استمع إلى الملخص
- **تصميم المقهى وأجواؤه**: يجمع المقهى بين الحداثة والماضي، مع ديكور خشبي وإضاءة ممتازة ونباتات صغيرة، مما يجعله مثالياً للاسترخاء والدراسة والعمل، ويمنع النارجيلة والضجيج.
- **تحديات جوان ودعم الزبائن**: واجهت جوان تحديات كبيرة لكنها أصرت على النجاح، وأصبحت قدوة للشابات في البصرة، حيث يدعم الزبائن المشروع باستمرار ويشيدون بمذاق القهوة والأجواء الفريدة.
تضع الشابة المتحدرة من مدينة البصرة في العراق، جوان جميل، أكواباً مميّزة من بلدان مختلفة اختارتها بعناية على رفّ خُصّص للفت أنظار أشخاص يفضّلون أشكالاً معينة من هذه الأكواب لشرب القهوة داخل مشروعها الخاص "كافيه جوان".
تقول لـ"العربي الجديد": "كنت أحلم منذ عام 2019 بمكان أُحقق فيه فكرتي الجديدة لإنشاء مقهى، علماً أنني فشلت في تأسيس المشروع في شوارع تجارية وضمن مولات حديثة تستقطب الكثير من الناس، ثم وجدت ضالتي في هذا المكان بمنطقة بريهة، مركز مدينة البصرة القديمة". تضيف: "لم أشأ أبداً أن يكون المقهى مثل مقاهٍ أخرى على صعيد الشكل والمحتويات والمنتجات التي يقدمها، فأنا أتمسّك بمحاولة إعادة مرتادي المقهى إلى زمن الصحف والكتب والحوارات الثقافية ورائحة القهوة والمكسرات والمعجنات التي أضعها بعناية لهم".
يجمع مقهى جوان ذو الهوية الخاصة التي أنشأتها بين الحداثة والماضي، فالخشب الأصلي الذي يملأ المكان يمنح الرواد انطباعات وأحاسيس تجعلهم يشعرون بأنهم يجلسون في مقهى من سبعينيات القرن الماضي، والإضاءة الموزّعة بطريقة ممتازة والنباتات والزهور والشجيرات الصغيرة الموضوعة في الداخل تصنع لكل طاولة خصوصية فريدة، وتزيد الحماس لاحتساء قدح من القهوة أو الشاي للاسترخاء والتجمّع لإجراء أحاديث ونقاشات وللدراسة والعمل.
في الصباح يرتاد مقهى جوان طلّاب جامعيون وجدوا أجواء هادئة في المكان. يقرأ بعضهم الدروس وينفذون الواجبات، ما يجعل المشهد المسيطر على المكان وجود كمبيوتر محمول مفتوح على كل طاولة منفردة، وكوب قهوة أو شاي إلى جانب أشخاص باتوا يفضّلون هذا المقهى على غيره من أجل إنجاز أعمالهم ومهماتهم في كل المجالات. وبلهجة مدينة البصرة تتحدث جوان، وهي من أبٍ كردي وأمٍّ من البصرة، عن حياتها وتحدياتها، وكيف وجدت طريقها نحو صناعة اسم لها في عالم المقاهي.
وتشير إلى أنها "تمنع النارجيلة والضجيج في المقهى، وتحافظ على كونه ملتقى للطلاب والشباب وكل من يبحث عن مكان يبتعد فيه عن ضجة الحياة وصخبها، ويلجأ إلى كوب إنكليزي يضع فيه قهوة كردية فيستعيد اتزانه ثم يعود لاستكمال حياته".
تتابع في وقت يضج المقهى بزبائن من مختلف الأعمار والفئات: "ليس المشروع مجرد مقهى، بل تجربة شابة جنوبية ستفتح طريقاً لأخرى تنفذها أخريات يردن أن يكون لهن اسم في عالم العمل الخاص. وأفتخر بأنني صرت قدوة لمن يردن أن يفتتحن مشاريعهن الخاصّة، وقد يشجع على كسر القيود المجتمعية، فالبصرة ترحّب بالجميع".
وواجهت جوان تحديات كثيرة، لكنها أصرّت على المضي في تنفيذ مشروعها وإنجاحه، وعانت لافتتاح مقهى يحمل اسمها حتى بات المقهى يدلّ على المواقع في البصرة القديمة التي أنتجت علامات فارقة في تاريخ العراق.
وتوضح أنها لم تشأ أن تبقى رهينة العمل الأهلي، وتقول: "جربت قدراتي كثيراً في الشركات والمؤسسات الأهلية، لكنني فشلت في الانسجام بسبب حجم الضغط الذي يتعرض له الموظفون، لذا قررت تأسيس مشروعي الخاص الذي كان حاضراً معي منذ بداية دخولي سوق العمل، فإنشاء عملي الخاص يُبعدني عن مشاكل كثيرة في العمل الأهلي".
ويشير زبائن مقهى جوان الذين استطلع "العربي الجديد" آراءهم إلى أن "إدارة شابة لمقهى أمر يدعو إلى الفخر، خصوصاً في مدينة البصرة حيث تواجه المرأة قيوداً كبيرة، تبدأ من العائلة ولا تنتهي على صعيد مواجهة المجتمع وعاداته وتقاليده".
يقول محمد أحمد (30 عاماً)، وهو زبون دائم في المقهى، لـ"العربي الجديد": "توافد الشباب إلى هذا المكان جزء من دعم المشروع وبقائه وتطوره، وهذا رأي زبائن كثيرين يحرصون على إظهار الالتزام بهذا المكان المميّز. وهذا أمر لافت، فبقاء المشروع وتطوّره يعتمدان على دعم الآخرين له، وهو من المشاريع التي تستحق الدعم". يضيف أحمد: "ليس سهلاً أبداً أن يؤسس شخص مشروعاً خاصاً في البصرة، فالتنافس كبير، خصوصاً في المقاهي الكثيرة والمتنوعة، وهناك رؤوس أموال ضخمة تحاول فرض نفسها على المشاريع الناشئة من خلال جذب العلامات العالمية، وفتحها في مراكز المدن".
ولا يخرج أحد من مقهى جوان إلا وهو عازم على تكرار العودة إليه، فمذاق القهوة مختلف فيه، بحسب ما يقول بعض الزبائن، أما الباقون فيؤكدون أن المقهى في البصرة ذو طابع خاص، لا سيما من يأتون من محافظات عراقية أخرى، أو المغتربون الوافدون من خارج البلاد.