استمع إلى الملخص
- تبدأ عملية إعداد الأسئلة في أكتوبر وتستمر حتى إبريل، حيث تشكل لجان وطنية لإعداد واختيار المواضيع في سرية تامة لضمان النزاهة والعدالة، تحت رقابة مشددة.
- تتخذ الوزارة تدابير أمنية مشددة لضمان سرية الأسئلة وتجنب التسريبات، بما في ذلك منع استخدام الأجهزة الإلكترونية ومراقبة العملية بكاميرات على مدار الساعة، مع شعور المشاركين بالفخر لدورهم في تقييم التحصيل الدراسي.
في نهاية شهر إبريل/ نيسان من كلّ عام، تعزل وزارة التربية في الجزائر مجموعة من المعنيين بإعداد أسئلة امتحانات شهادة البكالوريا في "مركز الحجز" بالديوان الوطني للامتحانات والمسابقات في العاصمة الجزائرية، ولا يغادر جميع هؤلاء إلا في آخر يوم للامتحانات، والمقرر هذا العام أن يكون يوم غد الخميس.
ويتشكل الفريق المكلف بهذه العملية الخاصة بأسئلة الامتحان المصيري من أساتذة ومفتشين، وعاملين في المطبعة، ومهندسي الإعلام الآلي، فضلاً عن مجموعة من الحراس، وفريق الإطعام من طباخين وعمال. ويصل عدد الأساتذة إلى 60، موزعين على كل المواد المقرر الامتحان فيها، في حين يبلغ مجموع عدد المفتشين ومهندسي الإعلام الآلي وعمال المطبعة نحو 80 شخصاً.
واضحة ودقيقة
وتفرض توجيهات وزارة التربية أن تكون الأسئلة منتقاة من المقرر الدراسي للسنة الحالية، وما تلقاه التلاميذ من دروس، وأن تكون واضحة ودقيقة، مع الابتعاد قدر المستطاع عن صياغة أسئلة غامضة أو تعجيزية، وأن يكون هناك موضوعان اختياريان، يختلف كل منهما عن الآخر في المضمون، كما توصي بأن تُعد الأسئلة وفق طرق علمية.
لكن ما يخفى على كثيرين، أن عملية إعداد الأسئلة لا تكون في تلك الفترة التي تتجاوز الخمسة أسابيع، بل هي مرحلة تحضير. يقول الأستاذ عبد الكريم سعيداني لـ" العربي الجديد"، إن إعداد الأسئلة يبدأ في شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام دراسي، وقد تستمر إلى غاية شهر إبريل، كونها عملية تتطلب التركيز، والتعاطي مع الدروس والمنهج بعناية فائقة.
يضيف سعيداني: "هناك فرق بين اللجان التي تعكف على إعداد الأسئلة، واللجان التي تكلف باختيار مواضيع شهادة البكالوريا، فاختيار المواضيع التي سيمتحن فيها الآلاف من التلاميذ يأتي من لجان مكونة من أساتذة يُختارون لأربعين يوماً تسبق الامتحان، وهذه اللجان هي المخولة بمعرفة الأسئلة التي سيُمتحن فيها التلاميذ، وهؤلاء لا يمكنهم الخروج من الحجز التربوي إلا عقب الانتهاء من الامتحان في مساء يوم 13 يونيو/حزيران".
يتابع: "اللجان المكلفة بإعداد الأسئلة لجان وطنية، وعددها خمس، موزعة على أقطاب تربوية يضم كلّ منها عدداً من الولايات، وتقوم كل لجنة في المرحلة الأولى بإعداد مواضيع خاصة بالمادة، ثم ترسلها بعد ذلك إلى ما يسمى (بنك المواضيع) على مستوى الديوان الوطني للامتحانات في العاصمة، وتلي ذلك مرحلة العمل عليها من اللجان المكلفة باختيار المواضيع".
سرية تامة
وتقول أستاذة الفلسفة نورة عفان لـ" العربي الجديد" إن من يقومون بإعداد أسئلة امتحان البكالوريا لا يعرفون المواضيع المختارة، مشيرة إلى مرحلة ثالثة تكلف فيها لجنة مختصة بتدقيق شامل للمواضيع التي اشتغل عليها أساتذة مشاركون في إعداد الامتحان بغية التأكد من سلامتها من كل النواحي، وكونها خالية من الأخطاء. تضيف: "تأتي عقب ذلك المرحلة الأخيرة التي تتمثل في طبع الامتحانات من فريق مختص في سرية تامة وتحت رقابة مشددة".
ولفت بعض الأساتذة إلى الترتيبات الأمنية التي تحيط بكامل مراحل عملية وضع الأسئلة، إذ تحرص الهيئة المعنية على تجريد المعنين بالإعداد والتنظيم من مختلف الوسائل الإلكترونية، سواء الهواتف المحمولة أو الحواسيب الذكية، خشية التشويش على العملية، وتفاديا لتسريب أي سؤال.
يقول أستاذ التعليم الثانوي بالمعهد الوطني للأساتذة في بوزريعة بالعاصمة، توفيق عدة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوزارة تحرص على تأمين امتحانات شهادة البكالوريا، وغيرها من الامتحانات كشهادة المتوسط، وسبق للبلاد أن عرفت حادثة تسريب امتحانات في عام 2016، ووجهت أصابع الاتهام وقتها إلى مسؤولين في الديوان الوطني للامتحانات. لذا يمنع على الأساتذة استخدام أي أجهزة الكترونية، خاصة الهاتف النقال، داخل الديوان الوطني للامتحانات، وهناك كاميرات مراقبة على مدار اليوم، فيما تصل أسئلة الامتحانات إلى مديريات التربية بالولايات قبل موعد الامتحان بثلاثة أيام".
وعلى الرغم من العزلة الطويلة التي يعيشها الأساتذة والموظفون المعنيون بالامتحانات، إلا أنهم مع عائلاتهم، يشعرون بالفخر للمشاركة في إعداد أسئلة أهم امتحان تربوي في البلاد.