عائلات المغاربة المحتجزين في ميانمار قلقة على مصيرهم

22 مايو 2024
وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في مؤتمر بالرباط، 26 فبراير 2024 (فاضل سينة/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أسر المغاربة المحتجزين في ميانمار وتايلاند تعيش في قلق بعد انقطاع التواصل مع أبنائها، مطالبة الحكومة المغربية بالتحرك لتحرير أكثر من 140 شابًا محتجزًا تحت ذريعة التجارة الإلكترونية.
- فيديو يوسف من أزيلال يكشف مأساة الشباب المغربي المحتجز في ميانمار كضحايا للاتجار بالبشر والاحتيال الإلكتروني، مما دفع العائلات للضغط على الحكومة للتدخل وإنقاذهم.
- النيابة العامة في المغرب تفتح تحقيقًا بعد الضغوطات، في محاولة لكشف شبكات الاتجار بالبشر التي توهم ضحاياها بفرص عمل مغرية، وسط آمال بتحرك سريع من السلطات لإنهاء المأساة.

تترقّب أسر عشرات الشابات والشبان المغاربة المحتجزين في ميانمار بخوف وقلق مصير أبنائها، في ظل استمرار انقطاع التواصل مع أربعة منهم مباشرة بعد إطلاق سراحهم أول من أمس الاثنين، داعية إلى فتح تحقيق في مصير أزيد من 140 شاباً مغربياً موجودين حالياً في تايلاند تحت ذريعة التجارة الإلكترونية رفقة أحد المؤثرين المعروفين.

ومنذ أسابيع، تعيش عائلات المغاربة المحتجزين في ميانمار بالمناطق الحدودية حالة من القلق، جراء ما تعتبره تأخراً كبيراً من قبل الحكومة المغربية في إيجاد حلّ لملفهم وإنهاء معاناتهم المستمرة.

مأساة المغاربة المحتجزين في ميانمار

وكان ملف الشباب المغاربة المحتجزين في ميانمار ضحايا الاتجار بالبشر قد تفجّر عقب كشف الشاب المغربي يوسف من مدينة أزيلال في فيديو نشره على "إنستغرام"، بداية الشهر الحالي، عن مأساة عشرات منهم محتجزين من قبل جماعات مسلحة وعصابات للاتجار بالبشر، وإجبارهم على العمل في تايلاند ضمن شبكات احتيال إلكترونية.

الفيديو أثار صدمة واسعة، فقد كشف عن معاناة عشرات الشابات والشبان المغاربة المحتجزين في ميانمار الذين وجدوا أنفسهم محتجزين في أماكن مغلقة، ومُجبرين على العمل من دون مقابل، بعدما وقعوا في فخ شبكات الاحتيال. وسائل الإعلام المحلية نقلت تفاصيل هذه المأساة، حيث أكد أحد الضحايا أن عملية الاختطاف جرت بطريقة مدروسة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبعد أشهر من الانقطاع، تمكنت شقيقة أحد الضحايا من العلم بمكان وجودهم وتعرضهم لتعذيب شديد، بما في ذلك الصعق بالكهرباء والتعليق لساعات طويلة.

وتسعى العائلات التي تعيش أوضاعاً نفسية صعبة لدفع الحكومة إلى التحرّك لتحريرهم وإعادتهم سالمين من المنطقة الحدودية بين تايلاند وميانمار، متطلعة إلى أن تسفر الزيارة التي قام بها نائب وزير العدل الصيني والوفد القضائي المرافق له إلى المغرب، والمباحثات التي أجراها مع السلطات المغربية الأسبوع الماضي، عن استعادتهم.

وفي السياق، يقول عضو من لجنة عائلات ضحايا الاتجار بالبشر بميانمار، تحفظ عن ذكر اسمه لأسباب أمنية، لـ"العربي الجديد" اليوم الأربعاء: "إلى حد الساعة يظل مصير الشبان الأربعة مجهولاً بعد انقطاع التواصل معهم مباشرة بعد تقديم الفدية، وهو أمر يقلق ويحزن العائلات التي استنفدت جهودها وتعرضت للنصب. أعتقد أنه آن الأوان أن تتحمل وزارة الخارجية مسؤوليتها".

يضيف: "نناشد كعائلات الخارجية المغربية تكثيف وتسريع مجهوداتها، خاصة أن الوضع ازداد تعقيداً ولم يعد يقتصر على الاختطاف، وإنما تعداه إلى فقدان محررين تم دفع فدية من أجل إطلاق سراحهم"، مشيراً إلى أن "الوزارة لم تتواصل إلى حد الساعة مع العائلات، ولم تطلعنا على الجهود التي تقوم بها رغم التحركات التي باشرنا بها في الأسابيع الماضية، ومنها تنظيم وقفة احتجاجية".

