هل تقرع أجراس مدارس القدس؟

07 نوفمبر 2024
سعي متواصل لأسرلة التعليم في القدس (مصطفى الخروف/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تجمع مئات الطلبة في مدارس القدس مع بداية العام الدراسي الجديد، حيث تعكس هذه المدارس تنوع المدينة الثقافي والاجتماعي، بينما يواجه التعليم ضغوطاً من الاحتلال الذي يسعى للسيطرة على المؤسسات التعليمية وتحويلها إلى ثقافة "الأسرلة".

- تتنوع المدارس بين جمعيات أهلية فلسطينية، ومدارس بلدية الاحتلال، ومدارس السلطة الفلسطينية، ومدارس الأونروا، حيث يواجه التعليم تحديات كبيرة مثل نقص الفصول الدراسية والضغوط السياسية.

- أدت الظروف الصعبة إلى هجرة الطلاب والمعلمين إلى مدارس إسرائيلية، مع توقعات بتفاقم الأوضاع في العام الدراسي القادم بسبب استمرار سياسات الاستيطان والإلغاء.

منذ مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي، تجمع مئات الطلبة بثيابهم الموحدة في ساحات مدارس القدس إيذاناً ببدء يوم دراسة عادي في عام دراسي جديد يمتد حتى بداية الصيف المقبل. رفع النظَّار سواعدهم نحو السماء وقرعوا ما يحملونه من أجراس، وهرع التلامذة لدى سماعها إلى صفوفهم معبرين عن الفرح بلقاء الزملاء الذين مضت أشهر على فراقهم.
وتعكس مدارس القدس طابع المدينة المتنوع عمرانياً وعقائدياً وثقافياً واجتماعياً وتاريخياً، وبناءً على هذا "الموزاييك" تتعدد مرجعيات المدارس بينما يقيد الاحتلال المدينة بكل ما يمارسه من ضغوط على أحيائها ومقدساتها كالمسجد الأقصى وكنيسة القيامة، ويسعى بكل ما يملك من عناصر قوة إلى خنق المؤسسات التعليمية التي لا تأتمر بأوامره، ويستعمل لهذه الغاية كل ما يملك من وسائل وضغوط. 
وفي القدس مدارس تتبع لجمعيات أهلية فلسطينية، وأخرى تابعة لبلدية الاحتلال، ومدارس تابعة للسلطة الفلسطينية تديرها الأوقاف الإسلامية، ومدارس تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". هذه اللوحة التشكيلية يحاول الاحتلال القضاء عليها من خلال تكثيف الضغوط على مدارس السلطة الفلسطينية التي تستقطب نحو 45 ألف طالب وطالبة، وعلى مدارس أونروا والمجتمع الأهلي.
ويطمح الاحتلال أن تنجح خطته في الهيمنة على التعليم من خلال "مدارس المقاولات" ببرامجها الصهيونية. ولذلك يمارس ضغوطاً حثيثة على كل المدارس التي لا تتماشى مع سياسته في تحويل المواطن الفلسطيني إلى ثقافة "الأسرلة"، خصوصاً بعد تصنيف الكنيست وكالة "أونروا" منظمة إرهابية.
ويرفض الاحتلال الاعتراف بوجود السلطة أو المجتمع الفلسطيني، وهو ما صرح به مراراً كل من بنيامين نتنياهو وداعميه بن غفير وسموتريتش. وتقدر جهات مختصة حاجة مدينة القدس السنوية إلى 80 صفاً دراسياً جديداً، يوفر الاحتلال منها نحو 36 صفاً، ما يؤدي إلى نقص تراكمي يقدر بعشرة آلاف مقعد دراسي.

ويصل عدد طلبة المدينة إلى نحو 100 ألف طالب يتلقون تعليمهم في جميع المراحل، ويضطر نحو 40% من معلمي القدس إلى التنقل عبر الحواجز المحيطة بالمدينة للوصول إلى مدارسهم يومياً وسط العراقيل التي تحد من تحركهم وتعيق وصولهم في الأوقات المحددة.
ومنذ "السابع من أكتوبر" اضطرت مدارس السلطة إلى التعليم عن بُعد بسبب تعذر وصول أعضاء الهيئة التعليمية والطلاب، كما أن هناك مشكلة إضافية تتمثل في غياب التعليم الوجاهي، وتدني وتذبذب دفع الرواتب، ما حدا ببعض المعلمين إلى مغادرتها، وهذا قاد بدوره خلال العام الدراسي 2023-2024 إلى هجرة نحو 750 طالباً وطالبة منها إلى مدارس تندرج تحت مظلة التعليم الإسرائيلية، كما دفع 150 معلماً ومعلمة إلى الاستقالة، أو طلب إجازات غير مدفوعة، والانتقال إلى مدارس المعارف الإسرائيلية، والتي تنتظم فيها الرواتب، وتفوق قيمتها الشهرية ما يحصل عليه المعلم في المدارس الفلسطينية بكثير. كل هذا حدا بالأهالي إلى البحث لأبنائهم عن مدارس ينتظم فيها التعليم.
ويتوقع عبد القادر الحسيني، رئيس مجلس إدارة مؤسسة فيصل الحسيني أن يكون العام الدراسي 2024-2025 بمثابة استمرار لمشكلات العام الفائت، بل قد تتفاقم. ولعل لهذا التوقع ما يبرره لجهة استمرار سياسة الاستيطان والإلغاء والتطهير العرقي في الضفة عموماً، وفي القدس خصوصاً، والتي تريدها إسرائيل عاصمة أبدية لدولتها العنصرية.
(باحث وأكاديمي)

المساهمون