مغاربة يلجأون إلى الحمير لنقل إمدادات إلى قرى عزلها الزلزال

14 سبتمبر 2023
مع إغلاق طرقات كثيرة بسبب الانهيارات كان لا بد من اللجوء إلى الحمير (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

مع استمرار إغلاق طرقات كثيرة نتيجة الانهيارات الأرضية الناجمة عن الزلزال الأخير، يعمد قرويّون مغاربة إلى طرق بدائية مستخدمين الحمير لنقل المؤن والإمدادات إلى السكان في المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها بالعربات، في حين يتفقّد آخرون أنقاض منازلهم وسط حزن إزاء فقدان من يحبّون.

وقد أودى زلزال المغرب، الذي بلغت قوته 6.8 درجات على مقياس ريختر وضرب جبال الأطلس الكبير ليل الجمعة الماضي، بحياة 2946 شخصاً، في حين أصاب 5674 آخرين بجروح، بحسب البيانات الأخيرة التي أعلنتها وزارة الداخلية المغربية، مساء اليوم الأربعاء. بذلك يكون هذا الزلزال الأسوأ لجهة عدد القتلى في المغرب منذ عام 1960 والأشدّ حدّة منذ عام 1900 على أقلّ تقدير.

على جانب طريق، يعمل إيدو حماد محمد (42 عاماً) من قرية أكنديز النائية في الأطلس الكبير على فرز حزم من إمدادات الإغاثة المخصّصة لقريته الواقعة على بعد 12 كيلومتراً، والتي لا يمكن الوصول إليها إلا بواسطة الحمير.

يقول إيدو إنّ أيّ مسؤول حكومي لم يصل إلى القرية بعد، مشيراً إلى أنّ "كثيرين ماتوا في قريتي. وقد فقدت عائلات 15 من أقاربها وأخرى 12 أو 7". يضيف إيدو: "نحتاج إلى الخيام خصوصا. فالمتوفّر لدينا ليس كافياً. الناس بمن فيهم الأطفال ينامون في العراء، ولا يملكون سوى أغطية".

الصورة
نقل إمدادات على الحمير إلى متضررين من الزلزال في المغرب (بولنت كيليتش/ فرانس برس)
تمثّل الحمير دعماً كبيراً لأهالي القرى النائية وسط الظروف الاستثنائية الأخيرة (بولنت كيليتش/ فرانس برس)

وقد جعلت التضاريس الوعرة والطرقات المتضرّرة الاستجابة الحكومية غير مكتملة، إذ كانت القرى الأكثر نكبة آخر التي تتلقّى المساعدة. وأنشئت مستشفيات ميدانية وملاجئ في مواقع يسهل الوصول إليها.

يقول عبد الله حسين (40 عاماً) من قرية زاويت في الأطلس الكبير: "لا طريق متوفّرا هنا. لا أحد يستطيع إزالة الصخور التي انهارت من الجبل". يضيف: "ما زلنا حتى اليوم ننام في العراء ولا نملك أغطية".

وفي حين يحمّل الحمير بمواد الإمدادات، يشير عبد الله إلى أنّها لا تستطيع القيام بالرحلة إلى قريته إلا مرّتَين يومياً.

من جهة أخرى، سُجّلت زيادة ملحوظة في عدد القوات المغربية والشرطة وعمّال الإغاثة على الطرقات القريبة من مركز الزلزال، اليوم الأربعاء. وقد أقيمت مخيمات أو وسّعت وازدحمت المستشفيات الميدانية، فيما حلّقت طائرات مروحية في الأجواء.

وفي قرية أوتاغري الصغيرة، التي سوّيت بالأرض، بالكامل تقريباً، وقُتل فيها أربعة أشخاص، أمضى ناجون خمس ليال منذ وقوع الزلزال في العراء، في فناء مدرسة، وهو أحد المساحات القليلة التي لم تطمرها الأنقاض.

لا يخفي سعيد حسين (27 عاماً) الذي عاد إلى القرية من مراكش لتقديم المساعدة بعد الزلزال أنّ "الأمر صعب حقاً. الجوّ بارد". يضيف أنّ الناجين يخشون الهزّات الارتدادية ويكافحون من أجل التأقلم مع الوفيات والدمار. وإذ يقول: "نكتم مشاعرنا"، يؤكد أنّ "الناس هنا يتّسمون بالصلابة... ولا يمكنهم إظهار أنّهم ضعفاء أو أنّ في مقدورهم البكاء. لكن في داخلك، تريد فقط التوجّه إلى مكان ما والبكاء".

وقد تلقّت القرية أخيراً شحنة من الخيام قدّمتها الحكومة المغربية، غير أنّها لم تكن مقاومة للمياه، الأمر الذي يمثّل مصدر قلق بالغ في منطقة جبلية تكثر فيها الأمطار والثلوج.

تقول نعيمة وازو (60 عاماً) التي فقدت ثمانية من أقاربها بسبب الزلزال: "سوف يأتي الشتاء قريبا وسوف يكون الوضع صعباً جداً على الناس، لا سيّما أنّ الحياة هنا كانت صعبة حتى عندما كان الناس يعيشون في منازلهم". تضيف أنّ "الثلوج تتساقط هنا، والخيام لن تحلّ المشكلة".

الصورة
بيوت متضررة من زلزال المغرب (الأناضول)
الأضرار كبيرة وكذلك الاحتياجات بالتالي (الأناضول)

من جهتها، تحوّلت بلدة تلات نيعقوب الصغيرة، التي تعرّضت لضرر بالغ، إلى نقطة إغاثة، ومن يحتج العلاج فسيتلقاه في سيارات إسعاف ركنت بجوار مخيّم للناجين.

وفي البلدة نفسها، تفقدّت الطالبة إيمان سعيد (19 عاماً) أنقاض منزلها بعد العودة من مدينة فاس حيث تتابع دراستها. تخبر أنّها فقدت عشرة أفراد من عائلتها في الزلزال، من بينهم شقيقها. وتشير إلى أنّ "كلّ ذكرياتي هنا... عائلتي وأصدقائي وجيراني".

تضيف إيمان: "كان أخي شاباً عطوفاً جداً. وكان جميع الجيران يعرفونه، وقد بكوه عندما مات لأنّه كان خدوماً ويقدّم يد العون للجميع". وتتابع أنّ "مستواه في المدرسة كان جيداً، وقد نجح في امتحان السنة الثانية من المرحلة الثانوية هذا العام".

(رويترز)