تُبدي مئات الأسر المغربية مخاوفها من أن ينعكس قرار خمس تنسيقيات تعليمية مواصلة احتجاجاتها بمقاطعة عملية إدراج النقط عن طريق منظومة "مسار" (منظومة معلوماتية للتدبير المدرسي)، سلباً على مستقبل الطلاب الدراسي وعلى فرصهم التعليمية.
ولم يتمكن المئات من الطلاب إلى حد الساعة من التوصل بنقاط الأسدس الأول من العام الدراسي، الذي انتهى السبت الماضي، بسبب مقاطعة خمس تنسيقيات تعليمية (الزنزانة 10، خارج السلم، الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، ضحايا تجميد الترقيات، ضحايا النظامين) عملية إدراج نقط المراقبة المستمرة عبر منظومة "مسار"، وعدم تسليمها ورقيا للإدارة.
ولم يمنع إصدار العديد من المسؤولين في وزارة التربية الوطنية مذكرات تحث الأطر التربوية لوضع النقط في الآجال المحددة، ملوحين بعقوبات تأديبية في حق الممتنعين، من استمرار التنسيقيات الخمس، في خطوتها الاحتجاجية ضد عدم استجابة الحكومة لمطالبها.
وأثار عدم توصل الطلاب بعلاماتهم، مع نهاية الدورة الأولى من العام الدراسي، في 21 ديسمبر/ كانون الثاني الجاري، احتجاج العديد من الأمهات والآباء في المؤسسات التعليمية، متسائلين عن مآل وضع غير تربوي يعيشه أبناؤهم منذ أكثر من أسبوع.
واعتبر رئيس "فيدرالية جمعيات آباء وأولياء التلاميذ" نورالدين عكوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، رفض إدراج النقط في منظومة "مسار" "خطوة غير مقبولة" لإضرارها بمصلحة المتعلمين ولاسيما تلاميذ البكالوريا الذين يحتاجون إلى بيانات النقط لمتابعة الدراسة في بعض المعاهد خارج المغرب.
وقال عكوري:" الفيدرالية كانت إلى جانب رجال ونساء التعليم في مطالبهم العادلة، إلا أن هذه الخطوة لا يمكن القبول بها لأنها تسيئ إلى صورة المدرسة العمومية، خصوصا أن تلاميذ المدارس الخصوصية توصلوا بنتائجهم بشكل طبيعي بخلاف أقرانهم في التعليم العمومي، وهو أمر يؤثر سلبا على نفسيتهم".
ولفت إلى إن التلاميذ ظلوا "رهينة" في هذه العملية الاحتجاجية، وهو أمر يضر بمصلحتهم بدل أن نضمن لهم الجودة، كما تضرب مبدأ تكافؤ الفرص، خاصة أن تلاميذ العالم القروي والهوامش وتلاميذ المدارس العمومية هم من شملهم التأخر في الحصول على نتائجهم، على عكس تلاميذ التعليم الخصوصي.
وأوضح المتحدث ذاته أنه في إطار منظومة "مسار" يكفي ألا تدرج علامة مادة واحدة ليصبح من المستحيل الحصول على مستخرج النقط الذي يحتوي على معدل الدورة، لافتا إلى أن هذا الوضع تترتب عنه آثار نفسية وإدارية وتنظيمية، خاصة بالنسبة للمستويات الإشهادية والنهائية التي تستعمل هذه المستخرجات في الترشح للمدارس والمعاهد الوطنية والدولية ذات الاستقطاب المحدود.
بالمقابل، قال عضو لجنة الإعلام الوطنية لـ"التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد"، كريم الزغداني، إنه مع استمرار تجسيد خطوة عدم مسك النقط، تتعرض العديد من التنسيقيات لحملة تحريضية من طرف العديد من الأطراف داخل قطاع التعليم بغية التراجع عنها آخرها كانت تصريحات "فيدرالية الآباء والأمهات" عبر وسائل الإعلام أو إصدار بيانات عبر فروعها المحلية تدين الأساتذة كطرف أساسي يهدد مصلحة التلميذ.
وانتقد الزغداني مواقف "فيدرالية جمعيات آباء وأولياء التلاميذ" من خطوة مقاطعة مسك العلامات، وقال لـ"العربي الجديد":" أين كانت هذه الفيدرالية عندما بيعت العديد من المدارس العمومية؟ ألم يستفزها الوضع الكارثي للمدرسة العمومية من اكتظاظ وغياب مرافق ملائمة للتلاميذ في المؤسسة؟".
وأضاف: "يكفي أن نتجول في العديد من المؤسسات التعليمية سواء في المجال القروي أو الحضري ونرى الوضع الكارثي التي تعيشه في ظل صمت رهيب من فيدرالية الآباء و الأمهات. وبدوري كأستاذ، فإني أحملها المسؤولية هي أيضا عن الوضع الكارثي لمجموعة من المؤسسات التعليمية بسببها صمتها لسنوات، إذ لا نراها ولا نسمعها إلا عندما يتعلق الأمر باحتجاجات الشغيلة التعليمية للمطالبة بحقوقها المشروعة".
وتابع: "مستمرون في هذه الخطوة مع باقي التنسيقيات، ولم نكن يوما ضد مصلحة التلميذ، إذ دائما ندافع عنها قولا وفعلا، والتاريخ يشهد على ذلك بوقوفنا صدا منيعا ضد بيع عديد المدارس العمومية".
وكانت الحكومة المغربية قد أعلنت، في 14 يناير/ كانون الثاني الجاري، توقيع اتفاق مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، يتضمن المبادئ الأساسية للنظام الأساسي لرجال التعليم، وذلك بعد سنة على إطلاق الحوار بين الطرفين.
وجاء الإعلان عن التوقيع على الاتفاق مع النقابات التعليمية في وقت شهد فيه القطاع منذ بداية العام الدراسي الحالي، احتقانا مع موجة احتجاجات قادتها نقابات وفئات تعليمية عدة رفضا لما آلت إليه المخرجات الأولية للحوار بين وزارة التربية الوطنية والاتحادات التعليمية، ودفعها إلى الاستجابة لمطالب العاملين في القطاع.