في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السلع الضرورية في لبنان، وعدم قدرة الناس على شرائها، افتتح مركز "بيتي" الاجتماعي بمخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا اللبنانية ميني ماركت صغيرا في مقره لبيع السلع الضرورية بأسعار أقل من تلك في السوق. تقول المديرة التنفيذية للمركز آلاء أبو ضاهر التي تسكن في المخيم لـ"العربي الجديد": "مركز بيتي في الأساس جمعية خيرية لا تبغى الربح تنفذ مشاريع لكفالة أيتام ودعم دراسة طلاب وتأمين ملابس العيد، ومساعدة الناس في مجالات مختلفة. وأخيراً تحت ضغط أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان وبالتالي أسعار السلع الضرورية، صار الناس يتخبطون في تأمينها، فارتأينا فتح ميني ماركت، وتواصلنا مع أهل الخير من أبناء المخيم المقيمين والمغتربين الذين تبنوا الفكرة وبادروا إلى توفير دعم مادي لها".
التأسيس
تتابع: "تأسس المركز قبل تسعة أشهر، وقبل ذلك دأب الأشخاص نفسهم على تقديم مساعدات للناس طوال 12 عاماً، ثم ارتأوا بعد مضي سنوات إنشاء المركز في المخيم لخدمة الناس، وهو يضم حالياً مطبخاً يؤمن وجبات جاهزة، وروضة للأطفال، وميني ماركت".
وتعلّق على خيارات تحديد الأسعار: "بحثنا عن محلات تبيعنا بأسعار مخفضة، ووجدنا مصادر مناسبة غير رخيصة لكنها توفر الخيارات الأفضل بالنسبة إلى المشروع وأهدافه، وبدأنا نتعامل معها. نحن لا نتطلع إلى الربح من مشروع الميني ماركت، ونبيع الناس بالسعر الذي نشتريه، لكننا نضيف على السلعة مبلغ 500 ليرة (0.02 دولار) أو ألف ليرة (0.04 دولار) لدفع إيجار بدل نقل البضاعة".
تضيف: "صحيح أن المكان ضيق وصغير، لكنه يلبي احتياجات الناس، ونستقبل حوالي 100 عائلة يومياً، حيث يشتري الأشخاص ما يحتاجونه بنصف الثمن. وهناك إقبال كبير، فالأسعار هنا أقل بكثير من باقي المحلات، وعرض نصف القيمة مخصص لأسر الأيتام الذين نكفلهم، والطلاب الذين يتعلمون في الروضة الخاصة بالمركز، وطلاب، إلى جانب أفراد درسنا حالاتهم الاجتماعية، ونعرف أن أوضاعهم المادية متعثرة".
وفيما تشير آلاء إلى أن المركز يضم 20 موظفة، تقول أم أسامة المتحدرة من بلدة كفركنا الفلسطينية وتقيم في مخيم عين الحلوة، وهي أرملة وأم لثلاثة أولاد لـ"العربي الجديد": "تركت اليمن بعد وفاة زوجي اليمني، ولم يستطع ولديّ متابعة تعليمهما، وأحدهما في سن الـ18 والثاني في الـ19 بسبب عدم تأقلمها، كما لم يستطيعا العمل بسبب انتهاء صلاحية إقامتهما. أما البنت الصغرى فهي من مواليد عام 2014".
تعيش أم أسامة البالغة 38 من العمر بالاعتماد على مساعدة أهلها ومؤسسات، "فأنا لا أعمل، لكنني أستفيد من مركز بيتي، والميني ماركت يساعدني في تأمين احتياجاتي الضرورية التي لم نكن نستطيع شراءها، فالأسعار المخفضة تجعلني أشتري أكثر من صنف، وأنا أحرص في كل الأحوال على شراء الاحتياجات الضرورية فقط، ويحصل أن تطلب ابنتي أشياء لا أشتريها فأخبرها أنني سأفعل ذلك لاحقاً".
من جهتها، تخبر إسراء دحابرة، وهي مدرّية وموظفة في المركز: "أنقذنا الميني ماركت في ظل هذه الظروف الصعبة. ما نوفر ثمنه نشتري به غرضاً آخر. هناك فرق كبير بالأسعار بين هذا الميني ماركت وباقي المحلات الموجودة في المخيم".
أما إيمان الصغير فتخبر "العربي الجديد": "يعمل زوجي أجيراً يومياً، ولا يجد رزقاً معظم الأيام، وإذا تعثر عمله يجمع البلاستيك ويبيعه كي نعيش، ما يعني أننا نأكل إذا عمل فقط".
وعن الميني ماركت، تقول: "صرت أشتري أغراضي من هنا، فالأسعار منخفضة جداً وأستطيع شراء أكثر من صنف. وأخبرت صديقاتي عنه، حتى أولئك في مخيم المية ومية في صيدا".
وتقول ميرنا العوض، وهي من الحولة بفلسطين وتقيم في مخيم عين الحلوة: "توفي زوجي ولدي ابنان. أقيم مع أهل زوجي الذين يساعدونني بقدر ما يستطيعون، كما يقدم أهلي بعض المساعدة لأنني لا أعمل. يتعلم ابني في الروضة على حساب المركز، كما يساعدني أهل الخير أيضاً". تضيف: "قبل أن يفتح الميني ماركت أبوابه كنت أستدين من الدكاكين بمبلغ أستطيع تسديده، أما اليوم فأشتري الأغراض التي أحتاجها من الميني ماركت الذي علمت بوجوده من خلال ولدي".