تبدأ اليوم، في لندن، أولى جلسات الاستماع في قضية شميمة بيغوم، المواطنة البريطانية التي جرّدتها الحكومة من جنسيتها قبل ثلاثة أعوام، على خلفية انتسابها إلى تنظيم داعش، والتي تُعرَف بـ"عروس داعش".
وكانت شميمة قد غادرت منزلها في العاصمة البريطانية لندن في عام 2015، عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها، واتّجهت إلى سورية لتعلن انضمامها إلى "داعش"، قبل أن تتزوّج من مقاتل هولندي وتنجب منه ثلاثة أطفال توفّوا جميعاً. وقدّم محامو شميمة استئنافاً جديداً للمحكمة ضدّ سحب الجنسية، بحجّة أنّ القرار الذي اتّخذه وزير الداخلية آنذاك ساجد جاويد "غير قانوني"، لأنّه لم يأخذ بعين الاعتبار ما إذا كانت الطفلة "ضحية للاتّجار بالبشر والاستغلال الجنسي".
وسوف تستمرّ جلسة الاستماع هذه خمسة أيام، من المفترض أن تقرّر المحكمة بعدها قبولها الطعن أو رفضه. ومنذ أن أعلنت المحكمة عن بدء جلسات الاستماع للجنة الاستئناف الخاصة بالهجرة، ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بردود فعل غاضبة ومطالبة بعدم التراجع عن قرار تجريدها من الجنسية، لأنّها "هي التي اختارت مغادرة بلدها والالتحاق بداعش"، كما أنّها لم تعبّر عن "ندمها" إلا في وقت متأخّر.
وقالت سامنثا نايتز، وهي ممثلة شميمة في جلسة الاستماع اليوم، إنّ "هذا القرار المتسرّع هو بمثابة منفى أبدي بالنسبة إلى شميمة، التي جُرّدت من جنسيتها وحقّها في العودة إلى وطنها". كذلك حثّت نايتز المحكمة على قبول الطعن في قرار سحب الجنسية، لأنّ هذه القضية "تخصّ طفلة كانت في الخامسة عشرة من عمرها عندما جرى التلاعب بها من خلال داعش".
وقدّم محامو شميمة، التي تبلغ من العمر اليوم 23 عاماً، ما وصفوه بـ"الأدلّة الدامغة على أنّ الطفلة جُنّدت واستُقبلت في سورية لأغراض متعلقة بالاستغلال الجنسي".
من جهتهم، قال محامو وزارة الداخلية البريطانية إنّ "قضية شميمة لا تتعلق بالاتّجار بالبشر، بل بالأمن القومي". وكتب ممثل الحكومة جيمس إيدي أنّها "تحالفت مع تنظيم داعش، وبقيت في سورية مدة أربع سنوات حتى عام 2019"، قبل أن تعلن نيّتها العودة إلى بريطانيا، مشيراً إلى أنّها لم تعلن عن نيّتها مغادرة أراضي "داعش" إلا بعد "انهيار الخلافة، وفقط بحثاً عن الأمان".
يُذكر أنّ قرار تجريد المواطنين البريطانيين من جنسيتهم هو قرار صعب جداً ومعقّد، ويخضع لكثير من التدقيق الحكومي والقضائي. ويُظهر تحليل أعدّته منظمة "فري موفمنت" أنّ ما لا يقلّ عن 464 شخصاً جُرّدوا من الجنسية البريطانية منذ تخفيف القانون المتعلق بهذا الإجراء قبل 15 عاماً. وتسجّل أرقام وزارة الداخلية حرمان 175 شخصاً من جنسياتهم لأسباب تتعلق بالأمن القومي، و289 شخصاً آخرين لأسباب تتعلق بالاحتيال، منذ عام 2006، في حين أنّ المملكة المتحدة لم تشهد قبل هذا التاريخ أيّ إجراء مماثل منذ عام 1973.
وكشف تحقيق أعدّته هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية "بي بي سي" في أغسطس/ آب الماضي، أنّ عميل استخبارات من أصل سوري يعمل لمصلحة كندا هو الذي خطّط لتهريب شميمة إلى سورية، في حين أنّ الحكومة الكندية اكتفت بالقول إنّها "سوف تتابع" هذه المزاعم.
وقبل عام، قالت شميمة إنّها سوف تندم طوال حياتها على هذا الخطأ الذي ارتكبته، وأعلنت عن استعدادها للتعاون مع المملكة المتحدة في "محاربة الإرهاب". لكنّ صوتها لم يلقَ أيّ تعاطف لدى الحكومة ولا لدى الرأي العام، إذ إنّها كانت قد عبّرت، في ظهور إعلامي سابق (2019) على قناة "سكاي نيوز"، عن عدم ندمها، بالإضافة إلى أنّها شبّهت تفجير مانشستر في عام 2017، الذي راح ضحّيته 22 شخصاً، بالضربات العسكرية على معاقل تنظيم داعش، ووصفته بـ"الفعل الانتقامي".