ملاحقات قضائية للدروس الخصوصية تثير جدلاً في تونس

19 نوفمبر 2024
تلاميذ في إحدى مدارس تونس، في 15 سبتمبر 2023 (الأناضول)
+ الخط -

تُلاحق سلطات تونس الدروس الخصوصية خارج المؤسسات التعليمية، استناداً إلى منشور أصدرته وزارة التربية يحظر على المدرسين في مختلف المستويات تقديم هذه الدروس لفائدة التلاميذ خارج فضاء المؤسسات التربوية العمومية، وسط جدل بشأن إصلاح منظومة التعليم وتحصين المكانة الاعتباريّة لرجال التعليم وضمان العدالة والإنصاف بين جميع التلاميذ.

وأصدرت وزارة التربية في 12 نوفمبر /تشرين الثاني 2024، قراراً بحظر تقديم الدروس الخصوصية خارج فضاء المؤسسات التربويّة الحكومية، مع إمكانية تسليط عقوبات على المدرسين المخالفين. ووفق المنشور يتعرّض كل مخالف "للإيقاف التحفّظي عن العمل والإحالة على مجلس التأديب، بالإضافة إلى تسليط العقوبات المستوجبة بما في ذلك عقوبة العزل، علاوة على المتابعات العدليّة".

في هذه الأثناء، أعلنت منظمة الدفاع عن المستهلك وضع خط هاتفي للتبليغ عن المدرسين المخالفين، الأمر الذي دفع إلى إغلاق عدة مراكز للدروس الخصوصية. وأدّت زيادة الطلب على الدروس الخصوصية خلال السنوات الماضية إلى بروز مراكز خاصة توفر قاعات لفائدة المدرسين لتقديم الدروس خارج المؤسسات التعليمية.

جدل حول منظومة التعليم في تونس

وفجّرت ملاحقة المدرسين الذين يقدّمون دروساً خصوصية خارج الفضاءات التعليمية الحكومية، جدلاً بشأن إصلاح منظومة التعليم في تونس وتحصين المكانة الاعتباريّة للمربين والأساتذة وضمان العدالة والإنصاف بين جميع التلاميذ.

وقال عضو الجامعة العامة للتعليم الأساسي، إقبال العزابي، إنّ "الملاحقات القضائية للمدرسين تحولت إلى خبر يومي، كما أن استدعاءهم للتحقيق لدى المراكز الأمنية أو القضاء يتم أحياناً بناء على تهم كيدية توجه ضدهم من دون أي اثبات أو حماية. وأكد العزابي في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ المدرسين "يقدمون دروساً خصوصية بناء على طلب ملحّ من الأولياء الذين يرغبون في تحسين قدرات أبنائهم"، مؤكداً أن" الدروس الخصوصية هي الشجرة التي تحجب غابة الصعوبات التي يعانيها النظام التعليمي في البلاد".

واعتبر المتحدث أن "موطن الداء في المنظومة التربوية ليس الدروس الخصوصية أو الفضاءات التي تقدم فيها، بل ثقل المناهج التربوية وكثافة الفصول ونقص الإمكانيات في المدارس، ما يعيق دور المعلّمين في تقديمها في ظروف جيدة ". وأشار المسؤول النقابي إلى أن "إثارة موضوع الدروس الخصوصية وتحويله إلى ملف رأي عام وطني سبق انطلاق المفاوضات بين الجامعة العامة للتعليم الأساسي والوزارة بشأن تحسين الوضع المهني والمادي للمدرسين". وتابع" تناضل النقابات التربوية منذ سنوات من أجل تحسين ظروف عمل المدرسين وتخفيف المناهج، وهو ما سيؤدي لاحقاً عن الاستغناء عن الدروس الخصوصية التي يلجأ إليها الأولياء لتحسين المكتسبات العلمية لأبنائهم".

ونبّهت وزارة التّربية التونسية، "كافّة الأولياء إلى مخاطر الانخراط في هذه الظاهرة ودفع أبنائهم إلى تلقي دروس خصوصيّة خارج فضاءات المؤسّسات التربويّة العموميّة والإطار القانوني المنظم".

يشار إلى أنّ تقديم الدروس الخصوصية خارج أسوار المؤسسات التربوية أو المركّبات المرخّص لها، محظور في تونس. ورغم هذا المنع، الظاهرةُ منتشرةٌ بشكل واسع حيث يبلغ إنفاق الأسر على الدروس الخصوصية لتلميذ واحد شهرياً 94 ديناراً تقريباً أي نحو 30 دولاراً في المرحلة الابتدائية وفق دراسة أصدرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سنة 2023.

وكشفت الدراسة ذاتها، أن 67 % من التلاميذ في المرحلة الابتدائية يتلقون دروساً خصوصيّة، وأن 36% من بينهم يتلقونها في حضانة مدرسيّة، 42 % في منزل المدرّس، 14 % في المدرسة العموميّة، 5 % في منزل التلميذ و3 % في مركز لغات. كما أبرزت نتائج الدراسة أن 83 % من محتوى الدروس الخصوصيّة في ما يخص الابتدائي هو دعم للدرس الذي تلقّاه التلاميذ في القسم عبر تمارين إضافية، وأن 12% من الدروس تخصص للمساعدة على القيام بالواجبات المدرسيّة.

وخلال السنوات الأخيرة، خلقت ديناميكية سوق الدروس الخصوصية نشاطات موازية من بينها منصات الدعم الرقمي للتلاميذ التي يصل الاشتراك السنوي فيها إلى أكثر من 1200 دينار أي نحو 385 دولاراً، إلى جانب إحداث بنايات مهيأة توضع على ذمة المدرسين لتقديم الدروس الخاصة.

المساهمون