للأسبوع الرابع على التوالي، تتواصل في العراق سلسلة من العواصف الترابية الشديدة التي تركّزت آثارها في مناطق غرب ووسط وجنوبي البلاد، مُخلّفة 5 وفيات وأكثر من ثلاثة آلاف حالة اختناق دخلت المستشفيات نتيجة نقص نسبة الأوكسجين لمرضى مصابين بالربو وحساسية القصبات الهوائية.
وتعزو دائرة الأنواء الجوية العراقية، موجة العواصف الترابية التي تضاعف عددها عن السنوات الماضية، إلى تأثر العراق بالتغيّرات المناخية في المنطقة، وشحّ الأمطار وانحسار الغطاء النباتي والتصحر الذي يحصل على حساب مناطق زراعية واسعة في البلاد.
وتسببّت تلك العواصف في خسائر مادية مختلفة، فضلاً عن تعطّل الحياة في مدن مختلفة لساعات طويلة، نتيجة انخفاض نسبة الرؤية ولجوء السكان إلى منازلهم وإغلاق المتاجر، فيما رفعت قوات الأمن العراقية حالات إنذار قصوى في مدن عديدة نتيجة مخاوف من استغلال خلايا إرهابية تابعة لتنظيم "داعش"، ذلك في التسلل إلى مراكز المدن وتنفيذ هجمات ضد المدنيين وقوات الأمن.
وتعتبر صحراء العراق الغربية المحاذية للسعودية والأردن وسورية ضمن الأنبار كبرى محافظات البلاد، مركزا لأغلب تلك العواصف.
كيف تتجنب العاصفة الترابية؟
يقدّم خبراء ومختصون عراقيون، سلسلة نصائح حول كيفية تجنب أي أضرار ناتجة عن العواصف الترابية وكيفية مواجهتها.
ويقول العقيد محمد العامري من دائرة الدفاع المدني بوزارة الداخلية العراقية لـ"العربي الجديد"، إنّ على سائقي السيارات الذين يجدون أنفسهم داخل عواصف شديدة تتراجع فيها نسبة الرؤية إلى أقل من 50 مترا أن يتوقفوا بسرعة في أقرب مكان مخصص مع إغلاق النوافذ وتشغيل مكيف الهواء، وفتح إشارات التنبيه في السيارة، كما يجب الابتعاد عن ركن السيارة تحت الأشجار العالية أو يافطات الإعلانات، وفي حال وجدوا أنهم بحاجة إلى مساعدة يجب الاتصال على الخط الساخن 122، أو 104".
وبين أن "السير بسرعة منخفضة جدا وترك مسافة أمان كافية بين سيارة وأخرى، وتجنب اجتياز السيارات أثناء القيادة، واستخدام الإشارات الجانبية مهمة للغاية لمن هم ما زالوا على الطريق خلال هبوب العاصفة وتراجع نسبة الرؤية، مع أهمية التأكد على عدم استعمال مياه لغسل الزجاج الأمامي كونه سيفاقم المشكلة ويزيد من تراكم التراب عليه ويحجب الرؤية أكثر، لذا يجب استعمال الماسحات فقط في إزالة الغبار".
ويضيف العامري، أن إلغاء الخروج من المنزل في وقت هبوب العواصف الترابية الجديدة هو الخيار الأفضل، وفي هذه الحالة يجب إغلاق النوافذ والتأكد من سد كافة الفتحات التي يمكن أن يتسرب منها التراب إلى داخل المنزل".
من جهته يقول الدكتور عمر القيسي من دائرة صحة بغداد لـ"العربي الجديد"، إنه "في حالة الخروج الاضطراري من المنزل يجب ارتداء الكمامات التي تستخدم اليوم للوقاية من جائحة كورونا، مع أخذ الاحتياط باستبدالها كل ساعتين ويفضل ارتداء نظارة لحماية العينين".
ويضيف القيسي، أن الذين تظهر عليهم أعراض هذه الأجواء من أصحاب الأمراض التنفسية، مثل السعال أو الأزيز عند التنفس، أو نوبات الربو وضيق التنفس أو الشعور بالضيق، عليهم الإسراع فورا إلى أقرب مركز صحي أو مستشفى لتلقي الرعاية اللازمة".
ويبين القيسي أن على الأسر التي لديها حالات مرضية متعلقة بالتنفس الإبقاء على غرف آمنة مغلقة على أي منفذ من منافذ التراب، وضمان وجود تكييف أو مصدر هواء نقي مع استعمال المناديل المبللة، وضرورة وجود أدوية خاصة بمشاكل نوبات ضيق التنفس التي يصفها الطبيب لهم، مع وجود بعض السوائل الساخنة في المنزل مثل البابونج وورق الجوافة وغيره.
وأكد أن الحالة النفسية للمريض مهمة جداً، فيجب التعامل مع المتأثرين بالعواصف بشكل سريع لكن دون خوف أو هلع كون ذلك يزيد من شدة الأزمة التنفسية لديهم بشكل أكبر".
وحول سكان المخيمات التي تنتشر في مناطق غرب وشمالي العراق، يؤكد القيسي أنهم الأكثر تعرضا للضرر، وجميع الإجراءات التي يتخذونها ستبقى ضمن تخفيف الضرر، كون العواصف الترابية قادرة على النفاذ للخيام بسهولة.
ويتابع "على النازحين تقليل عدد المتواجدين في الخيمة الواحدة إلى اثنين أو ثلاثة بأقصى حد، وإغلاق الأجزاء القريبة من الأرض للخيمة بواسطة مادة (الفوم) أو الطين بعد خلطه بالماء وتكوينه جيدا، وداخل الخيمة يجب توفر كميات كافية من المياه مع مناديل مبللة توضع كجدار صد آخر إلى جانب الكمامة، وفي حال كان هناك مرضى من النازحين يعانون من مشاكل تنفسية أو أطفال رضع فيجب تدبير مكان مغلق تماما غير الخيمة مثل سيارة مغلقة أو كرفان".
من جهته، يقول الخبير البيئي العراقي كمال الساعدي، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إنّ أطول مدة للعواصف الترابية في العراق تستغرق نحو 5 ساعات قبل تجاوزها إلى مناطق أخرى، وهنا يجب أن يكون لدى سكان المدن احتياطات مستمرة خاصة وأن موسم العواصف يكون بين منتصف شهر مارس/آذار وحتى نهاية يونيو/حزيران.
ويضيف الساعدي، أنّ الجفاف وقلة الأمطار واتساع رقعة التصحر في العراق والتجريف الجائر للبساتين والغابات، كلها أسباب ساعدت على تفاقم ظاهرة العواصف الترابية في العراق، رغم أنها ظاهرة طبيعية تنتج بسبب متغيرات جوية نتيجة هبوب الرياح الغربية والشمالية الغربية في العراق بهذه الفترات.
ويوضح أن الإجراءات الحكومية الخاصة بالتوعية من العواصف الترابية تكاد تكون معدومة رغم كون الظاهرة المناخية تسببت بخسائر بشرية ومادية كبيرة.