سيكون هناك أمن غذائي عالمي عندما يحصل جميع الناس في جميع الأوقات على الغذاء الكافي لحياة نشطة وصحية، والتنوع البيولوجي مصدر رئيسي للغذاء، فإذا تأثر سلباً بتغير المناخ، فسيتهدد الأمن الغذائي العالمي بشكل كبير بسبب عدم توازن النظام البيئي الطبيعي.
لذلك، فإن المخاوف بشأن انقراض الأنواع لها ما يبررها بسبب السلع والخدمات التي تقدمها أنواع الكائنات الحية، مثل التلقيح، ومكافحة الآفات الطبيعية، والغذاء، والأدوية. ويؤثر تغير المناخ على كل ذلك، وعلى مرونة النظام البيئي أيضاً من خلال الأعاصير والعواصف الثلجية وموجات الحر والجفاف وغيرها من الظواهر الجوية الشديدة.
على سبيل المثال، نتجت عن أعاصير "ألينيو" بين عامي 1996 و2003، كميات كبيرة من الأمطار في المناطق الاستوائية وشرق أفريقيا، ما أدى إلى حدوث فيضانات، الأمر الذي قلص الإنتاج الزراعي. لذا فإن تغير المناخ تكون له تأثيرات فورية على إنتاج الغذاء وتوزيعه.
علاوة على ذلك، تؤثر التغيرات المناخية في متوسط درجات الحرارة، ومعدلات هطول الأمطار، وفي ملاءمة الأرض للمحاصيل، وتؤثر على الأراضي الرعوية، وعلى إنتاجية الموارد البحرية، كما تزيد من الآفات والأمراض التي تؤدي بدورها إلى فقدان التنوع البيولوجي، وتدهور أداء الأنظمة الإيكولوجية، وتقليل المياه اللازمة للمحاصيل والثروة الحيوانية وتربية الأسماك، ونضوب المياه الجوفية، وارتفاع مستوى سطح البحر.
وتشير دراسات عديدة إلى أنه من المتوقع أن يقلل تغير المناخ من إنتاج الحبوب بنسبة تراوح بين 1 و7 في المائة بحلول عام 2060، ومن المتوقع أن تتعرض 22 في المائة من المساحة المزروعة بالمحاصيل الرئيسية في العالم إلى آثار سلبية بحلول عام 2050، ووفقاً لذلك، فإنه من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى تعرض نحو 170 مليون شخص إضافي لخطر الجوع بحلول عام 2080.
ويؤثر تغير المناخ المتطرف، أو غير المتوقع، على الأمن الغذائي والمحاصيل أيضاً، وتشير التقديرات إلى أن المحاصيل الزراعية في أفريقيا وحدها يمكن أن تنخفض بأكثر من 30 في المائة بحلول عام 2050، وسيؤدي هذا إلى إحباط الفقراء الذين يعدون الأقل قدرة على استيعاب التغيرات العالمية في أسعار السلع الأساسية الناتجة عن انخفاض المعروض.
وأشارت دراسة نشرت في عام 2009، حول أسباب استمرار المجاعة في أفريقيا، إلى ثلاثة من المجاعات الأخيرة التي تفاقمت في مناطق جنوب الصحراء الكبرى بسبب أنماط المناخ غير المتوقعة، والتي دفعت المجتمعات الضعيفة بالفعل إلى حافة انعدام الأمن الغذائي.
ويمكن أن يكون لتغير المناخ تأثير مدمر على المحاصيل، على غرار ما جرى في موجات الجفاف الأخيرة التي ضربت روسيا والصين، أو الفيضانات في أستراليا والهند وباكستان، وفي أوروبا.
وتجدر الإشارة إلى أننا نشهد الآن على حدوث ما معدله 500 كارثة مرتبطة بالمناخ كل عام، مقارنة مع 120 كارثة في عقد الثمانينيات. وفي الفترة من عام 1996 إلى 2003، كان هناك انخفاض بنسبة تراوح بين 50 و150 ملم في هطول الأمطار الموسمية، وفشل في إنتاج المحاصيل ذات الدورة الطويلة، مثل أصناف الذرة التي انخفض إنتاجها بنسبة 60 في المائة. وبالتالي، سيتأثر إنتاج الأغذية، أو توزيعها وحيازتها، وإعدادها واستهلاكها أيضاً، ومع زيادة شدة الأحوال الجوية القاسية، هناك خطر متزايد لحدوث عواصف تدمر المواد الغذائية، أو تعرقل توزيعها.
ويؤثر تغير المناخ فعلياً على المكونات الأربعة للأمن الغذائي، وهي توافر الغذاء، وإمكانية الوصول إليه، واستخدام الغذاء، واستقرار النظام الغذائي، كما يؤثر بطرق غير مباشرة على العوامل الفيزيائية الحيوية، ومنها نمو النبات والحيوان، ودورة المياه، والتنوع البيولوجي، ودورة المغذيات، وكذا الطرق التي تدار بها الممارسات الزراعية، وطرق إنتاج الغذاء.
علاوة على كل ذلك، فإن تغير المناخ له تأثير كبير على رأس المال المادي والبشري، مثل الطرق، والتخزين، والبنية التحتية، والأصول الإنتاجية، وشبكات الكهرباء، وهذه العوامل الحيوية تؤثر بشكل غير مباشر على العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تحكم الوصول إلى الغذاء واستخدامه.
(اختصاصي في علم الطيور البرية)