من ضيق الملاجئ إلى اتساع البحر، خرج أطفال فلسطينيون إلى شاطئ غزة، ذلك الذي ما زال متاحاً لهم، لعلّهم يستفيدون من أيام الهدنة القصيرة وسط الحرب الشرسة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. لكنّ ذلك لم يخفّف من القهر الذي يعيشه آباؤهم، وسط العدوان وتداعياته، ولا سيّما التشرّد.
في المياه الضحلة، راح الأطفال يقفزون وسط الأمواج المتكسّرة على الشاطئ، فيما يراقبهم أهاليهم. بين هؤلاء، على رمال شاطئ دير البلح، جلست أسماء السلطان، وهي امرأة نازحة من شمالي غزة، تطوّق بذارعَيها والدتها التي انهمرت الدموع من عينَيها بصمت.
ويلجأ أكثر من 30 فرداً من عائلة السلطان إلى مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مدينة دير البلح مع مئات النازحين الآخرين.
تخبر أسماء أنّهم توجّهوا إلى الشاطئ ليروّحوا ولو قليلاً عن أنفسهم، ويهربوا من المدرسة المكتظّة والأجواء الكئيبة والملوّثة هناك. لكنّها تشير إلى أنّهم، على الرغم من ذلك، ما زال الأسى يسيطر عليهم ويطبق على صدورهم ويغلبهم البكاء.
وكان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قد هجّر مئات آلاف الفلسطينيين من ديارهم في شمال غزة، من خلال القصف المركّز والتوغّل البري، فراح سكان الشمال يبحثون عن ملاجئ لهم في الخيام أو المدارس أو منازل الأصدقاء والأقارب في المناطق الواقعة جنوبي وادي القطاع.
يُذكر أنّ آلة الحرب الإسرائيلية لم توفّر جنوب القطاع ولا وسطه، وقد سُجّلت خسائر كبرى في الأرواح وكذلك في الممتلكات، في حين اضطرّت أعداد من سكانهما إلى النزوح بدورهم.
ويعاني أهل شمالي غزة من أوضاع قاسية في الخيام والمدارس المكتظة، وسط قلّة دورات المياه والحمّامات والمرافق الأساسية الأخرى، في حين يضطرون إلى الوقوف في طوابير طويلة يومياً للحصول على حصص صغيرة من الطعام والمياه، الأمر الذي يفاقم التأثير النفسي للقصف والنزوح.
وتظهر أكواخ صيادين عند شاطئ دير البلح. بالقرب منها، كان وليد السلطان، أحد أقارب أسماء، يهيّئ شبكة صيد قبل الخروج في قارب صغير، على أمل أن تسمح له الهدنة بالصيد في سلام. ويخبر أنّه عند هُجّر من منزله، لم يحمل معه شيئاً، وظنّ أنّ في وسعه العيش على صيد الأسماك، لكنّ "الحراس الإسرائيليين منعوني من ذلك وأطلقوا النار عليّ".
من جهته، يعبّر حازم السلطان، زوج أسماء، عن خوفه ممّا يخبّئه المستقبل لهم بعد انتهاء أيام الهدنة، علماً أنّهما مُدّدت ليومَين إضافيَّين، مساء اليوم الاثنين.
(رويترز، العربي الجديد)