تشهد مخيمات إدلب شمال غربي سورية أوضاعاً إنسانية صعبة، مع بدء المنخفض الجوي الجديد في المنطقة، وتأثيره المباشر على حياة اللاجئين في الخيام المتهالكة القابلة للاقتلاع والغرق في أي لحظة، بالترافق مع شحّ المساعدات الإنسانية.
تقول منى الجرو (35 عاماً) التي تحاول سد ثقوب الخيمة التي بدأت تتسرب منها مياه الأمطار ببعض الخرق وقطع النايلون، إنها تخشى تداعيات الأمطار والفيضانات فهي تسببت بأضرار سابقة واقتلعت خيمتها الواقعة شمالي بلدة قاح، مرات عدة، وتدعو الله أن يكون منخفضاً ضعيفاً هذه المرة، وأن يمر بسلام، فهي لا تقوى على التشرد مع أطفالها الأربعة وسط ما تواجه من فقر وانعدام سبل.
مخيمات إدلب: خيام مهترئة
تشير الجرو إلى أن معظم النازحين في مخيمات إدلب بحاجة ماسة لتقديم مساعدات عاجلة في ما يتعلق بالخيام ومواد التدفئة، فضلاً عن ضرورة الاستجابة العاجلة في حال وقوع أضرار وغرق الخيام بالأمطار.
من جهتها تسعى سعاد المعطي (40 عاماً) جاهدة لشد حبال خيمتها وتثبيتها ببعض الأعمدة الخشبية خوفاً من انهيارها بسبب المنخفض الجوي الذي بدأ لتوه في مخيمات إدلب، ولا سيما أن أحد أبنائها الخمسة من ذوي الاحتياجات الخاصة وبحاجة أكثر من الجميع للدفء والأدوية، وسيكون وقع الأمر مضاعفاً عليه إن حدثت أضرار بالخيمة جراء الأمطار والعواصف.
تعيش المعطي في مخيمات ترمانين شمالي إدلب، وتواجه مع عائلتها أوضاعاً إنسانية سيئة، بسبب النقص في مواد التدفئة والمعونات الغذائية، بالتزامن مع حالة الفقر الشديد وانعدام المعيل، إذ يعاني زوجها مرض الانزلاق الغضروفي (الديسك) ولا يقوى على ممارسة أي عمل.
أما إبراهيم الحسون (36 عاماً) فما إن يبدأ المنخفض الجوي حتى ينطلق بدراجته النارية لجلب الخبز والخضر وقطع الإطارات المهترئة وبعض الفحم لإشعالها في مدفأة حطب يأكلها الصدأ داخل خيمته الواقعة في جبال كللي شمال غربي إدلب، في محاولة لتدفئة أسرته أثناء المنخفض الجوي، ولا سيما أنّ الأمطار تتسبب في إغلاق الطرق المؤدية إلى مخيمهم بسبب الوحول وبرك المياه الكبيرة.
معاناة متجددة كل شتاء
يقول الحسون لـ"العربي الجديد"، إن مخيمهم يعاني سوء الخدمات ووعورة الطرق ونقص المياه والغذاء، ومع بداية فصل الشتاء والبرد تزداد معاناته أضعافاً مضاعفة بخاصة أنه لا يملك الإمكانات لتغيير هذا الواقع في ظل الفقر والغلاء وقلة الدعم وفرص العمل.
ويدعو المتحدث منظمات المجتمع المدني والمعنيين في المنطقة للتعامل مع الأحوال الجوية السائدة، وما ينتج عنها من تداعيات ومآس على حياة النازحين في مخيمات إدلب عبر تكثيف العمل الميداني، والإشراف على عمل الفرق المعنية بالتعامل مع الحالة الجوية، والوقوف على احتياجات النازحين.
شحّ المساعدات
وتظهر إحصائيات سابقة أوردها تقرير فريق "منسقو استجابة سورية" أن نسبة 75% من الأضرار التي تحدث في المخيمات سببها الخلل الكبير في تنفيذ المشاريع من قبل المنظمات داخل المخيمات، ورداءة الطرقات وعدم تحسينها.
وطالب الفريق الجهات الإنسانية بتقديم المساعدة العاجلة والفورية للنازحين في المخيمات والتجمعات العشوائية الواقعة في شمال غرب سورية، بخاصة أنّ أغلب المنظمات الإنسانية لم تتحرك فعلياً لتقديم مستلزمات الشتاء، بالتزامن مع انخفاض شديد في عمليات الاستجابة الإنسانية. كما طالب بإصلاح شبكات الصرف الصحي وتأمين العوازل الضرورية لمنع دخول مياه الأمطار إلى داخل الخيام، مع توقعات بزيادة نسبة الأضرار بشكل أكبر لتشمل نسبة كبيرة من المخيمات في المنخفضات الجوية المقبلة.
وناشد الفريق المنظمات والهيئات الإنسانية، والجهات المانحة التي تقدم الدعم الإنساني في مناطق شمال غرب سورية، للمساهمة بشكل عاجل وفوري لتأمين متطلبات واحتياجات النازحين ضمن تلك المخيمات والتجمعات قبل وقوع كوارث جديدة هذا العام أيضاً.