أقدم المحامي الحقوقي المصري خالد علي، اليوم السبت، على رفع دعوى ضدّ رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الداخلية محمود توفيق، ومساعده لقطاع مصلحة السجون اللواء طارق مرزوق، بالإضافة إلى مأمور سجن بدر (تأهيل 1)، على خلفية تعرّض مجموعة من السجناء السياسيين للإضاءة والتصوير على مدار 24 ساعة في اليوم.
وطالب علي في دعواه التي أقامها أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، موكلاً عن النائب السابق في البرلمان المعتقل زياد العليمي، بجعل مفاتيح التحكم في إضاءة الزنزانة المودع فيها موكله وآخرون بسجن بدر (1) من داخل الزنزانة، حتى يتمكن المحتجزون من التحكم في الإضاءة على النحو الذى يتوافقوا عليه، بدلاً من تشغيلها على مدار 24 ساعة، بما يؤثر بالسلب على صحتهم.
التعرض المستمر للإضاءة الصناعية وحدها، يتسبب في اضطرابات نفسية جسيمة مثل التوتر والقلق والاكتئاب
وطالبت الدعوى بوقف تنفيذ وإلغاء قرار المطعون ضدهم السلبي، بالامتناع عن إصدار قرار يقضي بأن يكون تشغيل الإضاءة في الزنزانة المودع فيها الطاعن من الخامسة عصراً، وإغلاقها في تمام الثانية عشرة ليلاً، حتى يتمكن النزلاء من النوم، بما ترتب على ذلك من آثار.
وأضافت الدعوى أن "العليمي ورفاقه في الحجز يعانون من تشغيل الإضاءة طوال الوقت، داخل زنزانة لا يتواجد بها أسرّة للنوم، وبها كاميرات مراقبة تعمل على مدار اليوم"، موضحة أن "الإضاءة داخل الزنزانة شديدة السطوع، وتعمل طوال الليل والنهار، ولا تغلق أبداً، وهو ما يمنع النزلاء فيها من الحصول على قدر كاف من النوم، وبالتالي التأثير على أعصابهم، والإضرار بصحتهم النفسية والبدنية".
وتابعت أن "نزلاء الزنزانة طلبوا من إدارة السجن إغلاق الإضاءة حتى يتمكنوا من النوم، وحاولوا التفاوض معها على تلك المواعيد، إلا أن الإدارة رفضت مطالبهم، على نحو يخالف المادة 56 من الدستور، والتي تنص على أن: السجن دار إصلاح وتأهيل، وتخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي، ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرّض صحته للخطر".
وأوردت الدعوى شهادة من أستاذة الطب النفسي في جامعة عين شمس عايدة سيف الدولة، تؤكد فيها أن "التعرض المستمر للضوء أثناء النوم قد يكون له تأثيرات سلبية على الصحة، وفق ما نشره فريق أبحاث هولندي من المركز الطبي لجامعة لايدن، من نتائج تفيد بالعثور على علامات مرضية على فئران تعرضت للضوء فترة طويلة".
وحسب الشهادة، فإن باحثين في الجامعة الهولندية عرّضوا مائة فأر للضوء المستمر لمدة 24 أسبوعاً، وأظهرت قياسات نشاط الدماغ عبر أقطاب كهربائية ربطت على رؤوس الفئران "وجود تغيير في أنماط الموصلات العصبية لها، بالإضافة إلى وجود تغييرات في الساعة البيولوجية".
وجاء في الدعوى أن "الدراسة أظهرت وجود علامات للالتهابات في جسم الفئران، علاوة على ضعف عام، وهرم في الجسم، وهشاشة في العظام"، مبينة أن "النوم العميق له تأثيرات على تكوين مناعة قوية للجسم، بينما تضعف قلة النوم أو تقطعه الجسم، وتساعد على ظهور علامات هرم مبكر".
واستندت الدعوى إلى العديد من الدراسات العلمية، التي أثبتت أن التعرض المستمر للإضاءة الصناعية وحدها، وما قد يترتب عليها من حرمان من النوم، يتسبب في اضطرابات نفسية جسيمة مثل التوتر والقلق والاكتئاب، فضلاً عن عدم قدرة الإنسان على التركيز، مستشهدة بما يحدث في سجون دولة الاحتلال بشأن تعذيب الأسرى الفلسطينيين، عن طريق تعريضهم للإضاءة لفترات طويلة، والذي يصنف حالياً ضمن وسائل التعذيب النفسي في السجون.
وفي وقت سابق، أعلنت أسرتا رجل الأعمال المصري صفوان ثابت، والسياسي البارز ورئيس حزب "مصر القوية" عبد المنعم أبو الفتوح، عن تعرّضهما لما وصفتاه بـ"القتل البطيء" في محبسهما في سجن بدر.
ورحّلت السلطات المصرية قبل أسابيع عدداً كبيراً من السجناء السياسيين، من معتقل "العقرب" الذي يقع جنوبي القاهرة، ويخضع لحراسة مشددة، إلى مجمع سجون "بدر" الجديد الذي يبعد نحو 55 كيلومتراً عن شمال شرقي العاصمة.
ورغم المدة الزمنية القصيرة التي أمضاها المعتقلون في مجمع السجون الجديد، إلا أن وتيرة الشكاوى من أوضاعه زادت سريعاً، وتركزت على أنواع جديدة من الانتهاكات، حسب ما رصدته منظمات حقوقية مصرية.
ووثقت "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" تعرّض بعض القادة السياسيين البارزين، من المعتقلين في سجن بدر، للشتم والإهانات من قبل موظفيه، إضافة إلى "تسليط كشافات الضوء بشكل مستمر داخل الزنازين التي يحتجزون فيها، ومراقبتها بالكاميرات على مدار 24 ساعة، في اختراق لخصوصيتهم، وتعمّد زيادة الضغوط النفسية عليهم".