مطالب ليبية للتحقيق بقضية المقابر الجماعية في ترهونة

19 يونيو 2021
كُشف عن عدد من الجثث المدفونة في مقابر جماعية في مدينة ترهونة (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

عادت قضية المقابر الجماعية في ترهونة إلى الواجهة مجدداً، بعد أن وجّه نائبان من المدينة في مجلس النواب خطاباً إلى مكتب النائب العام يطالبان فيه بضرورة الكشف عن نتائج التحقيق في قضية المقابر. 

ومنذ منتصف العام الماضي، كُشف عن عدد من الجثث المدفونة في مقابر جماعية في مدينة ترهونة، جنوب شرق طرابلس، خلّفتها المليشيات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر في المدينة قبيل انسحابها منها، بعد انكسار حملة حفتر العسكرية للسيطرة على طرابلس. 

واشتكى النائبان محمد العباني وأبوبكر سعيد، في خطاب مشترك للنائب العام، منتصف الأسبوع الماضي، من "وجود تقصير وبطء شديدين في اتخاذ الإجراءات المفترض القيام بها في القضية، على الرغم من العدد الهائل من البلاغات المقدمة من أهالي الضحايا والمتضررين والذي تجاوز مئات البلاغات"، مؤكدين أنّ الكثير من الضحايا لا يزال مصيرهم مجهولاً بانتظار اكتشاف مقابر جديدة. 

وفيما أشار النائبان إلى أنّ التراخي الرسمي في ملاحقة القضية "تسبب في حرج شديد أمام تساؤلات واستفسارات أهالي الضحايا والمنكوبين المتضررين"، أكدا أنّ المتهمين بارتكاب الجرائم لا يزالون طلقاء حتى اليوم، مشددين على ضرورة الإسراع بإصدار مذكرات القبض بحق المتورطين وتقديمهم للعدالة. 

لكن اللافت في الخطوة هو تجاوب رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، مع مطالب النائبين، إذ تناقلت وسائل إعلام ليبية، أمس الجمعة، نصّ مراسلته للنائب العام، الصديق الصور، التي طالبه فيها بسرعة إجراء التحقيقات في قضية المقابر الجماعية في ترهونة لـ"معرفة الجناة وإخطار مجلس النواب بالنتائج في أسرع وقت ممكن". 

كذلك جاءت مطالبة صالح بعد أيام قليلة من لقائه بالنائب العام، الصديق الصور، في طبرق، قبل أسبوعين، لمناقشة "القيود التي تعرقل عمل النيابة العامة"، قبل أن ينتقل الصور الى بنغازي للقاء أعضاء السلك القضائي ومناقشة الصعوبات التي تعترضه. 

ويشير المحامي الليبي عبد الفتاح كندي إلى جملة من العقبات التي تعترض المضي في التحقيقات الجارية في قضية المقابر الجماعية، منها عدم وجود أي مسمى في القانون الليبي يمكن أن تستند إليه التحقيقات، وقال متحدثاً لـ"العربي الجديد" إنّ "مسمى المقابر الجماعية لا وجود له في نصوص القانون، لكن هناك مسمى القتل العمد، وأصبح المنفذ إلى القضية. وهناك عشرات المدفونين بطريقة بشعة، وعليهم آثار طلق ناري أو اختناق بالتراب، قتلوا أحياء، وغيرها من العلامات"، مشيراً إلى أنّ العمل وفق هذا السند القانوني يحتاج وقتاً طويلاً. 

 

لكن أهم العقبات التي يلفت إليها كندي هي عدم قدرة جهات التحقيق على الوصول إلى المتهمين بالقتل، وهم مليشيات الكاني التي كانت تسيطر على ترهونة والتي اتهمها أهالي الضحايا بقتل أبنائهم، ما يعد نقصاً كبيراً في الأدلة ومجريات التحقيق علاوة على أن جهود اكتشاف المقابر لا تزال مستمرة. 

وحتى مطلع الشهر الجاري، أعلنت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين الحكومية، اكتشاف مقبرتين جديدتين ضمتا أربع جثث، ليرتفع العدد الكلي للمقابر إلى قرابة 15 مقبرة جماعية، ضمنها ما يقارب 220 جثة. 

لكن بدرية الحاسي، الناشطة الحقوقية الليبية، تتساءل عن مدى تورط عقيلة صالح في القضية، كونه من كان يوفر الحماية السياسية لعدوان حفتر على طرابلس ويشرعن ميليشيا الكانيات، وقالت متحدثة لـ"العربي الجديد": "أعتقد أنّ صالح واقع تحت ضغوط ويريد أن يتنصل من القضية أو ربما للأمر علاقة بخلافاته مع حفتر".

ولفتت الحاسي إلى أنّ "النائب العام سبق أن أصدر قراراً بجلب 21 قيادياً من قيادات الكانيات للتحقيق معهم، لكن عدم القدرة على الوصول إليهم في بنغازي بعد فرارهم من ترهونة يعني وجود من يحميهم، وهو حفتر"، مشيرة إلى أنّ كثافة شهادات الأهالي بتورط الكانيات كفيل بجلبهم للتحقيق معهم. 

وأكدت أنّ القضية الآن "قضية من يوفر لهم الحماية وهم يتنقلون في بنغازي بكامل حريتهم". كذلك طالبت بضرورة لجوء السلطات المحلية إلى المجتمع الدولي لتحميله المسؤولية وللضغط على محكمة الجنايات الدولية التي سبق أن أرسلت بعثة لتقصي الحقائق دون أن تعلن عن خطوة أو نتيجة بشأنها. 

وتشير الحاسي إلى أنّ الأسئلة ووضع الغموض الذي يلفّ قضية المقابر الجماعية عديدة، منها تعلّقها بأطراف دولية تورّطت في حالة الصراع الليبي وتحديداً روسيا، عبر مرتزقة الفاغنر وأيضاً الدعم الفرنسي، وهما أكبر طرفين يمكن أن يعرقلا اتجاه التحقيق الدولي. 

وختمت بالقول: "لا أدل على ذلك من عرقلة روسيا لقرار أممي بشأن إدراج الكانيات في قائمة العقوبات الدولية منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ما اضطر واشنطن إلى تبني قرار أحادي خاص بها بشأن الكانيات".