يحرص أهالي مدينة تدمر على التشبث بحلم العودة إلى مدينتهم التي نزحوا منها هرباً من تنظيم "داعش"، في ظل محاولاتهم المتواصلة للتغلب على قسوة النزوح، سواء في الشمال السوري أو في مخيم الركبان على الحدود الأردنية.
وقال رئيس المجلس المحلي لمدينة تدمر، بكر القيم، لـ"العربي الجديد"، "في نهاية 2015، أنشأ أهالي المدينة جمعيات خيرية في الشمال، بينها النخيل، وسواعد الإخاء، وجمعية أمل، للتغلب على المعاناة والشتات، وفي بداية العام الدراسي 2015 - 2016، تم افتتاح مدرسة تدمر الأهلية بطاقم تدريسي كامل من مدرسي المدينة، واهتمت بشكل خاص باستقبال الطلاب المنقطعين عن الدراسة، وإعطائهم دروساً مكثفة لتعويض ما فاتهم".
وأضاف القيم أن "نزوح الأهالي من مناطق سيطرة "داعش" بدأ في يونيو/ حزيران 2015، وظلت موجات النزوح مستمرة حتى يناير/ كانون الثاني 2018، وخلال هذه الفترة كانت تصل العائلات إلى الشمال بمعدل يومي".
وأوضح أنه تم افتتاح مدرسة "براعم تدمر" في عطلة صيف 2017، وعملت على تعويض التلاميذ عن الذي فاتهم، وافتتحت روضة "البيت التدمري" في بداية العام الدراسي 2017- 2018، وكل مستلزمات الدراسة كانت على نفقة أبناء المدينة المغتربين من دون دعم من أية مؤسسة، سواء حكومية أو غير حكومية.
كذلك أشار إلى أن "المجلس لا يتلقّى أي دعم مادي من أي جهة كونه خارج أرضه، وعلى الرغم من أن كثيراً من الهيئات والجمعيات والمنظمات الإغاثية العاملة في الشمال ترفض التعامل مع المجالس المحلية، إلا أن مجلس تدمر المحلي قام بكثير من النشاطات، لا سيما تنظيم العملية الإغاثية والصحية والتعليمية".
ولفت إلى أن هناك مشروعاً طموحاً للحصول على قطعة أرض بصفة مؤقتة لإقامة مخيم أسمنتي، أو كرفانات، في المناطق الآمنة التي تقع تحت الحماية التركية، إلا أن تسليط الأنظار إعلامياً وسياسياً على موجات النزوح المتتالية صرفت الأنظار عن المهجرين الذين تم تهجيرهم بشكل صامت، وفي ذلك ظلم تسبب به الإعلام.
وعن حلم العودة إلى المدينة يقول محمد (43 سنة)، وهو أحد النازحين من تدمر إلى بلدة الدانا بريف إدلب: "هناك خوف لدى الجميع من تكرار سيناريو دخول تنظيم داعش إلى المدينة، فالرعب الذي أصاب الأهالي لا يمكن نسيانه، والنظام منع الناس من الهروب خارج المدينة، والتنظيم مارس القتل بلا رحمة".
ويوضح محمد لـ"العربي الجديد" أن "الأهالي فروا سيراً على الأقدام من المدينة باتجاه قاعدة تيفور الجوية، قاطعين أكثر من خمسين كيلومتراً، ولكن قوات النظام أرغمتهم على العودة باتجاه المدينة بعد إبلاغهم أنها باتت محررة من التنظيم، وأن الروس تدخلوا لإبعاده، ليفاجأ الناس أن التنظيم يلاحقهم، وقتل قرابة 400 شخص حينها".
أما علي الأحمد (64 سنة) فيقول لـ"العربي الجديد": إنها "أيام عصيبة نعيشها بعيداً عن منازلنا وأرضنا التي عشنا فيها وورثناها عن آبائنا وأجدادنا، والأمل موجود ويتجدد بالعودة، لكن النظام لا يؤمن جانبه، وسنعيش إلى أجل غير مسمى نحلم بالعودة".
وأضاف "حتى لو سمح لنا النظام بالعودة، فقرب مناطق سيطرة داعش، وعدم الثقة بأن يسمح النظام للتنظيم بأن يدخل المدينة مجدداً يمنع معظم السكان من التفكير حالياً في العودة إلى المدينة".
وتقول سعاد المطلق (55 سنة) لـ"العربي الجديد"، "نتمنى العودة إلى مدينتنا، والعيش بسلام فيها، وزراعة أرضنا التي أجبرنا على تركها منذ سنوات، وأن تجتمع العائلة وأرى أبنائي وأحفادي بشكل يومي"، مشيرة إلى أن "الحلم قد يكون صعب المنال حالياً، لكنه قد يتحقق، وأرجو أن أكون على قيد الحياة لأرى العائلة مجتمعة في بيت العائلة بمدينتنا".