نُقل مهاجرون طالبو لجوء إلى سفينة راسية في جنوب غرب إنكلترا، اليوم الاثنين، في الحلقة الأحدث من مشروع الحكومة البريطانية المثير للجدال من أجل مكافحة الهجرة غير النظامية.
وبسبب تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي قبل عام من الانتخابات التشريعية، جعل رئيس حكومة بريطانيا المحافظ ريشي سوناك من ضرورة "وقف القوارب" التي تعبر بحر المانش بطريقة غير نظامية أولوية، وكثّف الإجراءات في الأيام الماضية. وتتمثّل إحداها في نقل طالبي اللجوء الى سفن راسية في موانئ، من أجل توفير المال المخصص لإيواء المهاجرين مع ثني المرشّحين المحتملين من اتخاذ هذه الخطوة.
وقد صعدت المجموعة الأولى من المهاجرين، اليوم الاثنين، على متن "بيبي ستوكهولم"، وهي بارجة ضخمة بطول 93 متراً وعرض 27 متراً، راسية في ميناء بورتلاند في جنوب غرب البلاد، ومن المفترض أن تستوعب في نهاية المطاف ما يصل إلى 500 مهاجر في 222 مقصورة.
وكان من المقرّر أن يصل أوّل المهاجرين إليها، الأسبوع الماضي، لكنّ الموعد تأجّل في انتظار إنهاء عناصر الإطفاء عمليات التدقيق لاستبعاد مخاطر نشوب أيّ حريق. والسفينة المملوك لشركة سويدية، كانت تُستخدَم سابقاً لإيواء عمّال حقول النفط ومهاجرين في بلدان أخرى.
وفي بورتلاند، أثار المشروع جدالاً كبيراً وغضباً بين السكان، انطلاقاً من خشية بعض منهم على سلامتهم، في حين استنكر بعض آخر إنشاء "سجن عائم" في الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 130 ألف نسمة. لكنّ السلطات ترفض هذا المصطلح وتشير إلى أنّه سوف يكون في إمكان طالبي اللجوء الدخول والخروج كما يحلو لهم.
ويُعَدّ ميناء بورتلاند الوحيد في البلاد الذي وافق على رسوّ هذه البارجة. واضطرّت الحكومة إلى التخلّي عن مشاريع أخرى مماثلة لعدم توفّر موانئ تستقبلها.
وشجبت المنظمة غير الحكومية للدفاع عن المهاجرين "كير فور كاليه" مرّة جديدة، اليوم الاثنين، نظاماً "قاسياً" و"لاإنساني"، مؤكدة أنّ ثمّة طالبي لجوء ترافقهم "نجوا من التعذيب والعبودية الحديثة وخاضوا تجارب مؤلمة في البحر".
ومنذ استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، والذي كان من المفترض أن يسمح بـ"السيطرة" على الحدود، لم تكفّ الحكومات المحافظة المتعاقبة عن تشديد خطابها المناهض للمهاجرين وقطع تعهّدات، عبثية في الوقت الحالي، بوضع حدّ للهجرة غير النظامية عبر بحر المانش.
ويسعى نظام اللجوء في المملكة المتحدة بصعوبة إلى مواكبة المطالب. فثمّة أكثر من 130 ألف طلب لجوء ما زالت تنتظر درسها، معظمها منذ أكثر من ستة أشهر وفقاً لأحدث الأرقام الحكومية. لذلك تسعى لندن إلى تخفيض فاتورة الإقامة الفندقية لطالبي اللجوء والتي تصل إلى 2.3 مليار جنيه إسترليني (نحو 2.9 مليار دولار أميركي) سنوياً، من خلال نقلهم الى قواعد عسكرية مهجورة أو حتى خيام اشترتها لفصل الصيف.
إلى جانب ذلك، فإنّ قانوناً جديداً دخل حيّز التنفيذ في يوليو/ تموز الماضي شجبته الأمم المتحدة، يحظر الآن على المهاجرين الذين خاضوا الرحلة الخطرة عبر المانش (أكثر من 45 ألف في عام 2022 ونحو 15 ألفاً في عام 2023) طلب اللجوء في المملكة المتحدة. وينصّ القانون على ترحيل المهاجرين إلى دول أخرى مثل رواندا، وهي خطة أُطلقت في العام الماضي، غير أنّ القضاء عمد إلى عرقلتها.
وفي كثّفت الحكومة المبادرات وأعلنت في نهاية الأسبوع الماضي عن شراكة مع مواقع التواصل الاجتماعي لتكثيف مكافحة المحتوى الذي يشجّع على عبور المانش، بالإضافة إلى تشديد العقوبات المالية على أصحاب العمل الذين يوظّفون مهاجرين غير نظاميين.
ولعلّ الفكرة الأحدث التي أوردتها صحيفة "ذي تايمز" البريطانية، أمس الأحد، تقضي بأن تدرس الحكومة إرسال مهاجرين إلى جزيرة أسنسيون البركانية في وسط المحيط الأطلسي، على بعد نحو 6500 كيلومتر من المملكة المتحدة.
(فرانس برس، أسوشييتد برس)