات الحكومية القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين واعتقلت الآلاف منهم وذويهم. جرت محاكمة العديد من هؤلاء المتظاهرين دون احترام الإجراءات القانونية العادلة، وأدت هذه المحاكمات إلى أحكام جماعية بالإعدام والسجن المطول، وفقاً لتقدير منظمات حقوق الإنسان الدولية والمصرية.
حالياً، تشير الأرقام الرسمية إلى وجود ما بين 110 إلى 140 ألف سجين سياسي في مصر، بينهم 26 ألفاً لم يصدر بحقهم أحكام قضائية، طبقاً لتصريحات الإعلامي المصري الموالي للنظام، محمد الباز، نقلاً عن مصادر بمصلحة السجون المصرية.
تزداد الأرقام غير الرسمية المتعلقة بحال حقوق الإنسان في مصر، تأكيداً للصعوبات التي واجهها المعتقلون السياسيون خلال السنوات العشر الماضية. من خلال تقديرات منظمات حقوقية، نتعرف إلى وجود عشرات الآلاف من سجناء الرأي في السجون المصرية حالياً. بعضهم أدينوا بأحكام قاسية في محاكمات ملتوية، بينما يحتجز البعض الآخر احتياطياً لفترات تتجاوز غالباً العامين، وهو ما يتعارض مع القوانين المصرية.
خلال العقد الماضي، شهدت السجون المصرية تدهوراً مقلقاً في ظروف احتجاز السجناء، حيث تُمنح الرعاية الطبية وحقوق الزيارة بشكل تعسفي وانتقائي، بالإضافة إلى قضاء بعض السجناء سنوات طويلة في الحبس الانفرادي، وفقاً لمعلومات منظمات حقوق الإنسان.
تقرير لجبهة حقوق الإنسان المصرية يؤكد "الغياب التام" لمناقشة القضايا المهمة، مثل إطلاق سراح المحبوسين السياسيين في مصر، في إطار الحوار الوطني. يشير التقرير إلى أن هذه القضية كانت جزءاً من اتفاق جميع الأطراف المشاركة في الحوار من البداية، لكنها لم تلق المتابعة المناسبة.
وبحسب الجبهة، فإنه على الرغم من إفراج البعض من المحبوسين السياسيين البارزين، مثل زياد العليمي ومحمد الباقر وباتريك جورج وأحمد دومة، لا تزال هناك مطالبات متكررة بالإفراج عن آخرين مثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد القصاص. هذا الصمت تجاه بعض المحبوسين يسلط الضوء على تدهور حقوق الإنسان في مصر خلال السنوات الأخيرة.