تزايدت معدلات الجريمة التي يرتكبها سائقو مركبات "توك توك"، وهي الدراجات ذات العجلات الثلاث ذات المقصورة، المستخدمة في نقل الركاب، والتي لا تخلو منها محافظة مصرية. وتنوعت جرائم السائقين ما بين السرقة والخطف والتحرش والاغتصاب والقتل، بالإضافة إلى تعاطي المخدرات والاتجار بأنواعها المختلفة.
وتجددت مخاوف المصريين، من جرائم هؤلاء السائقين في الأيام الأخيرة، إثر ارتكاب أحدهم جريمة تشويه وجه فتاة عمرها 17 عاماً، عندما طعنها بآلة حادة، فأحدث فيها جرحاً بالغاً تسبب في "عاهة مستديمة" قاصداً تشويه وجهها، في حيّ أوسيم الشعبي بمحافظة الجيزة، وذلك لرفض الفتاة الزواج من المرتكب، لسوء سلوكه المعروف عنه في الحيّ.
مركبات الـ"توك توك" التي تغزو الشوارع المصرية تمتاز بصغر حجمها، وتمكّنها من دخول الحارات والشوارع الضيقة، واختصارها الوقت كوسيلة مواصلات، وإنجازها كثيراً من احتياجات المواطنين، خصوصاً في المناطق العشوائية والشعبية. لكنّ السكان بدأوا، مع ازدياد أعداد تلك الدراجات، يعتبرونها "نقمة"، خصوصاً مع الجرائم التي يرتكبها أصحاب السوابق والمنحرفون من بين السائقين. وبحسب بيانات وزارة التنمية المحلية، فإنّ عدد تلك المركبات في المحافظات المصرية تجاوز 3.5 ملايين مركبة، 80 في المائة منها غير مرخصة، ويعمل عليها الآلاف من الأطفال ما بين 10 سنوات و17 سنة، ويحملون الأسلحة البيضاء، ومن بينهم أصحاب سوابق خطيرة. وعلى الرغم من مشاكل هذا القطاع لم يجرِ تقنينه بشكل كامل، ووضع معايير له تحافظ على سلامة وأمن المواطنين، بترخيص وترقيم المركبات وتحديد سن معين لقيادتها بعد انتشار ظاهرة قيادة الأطفال لها، وسط مطالب بضرورة الترخيص وضبط قيادتها، بأن يكون لكلّ سائق ملف شامل، مع التحري عنه أمنياً.
تعددت الجرائم التي يرتكبها سائقو "توك توك" أو التي يساعدون فيها، ولعلّ أشهر هذه الوقائع هي حوادث السرقة، من بينها سرقة الهواتف وحقائب السيدات، عن طريق المغافلة أثناء السير. وقد وصل عدد بلاغات هذه السرقات في أقسام الشرطة خلال شهر يناير/ كانون الثاني الجاري إلى 25 بلاغاً. ومن الجرائم أيضاً إقدام سائق على خطف سيدة بمدينة المحلة في محافظة الغربية ومحاولة الاعتداء جنسياً عليها، وعندما فشل، سلبها هاتفها المحمول الذي كان نقطة البداية للقبض عليه. وفي محافظة كفر الشيخ، خطف سائق طفلاً بهدف إجبار أهله على دفع ديّة له. وفي أوسيم بالجيزة استخدم سائق دراجة "توك توك" في تجارة المخدرات، إذ ينقلها من تجار الجملة إلى الزبائن، إلى أن ألقي القبض عليه. كذلك، ارتكب، سائق في حلوان، جريمة اغتصاب لفتاة ذات إعاقة بعدما خطفها إلى مكان مجهول.
وهكذا، تحولت إمبراطوريات الـ"توك توك" في المحافظات المصرية، إلى وسيلة لممارسة كلّ الأعمال المخالفة للقانون، من دون أي رادع للسائقين، على الرغم من أهمية القطاع في بعض المناطق لعدم قدرة السيارات على الدخول إليها، لنقل المرضى على الأقل وكبار السن.
يرى محمود النحاس، وهو موظف في القطاع العام، أنّ مركبات الـ"توك توك" تحولت إلى جحيم، مطالباً بتطبيق القرارات الوزارية الخاصة بتقنين أوضاعها في مصر. ويشير نبيل محمود، وهو موظف في القطاع الخاص، إلى أنّ هذه المركبات، كانت وسيلة رزق لعدد من الشباب، لكن خلال السنوات الأخيرة تحولت إلى وسيلة إجرام، لوجود نسبة كبيرة من سائقيها من الخارجين عن القانون، بينما محاضر الشرطة مليئة بمثل هذه الجرائم التي تهدد المجتمع المصري وتبث الرعب والخوف فيه.
ويلفت علي محمود، وهو مهندس، إلى أنّ "التكاتك" ساهمت في ترك الحرفيين عملهم، بعدما اتجهوا لقيادتها، مطالباً بوضع حدّ للمهازل التي ترتكب يومياً، وتقنين المركبات للسيطرة على الحوادث التي انتشرت بشكل كبير، ما تسبب في الخوف والرعب في نفوس الأهالي، ناهيك عن استهلاكها البنزين المدعم في الأزقة، ما يزيد من تلوث الهواء.
من جهته، يقول المحامي فتحي زين العابدين، إنّ جرائم الـ"توك توك" متنوعة، ولصوصها أصبحوا يصطادون ضحاياهم بطريقة سهلة في الشوارع، خصوصاً الفتيات، لافتاً إلى أنّ أغلب سائقيها أطفال وبعضهم من المسجلين خطر والبلطجية والخارجين عن القانون، على الرغم من كونها تمثل حلاً لمشكلة البطالة لدى عدد من الشبان، ومصدر رزق لكثير من الأسر الفقيرة، كما ساهمت في حلّ مشاكل كثيرة في المواصلات، خصوصاً في المناطق النائية.
ويشدد على ضرورة مراقبة هذا القطاع، ووضع أصحاب المركبات تحت الرقابة، وعدم الترخيص للخارجين عن القانون منهم، لافتاً إلى أنّ جرائم السرقة بالإكراه التي يقوم بها بعض السائقين، لا يجوز التصالح فيها، كونها جرائم تهدد أمن واستقرار المجتمع وتكوينه. كذلك، يطالب بالبدء فوراً بإجراءات الترخيص، خصوصاً أنّ التصريحات الحكومية السابقة في هذا الخصوص بقيت مجرد تصريحات، على الرغم من انتشار عدد هائل من "التكاتك" غير المرخصة، وهو ما دفع كثيرين إلى المطالبة بإلغائها. يتابع أنّ الحوادث المرورية التي تتسبب فيها هذه المركبات زادت، خصوصاً أنّ السائقين يتبارون في السرعة الجنونية للحصول على راكب لتوصيله، وكسرهم كلّ معايير السلامة المرورية وضوابطها، مع ازدياد أعدادهم بشكل كبير جداً.