وبينما طالب مصدر "العربي الجديد" الخارجية المغربية بالعمل على الإفراج عن المحتجزين وتأمين عودتهم إلى بلادهم وتقديم المساعدة إليهم، دعت لجنة العائلات، في بيان لها أمس الثلاثاء، الوزارة إلى تبني مقاربة تشاركية في تدبير الملف، والانفتاح على جهود الديبلوماسية الموازية وعلاقات الصداقة التي تجمع العائلات مع عدد من المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في مجال مناهضة الاتجار بالبشر في تايلاند، والتي ساعدت ولا تزال في تحرير وإيواء وحماية ومساعدة عدد من المغاربة المحررين. كما دعت سفارتا تايلاند وماليزيا لوضع خطوط اتصال مفتوحة للتبليغ والتواصل والتنسيق بين العائلات والضحايا والسفارتين.

يقول عضو لجنة العائلات إن هذه الأخيرة عرضت وساطة في إطار الدبلوماسية الموازية بناء على تجربة أحد أعضاء اللجنة الذي قاد جهوداً استمرت لسبعة أشهر من أجل إطلاق سراح ابنته الناجية الوحيدة من جحيم ميانمار، مشيراً إلى أنه في ظل عدم وجود علاقات دبلوماسية مع هذا البلد الآسيوي الذي يعيش على وقع الحرب، يمكن فتح قنوات تواصل مع عدد من المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في مجال مناهضة الاتجار بالبشر بتايلاند، من بينها على الأخص منظمة "GAP" التي ساعدت ولا تزال في تحرير وإيواء وحماية ومساعدة عدد من المغاربة المحررين.

ويشير المتحدث إلى أنه بالإضافة إلى دور المنظمة التايلاندية، تشكل سيطرة الجيش الديمقراطي البوذي DKBA، منذ 7 إبريل/ نيسان الماضي، على المنطقة، عاملاً في صالح المحتجزين، مضيفاً: "إلى حد الساعة، لم يتم مع كامل الأسف التواصل معنا من قبل الخارجية ولم يردوا على مبادرتنا ولا على المنظمة التايلاندية التي أبدت استعدادها للعب دور في إطلاق سراح المغاربة المحتجزين".

وبخصوص عدد المغاربة ضحايا الاتجار بالبشر في الحدود بين تايلاند وميانمار، قال المصدر ذاته إن الأعداد متضاربة، لكن الترجيحات تذهب في اتجاه أن يصل العدد إلى 200 محتجز.

ويأتي ذلك في وقت دعت العائلات الحكومة المغربية إلى فتح تحقيق في مصير أزيد من 140 شاباً مغربياً موجودين حالياً في تايلاند تحت ذريعة التجارة الإلكترونية رفقة أحد المؤثرين المعروفين، و"الذي لا يتوانى هو وصديقه عن تكذيب العائلات والإعلام والاستهزاء بالموضوع بغية إقناع مزيد من الشباب والتغرير بهم ليجدوا أنفسهم ضحية عصابات دولية للاتجار بالبشر والجريمة الإلكترونية"، وفق بيان العائلات.

وكانت لجنة عائلات ضحايا الاتجار بالبشر بميانمار قد حمّلت، الجمعة الماضي، "المسؤولية للصين بشكل مباشر في هذا الأمر"، مشيرة في مؤتمر صحافي نُظم بالرباط إلى أنّ "جميع المحتجزين المغاربة هم في قبضة مافيا صينية، وعلى الصين أن تتحمل مسؤولياتها، وتلعب دورها".

في المقابل، كانت النيابة العامة في المغرب قد أعلنت في 15 من الشهر الجاري عن فتح تحقيق في هذا الملف بعد أن "تم الاستماع لبعض الضحايا وعائلات البعض الآخر منهم، لا سيما الذين تقدموا بشكايات في الموضوع، إذ أظهرت نتائج الأبحاث الأولية كون الأمر يتعلق بوجود شبكات إجرامية متخصصة في الاتجار بالبشر تنشط بالمناطق الحدودية لميانمار". وبينت النيابة العامة أن هذه الشبكات "توهم ضحاياها بإبرام عقود عمل بالمناطق المذكورة تحت غطاء عمل بشركات دولية للتجارة الإلكترونية، مقابل أجرة (راتب) مغرية".