هكذا يحوّل يمنيون الخردوات إلى أثاث منزلي

هشام سرحان

avata
هشام سرحان
26 يناير 2021
اثاث من الخردة
+ الخط -

يحوّل عمّال في مدينة تعز وسط اليمن، الخردة إلى أثاث منزلي متعدّد الأشكال والأحجام، في مسعى منهم لخدمة السكّان وتلبية احتياجاتهم وطلباتهم. ويوفّر العمّال من خلال هذا العمل، منتجات محليّة الصنع بأسعار متواضعة، تتناسب مع قدرات السكّان الشرائية، وتراعي أوضاعهم المعيشية والمادية الصعبة، في المدينة المكتظة بالفقراء والعاطلين عن العمل، جرّاء الحرب والحصار المطبق عليها من قبل جماعة الحوثيين، للعام السادس على التوالي. 

ويجمع هؤلاء خزانات المياه والبراميل التالفة وغيرها من مخلّفات الحديد والعلب المعدنية الخاصة بحفظ الأجبان والحلوى، من مختلف أنحاء المدينة، ثم يقومون بإعادة تدويرها في ورشتهم بطرق يدوية بدائية، فيقصّونها ويعيدون تشكيلها، ويعمدون إلى تلحيمها ودهنها. 

 ويبرع هؤلاء في تصميم أشكال جذّابة بمقاسات دقيقة ومواصفات عالية، تمكّنهم من منافسة البضائع الخارجية وكسب ثقة الزبائن والمحافظة على إقبالهم المتزايد، رغم تواضع الإمكانيات وندرة المواد الخام وغياب المعدات الحديثة اللازمة لتسهيل هذا العمل الشاق والمجهد، كما يقول القائمون على "ورشة الهيثم".

وتُعد هذه الحرفة، نادرة على مستوى البلاد، إذ يتم عادة تكويم مخلّفات الحديد والمعادن في أحواش واسعة أو رميها في مكبّات النفايات، وسط غياب شبه تام للورش والمعامل والمصانع التحويلية في مختلف المحافظات اليمنية. لذلك برزت مؤخراً هذه الورش في تعز، ونالت إعجاب الزبائن والمهتمين بالحرف اليدوية، الذين ثمّنوا دورها وجهود العاملين الرامية إلى تحويل النفايات إلى متطلّبات ضرورية، تسدّ احتياجات الأهالي البسطاء، كما تغطي العجز الحاصل في المحلات والأسواق.

ويعمل قرابة 15 عاملاً، طوال اليوم، في الورشة معاً، تربطهم صداقة ومعرفة شخصية، كما يتشاطرون المهام  ويواجهون الصعوبات التي تعترضهم في هذا النشاط، الذي يشكّل فرصة للعمل وكسب الرزق وتوفير لقمة العيش،كما هو مصدر دخلهم الوحيد ولأسرهم، في ظلّ ندرة الأعمال وانعدام مصادر الدخل وارتفاع معدّلات الفقر والبطالة بفعل الأوضاع التي تمرّ بها البلاد منذ عام 2015. ويقول المشرف على الفريق، درهم الصلوي، لـ"العربي الجديد"، "نحوّل الحديد والمعادن التالفة إلى أثاث منزلي ومستلزمات أخرى، ونبيعها بأسعار رخيصة رغم جهودنا الكبيرة  في القصّ والتشكيل واللحام والدهان". 

ويضيف: "نجلب الخردة من المنازل والأحياء أو نشتريها، ونتحمّل تكاليف نقلها إلى الورشة التي نصنع فيها مختلف الأشياء بشكل مستمر، كما نلبي طلبات الزبائن وننتج لهم قطعاً جديدة". وتشتدّ حاجة هؤلاء العمّال لدعم المنظمات والمؤسسات الحكومية، وذلك لتوفير المواد الخام ومعدّات الكبس والتصنيع الحديثة، كونهم يعتمدون في ورشتهم الكبيرة على أدوات بدائية ويدوية. وتعترضهم العديد من المعوّقات من ضمنها ندرة الخردة وصعوبة الحصول عليها، وهو ما يشير إليه عفان عبد الكافي، وهو أحد العمّال في الورشة. ويضيف: "نقوم بإنتاج صناديق عدادات الكهرباء والشنط الحديدية والماسات ودواليب الملابس والمطابخ وحصالات جمع الفلوس والمواقد وأدوات التدفئة وإشعال الفحم وقلي الأطعمة وتنقيتها من الزيوت، إلى جانب أواني إعداد الخبز في المنازل والبوفيهات". وتنال تلك المنتجات رضى الزبائن واستحسانهم، إذ يعتبرونها  جيدة ومفيدة لهم، وهو ما لفت إليه المواطن عارف الزبيري، موضحاً "استفادت الكثير من الأسر الفقيرة من تلك المنتجات التي صارت متاحة لها بأسعار زهيدة تمكّنها من شرائها، في حين يصعب عليها ابتياع مثيلاتها المستوردة والتي تتوفر في الأسواق بأسعار خيالية".  

ذات صلة

الصورة
من حملة تطعيم سابقة ضد الكوليرا في تعز (عبد الناصر الصديق/الأناضول)

مجتمع

أدت الفيضانات والسيول التي شهدتها اليمن مؤخراً إلى موجة جديدة من وباء الكوليرا، في ظل انهيار القطاع الصحي، وتردي المرافق الطبية.
الصورة
تتكرر الفيضانات في اليمن (محمد حمود/ Getty)

مجتمع

يواجه اليمنيون مأساة تلو الأخرى، وكان آخرها السيول والفيضانات التي اجتاحت محافظة الحديدة وخلفت قتلى وأضراراً كبيرة.
الصورة
السوري ثائر نقار.. يقاوم مصاعب النزوح المتكرر بأدوات الحلاقة

مجتمع

كحال آلاف السوريين كان النزوح المتكرر رفيق الثلاثيني ثائر نقار وأسرته، بحثتا عن حياة أفضل وشيء من الاستقرار والأمان.
الصورة
أجواء عيد الأضحى في تعز (عبد الناصر الصديق/ الأناضول)

مجتمع

شهد اليمن في عيد الأضحى هذا العام مظاهر فرح متعددة وأجواء مختلفة، لا سيما مع التقدم الحاصل في مجريات الملف الإنساني وبينها فتح طرقات.
المساهمون