يصف معتقلون سابقون سجن جزيرة رايكرز في نيويورك بـ"سرطان وبؤرة جرذان وبيت الفظاعات". وما زال هؤلاء يرتعدون خوفاً حين يستذكرون المجمّع الضخم الذي قضى فيه تسعة معتقلين هذه السنة، واحتجز فيه بعض المشاهير، مثل الأميركي هارفي واينستين والفرنسي دومينيك ستروس كان.
ظروف الاحتجاز في معتقل جزيرة رايكزر، الواقعة على مضيق إيست ريفر بين حيّ برونكس وحيّ كوينز، معروفة منذ سنوات بأنها مروعة. إلا أن السلطات المحلية تحذر اليوم من "أزمة إنسانية" تفاقمت مع تفشي كوفيدـ19، الذي ضرب نيويورك بشدة، الأمر الذي انعكس على خدماتها وأجهزتها العامة، خصوصاً معتقلاتها.
الغرب المتوحش
يقول جوني بيريز، الذي اعتقل مراراً في سجن جزيرة رايكرز بين عامي 1996 و2001 لارتكابه عمليات سطو مسلح: إنه "حقاً الغرب المتوحش هناك".
لم يكن غرين مارتن قد تخطى السادسة عشرة من العمر حين احتجز ثلاثة أيام هناك، في أواخر الثمانينيات، لارتكابه عمل سرقة من محلّ. وخلال تلك الأيام الثلاثة، تلقّى ضرباً مبرحاً أربع مرات، وما زال حتى بعد انقضاء ثلاثين عاماً يقول عنه "بؤرة جرذان".
وأعربت العضو في برلمان نيويورك، إيميلي غالاغر، عن استنكارها بعد زيارة للمعتقل هذا الأسبوع، فوصفت على تويتر "قمامة في كل مكان وطعاما يعجّ بالديدان وصراصير في الحمامات وبقايا براز وبول"، منددة بـ"أزمة إنسانية وبيت فظاعات واعتداءات وسوء معاملة".
تعذيب
والواقع أنّ غلين مارتن أكد أن أعمال العنف و"التعذيب" شائعة في المعتقل. وقال معتقل سابق آخر هو مارفن مايفيلد، الذي قضى 22 شهراً بالإجمال في السجن بين 1980 و2007 لإدانته بأعمال سطو، إن "الكل يفقد بعضاً من روحه هناك".
وافتتح السجن عام 1932 وعرف عنه أنه مكان للعنف. ووصل عدد المعتقلين فيه في تسعينيات القرن الماضي إلى عشرين ألفا، أي أقل بشكل ضئيل من ثلث مجمل المعتقلين في فرنسا. أما اليوم، فعددهم ستة آلاف، معظمهم من السود والمتحدرين من أميركا اللاتينية بانتظار محاكمتهم. واعتقل فيه مشاهير أيضاً قبل محاكمتهم.
ومن أبرز الذين سجنوا في جزيرة رايكرز، المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي، الفرنسي دومينيك ستروس، كان في مايو/أيار 2011، لاتهامه باغتصاب الخادمة في فندق سوفيتيل في مانهاتن، نفيستو ديالو، ثم انتهت القضية بتسوية مالية.
كما احتجز منتج الأفلام النافذ في عالم السينما هارفي واينستين في المعتقل، وهو يقضي منذ 2020 في نيويورك عقوبة بالسجن 23 عاماً لإدانته بجريمة اغتصاب، ويمثل في لوس أنجليس في قضايا اغتصاب أخرى.
ومن المشاهير الذين اعتقلوا فيه أيضاً سيد فيشس، العضو في فرقة البانك البريطانية "سيكس بيستولز"، ومغني الراب الأميركي توباك شاكور، وكلاهما لم يعد على قيد الحياة.
انتحار
ويقول العديد من المعتقلين السابقين وخبراء نظام السجون الأميركي، إن "مشاهير" جزيرة رايكرز لم يشهدوا على واقع السجن اليوم، إذ أن انعدام الأمن والوضع الصحي "أسوأ بعشر مرات" مما كانا عليه في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وقد خرجا تماماً عن السيطرة منذ بضعة أشهر.
وأقرت دوائر السجون في نيويورك بأن تسعة أشخاص قضوا في المعتقل هذه السنة (عشرة بحسب وسائل الإعلام)، في مقابل سبعة عام 2020 وثلاثة عام 2019. وبحسب السلطات، فإن نصف الذين قضوا منذ يناير/كانون الثاني انتحروا.
وعانى سجن جزيرة رايكرز، على غرار سائر الخدمات العامة في المدينة، من تبعات وباء كوفيد-19. وذكرت النقابات أن 2700 من حراس السجن يمثلون ثلث العدد الإجمالي من موظفي سجون نيويورك، هم في عطلة مرضية، سواء بسبب فيروس كورونا، أو نتيجة أعمال عنف ارتكبها معتقلون.
وهذا الأسبوع، أعلن رئيس بلدية نيويورك المنتهية ولايته بيل دي بلازيو عن خطة إصلاح طارئة، وطرح مجدداً إغلاق السجن عام 2026 واستبداله بأربعة سجون أصغر حجما بقيمة 8,7 مليارات دولار. لكن ليس هناك ضمانة بأن رئيس البلدية المقبل الذي سينتخب في نهاية السنة سيلتزم بهذه الخطة.
من جهتها، أعلنت حاكمة نيويورك كاثي هوكل إطلاق سراح 191 معتقلا بشكل مبكر. ويرى المعتقلون السابقون في السجن الذين يعملون اليوم في جمعيات، أنه يجب إغلاق السجن. وقال مايفيلد "إنه سرطان... يجب استئصاله".
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
