أزيد من نصف ساعة أمضتها الطفلتان المقدسيتان الشقيقتان يقين وسدين عفانة إحداهما رضيعة، وحيدتين مرعوبتين داخل سيارة والديهما اللذين اعتقلتهما قوات الاحتلال، ليلة الخميس، عند حاجز أمني في "تل بيوت" بالقدس المحتلة، واقتيدا للتحقيق في مركز عوز التابع لحرس الحدود الإسرائيلي على سفوح جبل المكبر.
كان الوالدان قبيل اعتقالهما في طريقهما للتسوق مع طفلتيهما، ثم استوقف مركبتهما حاجز مفاجئ لشرطة الاحتلال وخضعا للتحقيق قبل أن يكتشف أحد عناصر الشرطة أن الزوجة غير مقيمة في القدس وتحمل هوية ضفة غربية بمعنى أنها لا تملك تصريحاً أمنيا لدخول المدينة، وهي تهمة تستوجب العقوبة حسب قانون الاحتلال الذي يطبّق على آلاف الأسر المقدسية.
الطفلتان يقين وسدين انس عفانه
— Israa Israa (@IsraaIs95501155) June 30, 2022
تركتا داخل مركبة والدهم في ساعه متاخره من مساء أمس بعد اعتقال والديهما بحجة أن الأم "تحمل هوية الضفه الغربيه" pic.twitter.com/hfb0IPzcOn
لحظات رعب حقيقية قضتها الصغيرتان تخللهما صراخ وبكاء، قبل أن يحضر قريب لوالديهما ليصطحبهما معه، فيما أمضى الوالدان نحو أربع ساعات من لحظة اعتقالهما حتى انتهاء التحقيق معهما، وثم التفريق بين الزوجين وطفلتيهما.
الاحتلال يعتقل الشاب أنس عفانة وزوجته من بلدة صور باهر جنوب القدس المحتلة ويترك أطفالهما وحدهم في المركبة التي كانا يستقلانها . pic.twitter.com/N4pXael3xW
— رصد العدو💥 (@Ra_s_d) June 30, 2022
تقرّر وضع الوالد أنس عفانة في الحبس المنزلي لخمسة أيام مع غرامة مالية، أما الزوجة فانتزعت منه وأبعدت إلى موطنها في بلدة عناتا شمال القدس في الضفة الغربية بصحبة طفلتيها ومنعت مستقبلا من دخول القدس، وهي عقوبة تعني تفكيك روابط الأسرة التي تحاول منذ أكثر من عام الحصول على موافقة لطلب جمع شمل الزوجة.
أنس عفانة والد الطفلتين تحدث لـ "العربي الجديد" عما حدث خلال ساعات كانت بالنسبة له زمناً طويلاً، قائلا " تم اعتراضنا ليلة الخميس من قبل دورية للشرطة الإسرائيلية قرب المنطقة الصناعية المسماة "تل بيوت" جنوب القدس، إذ طلب الشرطي بطاقة هوية زوجتي، ولما علم بأنها لا تحمل بطاقة هوية كونها من الضفة الغربية، طلب منها مغادرة السيارة والصعود إلى الدورية لكنني رفضت ذلك، وقررت مرافقتها لمحطة الشرطة، لاستكمال التحقيق، وهو ما تم فعلا".
وأضاف "خضعت زوجتي للتحقيق وحدها، ثم علمت لاحقا بأنه تم إبعادها إلى حاجز رقم 300 المؤدي إلى بيت لحم، وحين توجهت إلى هناك لم تكن موجودة لأفاجأ بأنها أبعدت إلى بلدة عناتا في الضفة، في حين تقرر حبسي منزليا خمسة أيام وفرض غرامة بقيمة 5000 شيكل بالعملة الإسرائيلية".
وأوضح: "قبل ذهابنا اتصلت بأحد أقربائي لاصطحاب الطفلتين، علما أن شرطة الاحتلال حاولت الاتصال بموظفي الشؤون الاجتماعية الإسرائيلية للاحتفاظ بيقين وسدين لكنني رفضت ذلك بشدة، عندها أصر عناصر الشرطة على اصطحابي وزوجتي حتى قبل أن يحضر قريبنا لاصطحابهما وتركتا في حالة هلع وخوف ليتجمع بعدها مواطنون مروا من المكان بالصدفة وظلوا هناك حتى وصول قريبنا".
لقد أمضى عفانة ليلته بعيداً عن زوجته وأطفاله وسيبقى كذلك حتى تنقضي فترة الحبس المنزلي التي فرضت عليه، ولا يملك غير التواصل هاتفيا مع أسرته ليطمئن على طفلتيه وزوجته.
المحامي مدحت ديبة وصف ما حدث لعائلة عفانة بـ "الجريمة"، قائلا لـ"العربي الجديد": ما جرى بحق عائلة عفانة جريمة يجب أن يلاحق مقترفوها، فكيف يعقل أن يترك عناصر الشرطة طفلتين في ظروف الخطر الشديدة كما حدث مع يقين وسدين"، مطالبا بتقديمهم للمحاكمة لنيل العقوبة التي يستحقونها.
أما المحامي خالد زبارقة، فقال لـ "العربي الجديد"، إن الشرطة حتى لو كانت محقة بمبررات اعتقال الزوجين، فلا يجوز أن تترك الطفلتين في الوضع الذي تركتهما فيه.
وتسلط قضية المواطن أنس عفانة وزوجته، الضوء على قضايا آلاف الفلسطينيات المتزوجات من مقدسيين يحملون بطاقة الهوية الزرقاء يصدرها الاحتلال، ويقدر عددهن بأكثر من 20 ألف نسمة تنتظر ملفاتهن النظر فيها من قبل وزارة الداخلية الإسرائيلية التي جمدت النظر في طلبات جمع الشمل منذ نحو عشرين عاما ولا تزال.