ما زالت أزمة المياه ترخي بثقلها على النازحين السوريين في مخيّمات الشمال، في حين تؤرّق المعنيّين بشؤون هؤلاء والقائمين على تلك المخيّمات، لا سيّما مع اقتراب فصل الصيف والحاجة الملحّة إلى ذلك العنصر الأساسي وسط الحرّ الشديد المتوقّع. وقد أوضح فريق "منسقو استجابة سورية" أنّ "العائلات النازحة في المخيّمات تنفق ما يقارب 20 في المائة من إجمالي دخلها على المياه في فصل الشتاء، وترتفع النسبة إلى 33 في المائة في فصل الصيف".
ولفت الفريق "منسقو استجابة سورية" في بيان، اليوم الخميس، إلى أنّ أزمة المياه تطاول المخيّمات العشوائية وغير العشوائية الواقعة شمال غربي سورية على حدّ سواء. وفي حين تعاني 85 في المائة من المخيّمات العشوائية من عدم القدرة على توفير احتياجات سكانها من المياه، فإنّ النسبة المسجّلة في المخيّمات الأخرى هي 55 في المائة.
أضاف الفريق أنّ عدد المخيّمات المحرومة من المياه النظيفة والمعقّمة بلغ 590 مخيماً، وسط احتمال زيادة في حال توقّفت مشاريع المياه عن مخيّمات أخرى. وتابع أنّ "42 في المائة من المخيّمات المذكورة تعاني من انعدام المياه منذ أكثر من خمس سنوات، و37 في المائة منها تعاني من انعدام المياه منذ سنتَين، و21 في المائة من إجمالي المخيّمات تعاني منذ ستة أشهر من أزمة المياه".
وتحدّث الفريق في بيانه نفسه عن احتمال "زيادة الأمراض الجلدية في المخيّمات نتيجة استخدام المياه الملوّثة وانعدام خدمات الصرف الصحي"، مذكّراً "المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة بواقع المياه في مخيّمات النازحين التي يقطنها أكثر من مليون" شخص. وبيّن الفريق أنّ "78 في المائة من المخيّمات تعاني من انعدام الصرف الصحي، كما أنّ مخيمات عديدة فيها دورة مياه واحدة لكلّ 65 شخصاً"، مناشداً في الوقت نفسه "المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري العمل على تأمين المياه الصالحة للشرب للنازحين، منعاً لانتشار الأمراض والأوبئة من ضمن المخيّمات".
في هذا السياق، قال مدير مخيم "أهل التح" الواقع في منطقة باتنته بريف إدلب الشمالي عبد السلام اليوسف لـ"العربي الجديد" إنّ "مخيّم أهل التح هو مخيّم عشوائي تقطن فيه نحو 260 عائلة، أي ما يقارب 1900 شخص"، مضيفاً أنّ "مؤسسة بناء للتنمية توفّر له الخدمات، لكنّ كميّات مياه الشرب المقدّمة قليلة جداً". وشرح اليوسف أنّ "المؤسسة توفّر للمخيّم 25 ليتراً من المياه بشكل يومي للفرد الواحد، وهذه كميّة غير كافية، لا سيّما أنّنا ندخل في فصل الصيف والفرد يحتاج إلى كميّات إضافية من المياه بسبب ارتفاع درجات الحرارة، علماً أنّ الخيام من القماش ولا تقي سكانها من حرّ الصيف مثل المنازل".
وأشار اليوسف إلى "عدم توفّر أيّ شبكة للصرف الصحي في المخيّم، لذا تشكّل المياه المستخدمة مستنقعات فيه. وقد يتسبّب ذلك بانتشار الحشرات وبأمراض عدّة، لا سيّما اللشمانيا، في حين تنبعث (من تلك البرك) الروائح الكريهة في داخل المخيّم". وناشد اليوسف "كلّ المنظمات الإنسانية الأخذ بعين الاعتبار واقع حياة النازحين داخل المخيّمات، والطلب الكبير على مياه الشرب، خصوصاً أنّ ما يتوفّر من مياه بمعظمه لا يصلح للشرب"، لافتاً إلى أنّ "مادة الكلور تُضاف إلى المياه من دون اعتماد أيّ مقاييس نظامية لتحديد كميّتها. ويتسبّب ذلك أحياناً بحالات إسهال شديد لدى نازحين كثر، سواءً أكانوا من كبار السنّ أو من الأطفال".