كشفت دراسة جديدة نشرت في المجلة الطبية البريطانية (BMJ) أن نحو مليار شاب قد يفقدون السمع بسبب الموسيقى الصاخبة، إذ يؤثر الصوت المرتفع على سمع الإنسان. وبحسب الدراسة، فإن 24 في المائة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و34 عاماً يستمعون إلى "مستوى غير آمن" من الأصوات عبر الهاتف أو الأجهزة اللوحية أو خلال وجودهم في أماكن صاخبة.
وحذر التقرير العالمي الأول عن السمع، الصادر عن منظمة الصحة العالمية عام 2021، من وصول عدد الأشخاص المتعايشين مع فقدان السمع بدرجة ما إلى نحو 2.5 مليار شخص في العالم، أي 1 من كل 4 أشخاص، بحلول عام 2050. وسيحتاج ما لا يقل عن 700 مليون من هؤلاء الأشخاص إلى الحصول على الخدمات الخاصة برعاية الأذن والسمع وسائر خدمات التأهيل، ما لم يُتخذ إجراء في هذا الشأن. كما يحتاج أكثر من 5 في المائة من سكان العالم، أي 430 مليون شخص، إلى التأهيل لمعالجة فقدان السمع "المسبب للإعاقة" (432 مليون بالغ و34 مليون طفل).
ويواجه أكثر من مليار شخص تتراوح أعمارهم بين 12 و35 عاماً خطر فقدان السمع بسبب التعرض لفترات طويلة وبإفراط للموسيقى الصاخبة وغيرها من الأصوات أثناء الأنشطة الترفيهية، بحسب منظمة الصحة العالمية. وقد تكون لذلك عواقب مدمرة على صحتهم البدنية والنفسية وفرص تعليمهم وعملهم.
وكثيراً ما يحدث فقدان السمع بشكل تدريجي مع التقدم في العمر (الصمم الشيخوخي)، وهو حالة شائعة. ويُقال عن الشخص الذي لا يستطيع أن يسمع بالجودة نفسها التي يسمع بها الشخص الذي يتمتع بالسمع العادي ــ عتبة السمع 25 ديسيبلاً أو أفضل في كلتا الأذنين ــ إنه مصاب بفقدان السمع. وقد يكون فقدان السمع خفيفاً أو متوسطاً أو شديداً أو بالغ الشدة. وربما يصيب أذناً واحدة أو كلتا الأذنين، ويؤدي إلى صعوبة سماع الكلام أثناء الحوار أو الأصوات العالية.
في هذا السياق، يقول أخصائي أمراض الأنف والأذن والحنجرة أحمد حطيط لـ "العربي الجديد": "تتنوع الأسباب التي تؤدي إلى فقدان السمع، من بينها الضجيج أو الأصوات الصاخبة التي تؤدي إلى تلف الناقلات العصبية في الأذن، وقد تكون الإصابة خفيفة أو معتدلة. وفي بعض الأحيان، قد تؤدي إلى فقدان السمع كلياً. بالإضافة إلى ما سبق، ربما يفقد المريض السمع نتيجة تعرضه لحادث معين، أو بسبب تشوهات خلقية خلال مرحلة الحمل والولادة".
وتشير الكثير من الدراسات إلى إمكانية أن يفقد الأشخاص سمعهم نتيجة تعرضهم لأصوات عالية. وفي حال تعرض الأشخاص إلى أصوات تتخطى 85 ديسيبلاً وأكثر على مقياس شدة الصوت (أو الشدة الصوتية وهي الطاقة التي تحملها الموجات الصوتية لكل وحدة مساحة في اتجاه عمودي على تلك المنطقة)، فقد يؤدي ذلك إلى أضرار في الأذن وتكون دائمة في بعض الأحيان. ويلفت حطيط إلى أن الأصوات العالية، وإن لم تسبب فقدان السمع، إلا نها ترهق الخلايا العصبية، ويبدأ الشخص بفقدان القدرة على السمع تدريجياً.
وتشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى أن الضوضاء تؤثر بشكل غير مباشر على خلايا الأذن، وقد تؤدي إلى فقدان السمع تدريجياً. ويفيد تقرير صادر عنها بأن تدمير الخلايا الشعرية في الأذن يؤدي إلى ضعف في السمع مع مرور الوقت.
يولد الشخص بحوالي 16,000 خلية شعر في الأذن، وتسمح هذه الخلايا باكتشاف الأصوات. ومع التقدم في العمر، يمكن أن يتلف ما بين 30 و50 في المائة من خلايا الشعر. لذلك، فإن فقدانها بسبب الضجيج أو الضوضاء قد يؤدي إلى فقدان السمع باكراً. ويحدث بعد مغادرة حفل صاخب أن يشعر الأشخاص بعدم القدرة على السمع جيداً، بالإضافة إلى طنين في الأذن. ويحتاج المرء إلى بضع ساعات، وأحياناً إلى أيام، ليعود السمع إلى ما كان عليه. ويؤدي التعرض المتكرر للضوضاء والموسيقى الصاخبة إلى تدمير العديد من خلايا الشعر مع مرور الوقت.
عمد باحثون في جامعة كارولينا الجنوبية (الولايات المتحدة) إلى تحليل دراسات سابقة متعلقة بأجهزة الاستماع الشخصية وأماكن الموسيقى الصاخبة، أعدت ما بين عامي 2000 و2021 وشملت ما يزيد قليلاً عن 19,000 شخص.
وأشاروا إلى أن 23 في المائة من البالغين و27 في المائة من القصّر تعرضوا للضوضاء بشكل مفرط من خلال أجهزة الاستماع الشخصية، وقدروا أن ما يقارب 48 في المائة من الأشخاص، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و34 عاماً حول العالم، يتعرضون للضوضاء بشكل مفرط في الأماكن التي تعتمد على بث الموسيقى الصاخبة، مثل النوادي أو الحانات. بالتالي، فإن عدد المراهقين والشباب الذين قد يتعرضون لخطر فقدان السمع بالنتيجة يتراوح ما بين 0.67 مليار و1.35 مليار شخص.
وأوضح الباحثون أن النتائج لم تأخذ في الحسبان العوامل الديمغرافية أو "التغيرات في السياسة المتعلقة بالاستماع الآمن في بعض البلدان"، لكنهم خلصوا إلى أن التعرض للموسيقى الصاخبة، سواء في الحانات والمنازل وغيرها، أو من خلال أجهزة الاستماع الشخصية، قد يؤدي إلى فقدان سمع نحو مليار مراهق وشاب. وتسلط هذه النتائج الضوء على الحاجة الملحة لتنفيذ سياسات تركز على الاستماع الآمن بهدف الوقاية من فقدان السمع".