قال المركز الإعلامي لوزارات وهيئات ومؤسسات الدولة في ليبيا إن حريقاً ضخماً اندلع في منطقة زلة (جنوب)، يوم السبت 28 مايو/ أيار الماضي، وتسبب في دمار واسع، وحرق أكثر من 800 شجرة نخيل، مشيراً إلى أنه من بين أسباب الحريق ارتفاع درجات الحرارة. وتضم منطقة زلة، الواقعة على مسافة نحو 800 كم جنوب شرقي العاصمة طرابلس، مشاريع زراعية لكنها معرضة للإهمال الحكومي منذ فترات طويلة، فيما تحاول الحكومة المكلفة من مجلس النواب إبداء اهتمام بالحادث من خلال إرسال وفد لزيارة موقع الحريق. وأعرب نائب رئيس الحكومة المكلفة سالم الزادمة عن أسفه لاحتراق مزارع زلة، ولما نتج عن الحريق من خسائر، ودعا إلى تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب الحريق، وحصر الخسائر لتعويض المتضررين، وتوفير مضخات ومعدات إطفاء الحرائق اللازمة، فضلاً عن إتاحة فسائل النخيل، وأي متطلبات تستلزمها عملية التعويضات. وأكد الزادمة في تصريح وزعه المركز الإعلامي لوزارات وهيئات ومؤسسات الدولة، على التزام الحكومة بدعم سلطات الحكم المحلي، وتمكينها من الاستجابة السريعة للتعامل مع الحالات الطارئة.
وكشفت الحكومة المكلفة من مجلس النواب أنها أرسلت وفداً للوقوف على حال منظومة مكافحة الحرائق، تمهيداً لمعالجة القصور فيها.
في المقابل، أعرب نشطاء عن استيائهم من غياب جهاز المطافئ عن ممارسة دوره خلال اندلاع الحريق، والذي تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر مشاهد احتراق المشروع الزراعي في ظل عدم وجود أجهزة الإطفاء الرسمية.
وقال المسؤول بإدارة السيطرة والإطفاء في هيئة السلامة الوطنية عبد السلام الصغير إن الحريق استمر لمدة يومين.
وتساءل الصغير، خلال حديث لـ"العربي الجديد"، عن نتائج زيارة الوفد الحكومي، مشيراً إلى أن أغلب فروع جهاز الدفاع المدني وهيئة السلامة الوطنية تعاني عجزاً كبيراً في القدرة على مواجهة أي طارئ، وخصوصاً الحرائق، مضيفاً: "دخلنا خلال هذا الشهر إلى فصل الصيف، وتوقعات مركز الأرصاد الجوية تشير إلى أنه سيكون موسماً شديد الحرارة هذه السنة، ما يجعل إمكانية اندلاع المزيد من الحرائق ممكنة، خصوصاً في الغابات والمشاريع الزراعية".
وتسبب ارتفاع درجات الحرارة خلال السنوات الماضية، في اندلاع حرائق عدة في مناطق ومناسبات مختلفة، من بينها الحريق الذي شب في مشروع زراعي قرب مدينة غات، جنوب غربي البلاد، والذي تسبب في خسائر مادية كبيرة بعد احتراق عدد كبير من أشجار النخيل.
كما شهدت مدينة بني وليد، جنوب غربي طرابلس، خلال الصيف الماضي، حريقاً كبيراً في مستشفى المدينة الحكومي من جراء انفجار صندوق التحكم بالكهرباء بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ونتج عنه اشتعال النار بأجزاء من المستشفى الذي كان يضم العديد من النزلاء، قبل أن تتم السيطرة عليه من دون وقوع خسائر بشرية.
وفي المنطقة الشرقية، شب حريق هائل في غابة عين مارة، ولم تتمكن فرق الإطفاء التابعة لهيئة السلامة من السيطرة عليه إلا بعد يومين من اندلاعه، وأصدرت الهيئة عقب الحريق توضيحات أرجعت تأخر إطفاء الحريق إلى ارتفاع درجات الحرارة، وصعوبة الوصول إلى المنطقة الوعرة التي توجد فيها الغابة الشاسعة.
ويكرر عبد السلام الصغير أن هيئة السلامة تواجه عجزاً في عدد رجال الإطفاء والآليات والتجهيزات اللازمة، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الحريق الذي شب في مستشفى بني وليد العام كان ينذر بكارثة حقيقية لولا هبة الأهالي الذين تطوعوا بشكل واسع لإخماده، وقام بعضهم بجلب أنابيب الإطفاء الخاصة بهم لدعم جهود السيطرة على الحريق، لكنه رغم ذلك دمر المستشفى، ولو كان جهاز الدفاع المدني أو هيئة السلامة في المنطقة يملكون الإمكانيات لأمكن تفادي ذلك".
ولفت الصغير إلى أن السلطات تواكب الحرائق سنوياً بالبيانات والوعود من دون رفع جاهزية الأجهزة المعنية بمقاومة الحرائق، وقال إن "الميزانيات المتوفرة لا تكفي للاستعداد لأي طارئ، كما أن العناصر يحتاجون تدريباً حديثاً للتعامل مع الحرائق والقدرة على السيطرة عليها في أسرع وقت ممكن، بينما في الغالب يتم التعامل معها بالطرق التقليدية".
وأشار إلى أن "كارثة مشروع زلة الزراعي لو وقعت في دولة تحتكم إلى القانون لتم فتح تحقيق للوصول إلى أسباب عدم قدرة الدفاع المدني على السيطرة على الحريق قبل أن يمتد إلى كل هذه المساحة، ويدمر كل هذا العدد من النخيل".
من جانبه، ينبه الناشط المدني معتز المقرحي إلى أن إلقاء اللائمة على الأجهزة الحكومية المعنية بمقاومة الحرائق يعكس عدم الوعي بخطورة الأمر، وأوضح في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "جزءاً من المسؤولية يقع على كاهل المواطنين الذين يتسببون في أغلب الحرائق نتيجة الإهمال، ومن ذلك ترك المواقد مشتعلة في الغابات. البعض يقوم بإشعال النار في أكوام القمامة التي يتم عادة إلقاؤها داخل الغابات، فتتحول إلى حريق يأتي على الأخضر واليابس، كما أن غالبية الحرائق تتوسع من دون أن يتم التبليغ عنها مبكراً، فتخرج عن السيطرة".
ويعتبر المقرحي أن التصدي للحرائق الصيفية مسؤولية جماعية تتكامل فيها الجهود الحكومية التي يعتريها تقصير كبير مع دور المواطنين المطلوب منهم الوعي بأهمية الغابات والمشاريع الزراعية التي تدمر الحرائق أجزاء منها سنوياً.