نقص المياه يدق أبواب الدمشقيين

31 مايو 2021
أزمة مياه متواصلة في سوريا عموماً (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

تطرق أزمة نقص مياه الشرب أبواب سكان العاصمة السورية دمشق، لتلتحق بركب الأزمات التي أثقلت تفاصيل حياتهم اليومية، في حين يتذرّع النظام بتردي وضع الكهرباء وعدم توفر الوقود لتشغيل محطات الضخّ. 
يترقب، هادي منصور (53 عاماً)، وهو من سكّان ضواحي دمشق الشمالية، وصول المياه إلى منزله، لعدة أيام من دون جدوى. يقضي وقته يترقب وصول الكهرباء حتى يسارع إلى تشغيل مضخة المياه ليتأكّد من وصول المياه إلى الخزان على سطح البناء، ثم يعود لينزل إلى الطابق الأرضي ليفحص مضخة المياه وإن كانت المياه قد وصلت إليها، قائلاً في حديث مع "العربي الجديد": "كان ينقصنا أن نركض خلف المياه إضافة إلى ركضنا اليومي من أجل تأمين ربطة الخبز والبنزين والهموم فوق رأسنا، من ارتفاع الأسعار وعدم قدرتنا على الحصول على أبسط مقومات الحياة". 

يضيف: "مؤخراً بدأنا نشعر أنّ المياه لم تعد تصل إلى أغلب شوارع المنطقة كما كانت في السابق، وعندما تصل يكون ضغط المياه ضعيفاً جداً، حتى المضخة لا تستطيع دفعه إلى الخزان، هذا طبعاً إن كانت الكهرباء متوفرة. إذ زاد التقنين مؤخراً بشكل كبير وأصبحنا نحصل على الكهرباء بالصدفة، مع أربع ساعات قطع وساعة ونصف وصل. ويتضمن الوصل نفسه عدة انقطاعات، ليكون الحلّ في النهاية بشراء صهريج مياه للشرب. لكن الصهريج الذي كان ثمنه ثمانية آلاف ليرة سورية قبل بضعة أشهر، أصبح ثمنه اليوم، 40 ألف ليرة، إن وجد، بسبب أزمة الوقود (يبلغ سعر صرف الدولار الأميركي الواحد 3900 ليرة سورية)". 
من جانبه، يشكو، ماجد تقي الدين (34 عاماً)، وهو من سكّان جنوب دمشق، حاجتهم للمياه، ويقول لـ"العربي الجديد": "أصبحنا نتسوّل عبوة المياه كما رغيف الخبز، فالمياه تصل بفترات متباعدة، وعندما تأتي يكون ضغطها ضعيفاً. حاولت وصل مضختيّ مياه لتقوية ضخ المياه، لكن انقطاع الكهرباء غالباً ما يحرمنا من الاستفادة من ذلك، وحاولت استعارة مولد كهرباء لكن هناك أزمة وقود، وقد وصلت أسعار اللتر الواحد من الوقود في السوق السوداء إلى مستويات خيالية، أقلّه بالنسبة لي كموظف". 
يضيف: "منذ سنوات لدينا أزمة مياه خلال فصل الصيف وكان تردّي الكهرباء سبباً من أسبابها. لكن هذه السنة يبدو أنّ الأزمة بدأت باكراً والوضع غالباً أسوأ بكثير، فأزمة الكهرباء تترافق مع أزمة وقود كما مع ارتفاع في الأسعار، ومن أزمة الخبز إلى أزمة النقل، تحوّلت حياتنا إلى شبكة أزمات معقّدة". 

الصورة
أزمات المياه تتكرر في سورية (عبد المنعم عيسى/ فرانس برس)

بدوره، يعيد المدير العام للمؤسسة العامة لمياه الشرب في دمشق وريفها، سامر الهاشمي، أزمة المياه إلى عدم توفر كمية الوقود المطلوبة لتشغيل مجموعات توليد الطاقة اللازمة لضخّ المياه، وعدم توفر الكهرباء من الشبكة. ويلفت في حديث مع صحيفة "الوطن" المحلية، إلى "عدم وجود مشكلة لدى المؤسسة بتوفر المياه، لأنه للسنة الثالثة على التوالي، واقع المياه جيد، لكن توفيره للمواطنين يتعلّق بتأمين الطاقة الكهربائية اللازمة لعمليات الضخّ، وهذا نتيجة فترات الانقطاع الطويلة للكهرباء، التي نعمل على تعويضها من خلال تشغيل مولدات تعمل على الديزل". ويلفت إلى أنه في المؤسسة 512 مولداً كبيراً، في دمشق وريفها، منها 263 موضوعة في الخدمة وجاهزة للعمل، وكل مجموعة من مجموعات التوليد تغذي عدداً من محطات الضخ بالكهرباء. يضيف أنّ المشكلة اليوم، هي في توفير المازوت لمجموعات التوليد، ولا يمكن توفير مياه الشرب بشكل مناسب ما لم يتم تأمين التغذية الكهربائية لجميع محطات الضخ على مدار الساعة، أو توفير المازوت لتشغيل مجموعات التوليد. يتابع أنه لا توجد جدوى عملية من التشغيل الدائم لمجموعات التوليد، لأنها ذات كلفة عالية لجهة المازوت والزيت وقطع الغيار، كذلك التشغيل المستمر لهذه المجموعات يقصّر من عمرها الزمني، لأنّ هذه المجموعات مصمّمة أصلاً للاستخدام في حالات الطوارئ، وليس لتكون بديلاً عن التيار الكهربائي. 
وحول الانقطاعات الطويلة للمياه عن عدد من المناطق العشوائية المحيطة بدمشق، يقول الهاشمي، إنّه لا حلول جذرية لموضوع تزويد مناطق المخالفات بالمياه لأسباب فنية، أهمها عدم وجود إمكانية لتوسيع شبكة المياه في تلك المناطق، لكونها مناطق مخالفات، ولا يوجد فيها مخطط تنظيمي أو شوارع نظامية، وحتى الشوارع الموجودة لا يمكن توسيع الشبكة القائمة فيها، التي كانت قد صممت منذ سنوات لتأمين حاجة عدد محدود من السكان. ولكن نتيجة التوسع العشوائي للأبنية في تلك المناطق، أصبحت بحاجة أكبر إلى المياه، في وقت هناك محدودية لإمكانيات الشبكات القائمة، لذلك تحتاج إلى عمليات ضخ عال مستمر على مدار الساعة، حتى تصل المياه إلى جميع المشتركين، وهذا غير متاح بسبب قلة تزويد الكهرباء ومحدودية المازوت اللازم لتشغيل مجموعات التوليد. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويطالب الهاشمي بأن يكون هناك تعاون من الجميع لترشيد استهلاك المياه لتصل إلى جميع محتاجيها، لافتاً إلى أنّ "المؤسسة تعمل على توفير مياه الشرب لكلّ مكان، ولو اضطرت لاستخدام صهاريج المياه، خاصة أننا على أبواب فصل الصيف". 
يُشار إلى أنّ مناطق النظام تعاني من تدهور في الخدمات بشكل متسارع، حيث تعمل شبكة النقل بالحد الأدنى، كما تغيب الكهرباء عن منازل الأهالي معظم الوقت، إلى جانب أزمات نقص الخبز والغاز المنزلي، كلّ ذلك في وقت تفقد الليرة قيمتها الشرائية، ويعجز المواطن عن تأمين حاجاته الأساسية.