دانت ثمان منظمات حقوقية مصرية تنكيل السلطات المصرية بالحقوقي جاسر عبد الرازق، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية -منظمة مجتمع مدني مصرية-، إذ علم محامو عبد الرازق، الثلاثاء، خلال جلسة التحقيق معه، أنه قيد الحبس الانفرادي منذ فجر الجمعة، 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إنّ "عبد الرازق لم يُسمح له بالخروج من الزنزانة على الإطلاق طوال الفترة الماضية، ولم يتوفر له مكان للنوم، حيث ينام على سرير معدني بدون (مرتبة) ولا غطاء، سوى بطانية خفيفة. وتم تجريده من كافة متعلقاته وأمواله، ولم يتحصل إلا على قطعتي ملابس خفيفة صيفية، ولم يسمح له بالتعامل مع كانتين السجن، علاوة على قص شعره بالكامل".
وجاسر عبد الرازق هو ثالث مسؤول بالمبادرة يجري اعتقاله خلال أقل من أسبوع، في حملة أمنية شرسة استهدفت المبادرة على وجه التحديد، بعد القبض على كريم عنارة، مدير وحدة العدالة الجنائية بالمبادرة المصرية، على يد قوة من الأمن الوطني أثناء قضائه عطلة بدهب في جنوب سيناء واقتياده إلى جهة غير معلومة عند الساعة الثانية من بعد ظهر الأربعاء، وبعد ثلاثة أيام من القبض على مديرها الإداري محمد بشير.
ووفقاً لقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء "قواعد نيلسون مانديلا"، يشير الحبس الانفرادي في سياق هذه القواعد إلى حبس السجناء لمدة 22 ساعة أو أكثر في اليوم دون سبيل لإجراء اتصال ذي معنى مع الغير. ويشير الحبس الانفرادي المطوَّل إلى الحبس الانفرادي لمدة تزيد على خمسة عشر يوماً متتالية.
وأكدت المنظمات أن مثل هذه الإجراءات التعسفية تشير إلى غياب الحد الأدنى من المعاملة الإنسانية، وتُعرض حياة جاسر عبد الرازق للخطر، كرد فعل واضح على لقائه أخيرًا بمجموعة من السفراء الأوروبيين المعتمدين في مصر للنقاش حول أوضاع حقوق الإنسان.
واستكملت نيابة أمن الدولة العليا، أمس، التحقيق مع جاسر عبد الرازق على ذمة القضية 855 لسنة 2020، والتي يواجه فيها اتهامات بأنه عضو في جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، واستخدام حساب من حسابات التواصل الاجتماعي لترويج معلومات كاذبة من شأنها تكدير السلم والأمن العام. وتم استجواب عبد الرازق على مدى ساعة ونصف تقريبًا حول عمل المبادرة المصرية وبعض التقارير الصادرة عنها بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر. وأبلغت النيابة محامي جاسر عبد الرازق بأنها سوف تستكمل التحقيقات لاحقًا، دون تحديد موعد محدد لذلك.
وقالت المنظمات "من جانبها، تواصل السلطات المصرية حملتها ضد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، رغم تصاعد النداءات المحلية والدولية لوقف هذه الحملة الانتقامية وإخلاء سبيل عبد الرازق وزميليه محمد بشير وكريم عنارة، المقبوض عليهما الأسبوع الماضي. كما تستمر وسائل الإعلام الداعمة للحكومة المصرية في حملاتها التحريضية ضد المبادرة المصرية والمدافعين عن حقوق الإنسان، وقد امتدت هذه الحملات التحريضية أيضًا إلى الجهات الدولية والحكومات المتضامنة مع المبادرة المصرية".
وبدورها، أعلنت وزارة الخارجية المصرية رفضها للنداءات الدولية ولمطالبات الحكومات الشريكة لمصر بشأن إخلاء سبيل قيادات المبادرة المصرية، في تجاهل تام لالتزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان.
وأكدت المنظمات الموقعة أن هذه الممارسات تهدف إلى ترهيب المنظمات الحقوقية، وإعاقتها عن ممارسة عملها في كشف الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في مصر.
وعليه، جددت المنظمات التأكيد على موقفها الرافض للهجمة الأمنية على المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وحملت السلطات المصرية مسؤولية السلامة الجسدية والنفسية لجاسر عبد الرازق وزملائه، والحفاظ على حقوقهم كمتهمين محبوسين احتياطياً وفقاً للدستور المصري والمواثيق الدولية الملزمة لمصر.
ودعت المنظمات الموقعة كافة الجهات داخل مصر وخارجها إلى اتخاذ مواقف حاسمة رافضة لحملة التنكيل المستمرة بالمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر.
المنظمات الموقعة هي مؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومركز النديم، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وكوميتي فور جستس، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومبادرة الحرية.
من جانبها، دانت منظمة العفو الدولية قيام السلطات المصرية بتصعيد حملتها ضد حقوقيين أُوقفوا الأسبوع الماضي، وإدراج محكمة مصرية لناشط سياسي ومحام حقوقي على قوائم الإرهاب.
إن هذه الاعتقالات، وحملة التشهير ضد المنظمة وادعاء الحكومة الذي لا أساس له بأن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تعمل بشكل غير قانوني، تُظهر أن هذا اعتداء مخطط له جيدًا وبشكل منسق.https://t.co/WQu1WUHr6f
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) November 23, 2020
وقالت المنظمة في بيان، الثلاثاء، إن "المعاملة القاسية واللاإنسانية التي تعرض لها في السجن جاسر عبد الرازق ، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، هي معاملة تظهر تصميم السلطات المصرية على تصعيد هذه الحملة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان. اعتقال موظفي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عقب لقاء دبلوماسيين (...) ووصف المدافعين عن حقوق الإنسان بأنهم إرهابيون، هي أحدث الأمثلة على مدى عمق وكارثية أزمة حقوق الإنسان في مصر".
وأضافت المنظمة أنه "في اليوم ذاته أدرجت السلطات القضائية المدافع عن حقوق الإنسان ومؤسس مركز عدالة للحقوق والحريات، محمد الباقر ،على قائمة الإرهابيين لمدة خمس سنوات، إلى جانب المدون والناشط البارز علاء عبد الفتاح، وسياسيين معارضين آخرين بدون توجيه اتهامات إليهم".