أظهرت دراسة أميركية جديدة أنّ نحو نصف عيّنات مياه الصنابير في الولايات المتحدة الأميركية تحتوي على "مواد كيميائية أبدية" (مواد البيرفلورو ألكيل والبوليفلورو ألكيل) تدخل في تصنيع مئات من الأغراض المستخدمة منزلياً من مواد التنظيف إلى علب البيتزا، وقد يؤدّي التعرّض لها على نطاق واسع إلى مخاطر صحية كبيرة.
واختبرت الدراسة، التي أعدّتها هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، عيّنات من مياه الشرب من أكثر من 700 منزل وشركة ومحطة لمعالجة مياه الشرب في أنحاء البلاد، للكشف عن هذا النوع من "المواد الكيميائية الأبدية" أو المواد الكيميائية التي لا تتحلّل.
وأفاد الباحثون بأنّهم اكتشفوا مادة كيميائية واحدة من تلك المواد على أقلّ تقدير في 45 في المائة من العيّنات، بمستويات تتجاوز المعايير واللوائح الأميركية المعمول بها.
وتُعَدّ هذه المواد الكيميائية مقاومة للمياه، أي إنّها لا تتحلل في البيئة وتظلّ في جسم الإنسان على مدى سنوات. وهي كانت قد طُوّرت في أربعينيات القرن الماضي مع تصنيع طلاء التيفلون غير اللاصق الذي يُستخدم في أواني الطهو وكلّ شيء اليوم، بدءاً من الملابس وصولاً إلى المنتجات البلاستيكية.
وقالت كيلي سمولينغ المتخصّصة في علوم المياه في هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، والتي قادت البحث، إنّ الدراسات السابقة عملت على قياس هذه المواد في المياه الجوفية وخزّانات المياه ومحطات معالجة المياه، لكنّ تحليل مياه الشرب يسمح في إجراء تقييم أكثر دقّة لما يشربه الناس.
ووفقاً للمركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) فإنّه من الممكن أن يؤدّي التعرّض بمستويات عالية لهذه المواد الكيميائية إلى عرقلة عمل الهرمونات، واضطراب وظائف الكبد، وزيادة مخاطر الإصابة بسرطان الكلى أو الخصية، وتقليل وزن الأطفال عند الولادة، وتعريض صحة النساء الحوامل للخطر.
وقد أُجريت اختبارات على جزء بسيط من الأنواع المعروفة من هذه المواد الكيميائية البالغ عددها 12 ألفاً. وشمل ذلك 32 نوعاً في العيّنات التي جاءت من أماكن الإمداد العامة والآبار الخاصة بين عامَي 2016 و2021.
وأوضحت سمولينغ أنّه لم يسجَّل فرق في التعرّض لأنواع هذه المواد الكيميائية ما بين العيّنات المأخوذة من الآبار الخاصة وأماكن الإمداد العامة، وقد أتى ذلك "مفاجئاً جداً".
يُذكر أنّ وكالة حماية البيئة هي الجهة المنظّمة لأماكن إمداد المياه العامة وليس الآبار الخاصة.
كذلك وجدت دراسة هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أنّ الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية أكثر عرضة لخطر تلك المواد الكيميائية في مياه الشرب مقارنة بالذين يعيشون في المناطق الريفية.
وفي سياق متصل، كانت وكالة حماية البيئة قد اقترحت في مارس/ آذار أوّل معيار وطني على الإطلاق لقياس ستّة أنواع من هذه المواد الكيمائية في مياه الشرب. ويتطلّب ذلك مراقبة أنظمة المياه العامة والكشف عن الوضع عندما تتجاوز مستويات هذه المواد الحدود.
وكانت نحو عشرة مليارات دولار أميركي قد خُصّصت لمساعدة المجتمعات في التقليل من هذه المواد ومن الملوّثات الكيماوية الأخرى، في إطار قانون إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للبنية التحتية.
(رويترز)