بعد مرور أكثر من عامين على انتشار فيروس كورونا وطفراته التي كان آخرها المتحور أوميكرون، يبحث العلماء عما إذا كان الفيروس سيختفي أم سيزداد خطورة، وسط توقعات متزايدة بأن يصبح مرضا موسميا مثل الأنفلونزا.
وتشكل هذه التوقعات محور دراسات عميقة قائمة، لأن الإجابة عنها قد تحدد مستقبل التعامل مع الفيروسات، حسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، والتي أشارت إلى أن أوميكرون كان أكثر عدوى وأكثر مقاومة للقاحات من السلالة الأصلية التي ظهرت لأول مرة في نهاية 2019، لكنه لم يكن خطيراً، وأنه لا يوجد سبب بيولوجي لعدم استمرار تطور الفيروس.
مع ظهور المتحور "دلتا"، كانت الإصابات محدودة، لكنها خطيرة، وعلى العكس تماما من أوميكرون، ما يرجح إمكانية أن يظهر متحور ثالث مختلف، ولا يستطيع العلماء تحديد ما إذا كان ظهور متحور جديد سيؤدي إلى إصابة الأشخاص بفيروس كورونا أم بأوبئة جديدة.
وتتطور الفيروسات عادة عبر طريقتين، الأولى الالتفاف حول الجهاز المناعي، والثانية عن طريق شدة العدوى وبالتالي إصابة عدد أكبر من الأفراد. وفي ما يخص فيروس كورونا، كان من اللافت أنه تطور بالطريقتين معا، ما جعل الفيروس أكثر عدوى من كل فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى، لكنهما في المقابل ساهمتا في تقليص خطورة الفيروس.
تطور متحورات فيروس كورونا قدرات للهروب من المناعة البشرية
ولا يمنع ذلك طرح علامات استفهام أخرى تتعلق بالمدى الذي يمكن أن يصل إليه الفيروس مستقبلاً، وللإجابة عن هذا، قارن الخبراء بين تطور الفيروسات السابقة وفيروس كورونا، واكتشفوا أن الفيروسات الأقدم وصلت إلى مرحلة الثبات في قدرتها على الانتشار، وأن بعض الفيروسات الأكثر عدوى من كورونا، مثل الحصبة، لم تعد منتشرة بشكل كبير، فيما فيروسات أخرى، مثل الأنفلونزا، ما زالت موجودة ومنتشرة.
وحسب الخبراء، يمكن لفيروس كورونا أن ينتشر بشكل أفضل عن طريق "الهروب" من المناعة، وفي وقت مبكر من الجائحة، كان لدى قليل من الناس مناعة ضده، ولكن حاليا يمتلك ملايين الناس حول العالم أجساما مضادة ناتجة عن التطعيم، أو عن عدوى سابقة، والمتحور دلتا كان قادرا على تجنب الأجسام المضادة بشكل ما، لكن أوميكرون لديه العديد من الطفرات التي تقلل من قدرة الأجسام المضادة على التعرف إليه.
وحقيقة أن الفيروس طور قدرة على إصابة الأشخاص الذين تم تطعيمهم، أو الذين أصيبوا سابقًا، لا ينبغي أن تكون مفاجئة، لأن المتغيرات قادرة على الانتشار، وغالباً ما يستمر تطورها، ولهذا اعتقد العديد من العلماء أن المتحور الجديد سيتحدر من دلتا، لكن التطور فاق توقعات العلماء، ليظهر أوميكرون بقدرات مختلفة.
ويستحيل تحديد ما إذا كانت المتحورات المستقبلية ستشمل قفزات كبيرة شبيهة بأوميكرون، لكن من غير المستبعد أن يستمر أوميكرون في التطور للهروب من زيادة المناعة، وعليه ينبغي تطوير اللقاحات لمقاومته، كما يحدث مع تطوير لقاح الأنفلونزا سنوياً.
وبالنظر إلى كل هذا، فإنه من المرجح أن يكون فيروس كورونا سبباً في ظهور أوبئة جديدة، وأن تواصل متحوراته القدرة على الالتفاف على الجهاز المناعي، فالمناعة هي أفضل أداة للحد من الأمراض، وقد ساعدت المناعة المكتسبة من التطعيم والإصابات السابقة في تخفيف تأثير موجة أوميكرون في العديد من البلدان.
ويرى الخبراء أن اللقاحات المحدثة أو المحسّنة، والتدابير الأخرى التي تبطئ انتقال الفيروس، ستكون أفضل استراتيجية للتعامل مع تطور الفيروس في المستقبل.