بعد معاناة مضاعفة وعذاب نفسي وأشهر صعبة مرت على كل أفراد العائلة كان الفرج. هكذا بدأ الطاهر سعدون والد الطالب المغربي المحكوم بالإعدام في شرق أوكرانيا، حديثه لـ"العربي الجديد"، بعد أن تمكن ابنه إبراهيم من معانقة الحرية أمس الأربعاء، بعد نحو 6 أشهر من تجربة الأسر لدى القوات الانفصالية الموالية لروسيا في أوكرانيا.
يضيف: "أمضينا ليلة بيضاء في انتظار أي تطور منذ الإعلان عن إطلاق سراحه، على كل حال، نحمد الله، ومرتاحون اليوم لأنه في بلاد آمنة، هي بلاد كل العرب والمسلمين وبلده الثاني".
ووصل الطالب المغربي إبراهيم سعدون (21 عاماً)، أمس الأربعاء، على متن طائرة خاصة إلى السعودية، بعد إفراج السلطات الانفصالية الموالية لروسيا عنه في إقليم دونيتسك في شرق أوكرانيا، إلى جانب 9 معتقلين آخرين كانوا قد تم أسرهم في مناطق الشرق الأوكراني، في وقت كانت فيه الأنظار تتجه إلى مآل طلب استئناف حكم الإعدام الذي كانت قد تقدمت به هيئة الدفاع عنه.
وبحسب والد الطالب المغربي، فإن "تدخل المغرب والوساطة السعودية، وتضافر الجهود والدعم الذي كانت تلقاه الأسرة من السلطات المغربية والمساندة والمؤازرة من المغاربة ومن الصحافة، قادت إلى إنقاذ إبراهيم من مقصلة الإعدام"، معبراً عن سعادة غامرة بعد أن انتهى كابوس ظل يؤرق أسرته منذ وقوع ابنه إبراهيم في أسر القوات الروسية بعدما سلم نفسه في ماريوبول (جنوب شرق أوكرانيا) في إبريل/نيسان الماضي.
وتابع: "أشكر كل من كانت له يد في الإفراج عن إبراهيم مغاربة كانوا أم عرباً، ونحمد الله أن العملية تمت بسلاسة ولم تواجهها أي عقبات. نحن الآن ننتظر بفارغ الصبر عودته سالماً إلى أرض الوطن".
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية، أمس الأربعاء، عن نجاح مبادرة ولي العهد السعودي بالإفراج عن 10 أسرى من مواطني المغرب والولايات المتحدة وبريطانيا والسويد وكرواتيا، لافتة إلى أن الإفراج عنهم يأتي في إطار عملية تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا.
وقالت الخارجية السعودية، في بيان لها، إن الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية قامت باستلام الطالب المغربي إلى جانب المعتقلين التسعة الآخرين، ونقلهم من روسيا إلى السعودية، والعمل على تسهيل إجراءات عودتهم إلى بلدانهم.
وبينما يكشف والد الطالب المغربي أنه تلقى رسميا خبر الإفراج عن ابنه عبر اتصالات، يتوقع المتحدث ذاته أن يحل ابنه بالمغرب قريبا، بعد انتهاء الإجراءات اللازمة والكشوفات الطبية وإعداد الوثائق الإدارية الخاصة به.
وكانت محكمة تابعة للانفصاليين في دونيتسك قد قضت، في 9 يونيو/حزيران الماضي، بإعدام سعدون، بتهمة "المشاركة في التحضير لأعمال عدائية وتنفيذها ضدّ جمهورية دونيتسك، والارتزاق والتآمر الجماعي لتنفيذ أعمال تهدف إلى الاستيلاء بالقوة على السلطة، وتغيير النظام الدستوري لمجلس النواب الشعبي بالقوة".
وفي الأول من يوليو/تموز الماضي، قدمت هيئة دفاع الطالب المغربي طلبا لاستئناف الحكم الصادر في حقه بالإعدام. ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن دفاع سعدون، المحامية يلينا فيسنينا، قولها إنّهم تقدّموا بطلب استئناف نقض لتخفيف العقوبة بحقّ الطالب المغربي.
وخلف ملف سعدون سجالا واسعا في المغرب، خاصة بعد الحكم عليه بالإعدام، وما رافق ذلك من صمت حكومي أو من تدخل من طرف الجهات المغربية المخولة لها ذلك. في حين طالبت منظمات وهيئات حقوقية مغربية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتدخل لدى سلطات إقليم دونيتسك لوقف حكم إعدامه، وناشدت، في بيان مشترك، تمتيع الشاب بظروف اعتقال إنسانية وبمحاكمة عادلة تحترم المعايير الدولية.
وأعلن المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب (حكومي)، في 18 يونيو/حزيران الماضي، بذل مساعٍ دولية من أجل حماية حقوق الطالب. وصرّحت رئيسة المجلس آمنة بوعياش: "بادرنا إلى التواصل مع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان من أجل حماية إبراهيم سعدون من عقوبة الإعدام التي نترافع من أجل إلغائها من كل التشريعات الوطنية والدولية، وتواصلنا مع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في روسيا من أجل التدخل قدر المستطاع لحماية حقّ المواطن المغربي".
وكان والد الطالب المغربي قد قال لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، إن ابنه حاصل على الجنسية الأوكرانية منذ عام 2020، أي قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وعلى هذا الأساس يجب أن يعامل كأسير حرب وليس مرتزقا، وبالتالي الحكم عليه بخمس سنوات سجن على أكثر تقدير وليس الإعدام.
وأوضح أن ابنه اضطر للعمل كمترجم داخل الجيش الأوكراني، بعد أن تمت الاستعانة به بمعية طلبة معهد علم ديناميكا وتكنولوجيا الفضاء بالنظر لتمكنه من إتقان الإنكليزية والروسية بطلاقة، كما أنه لم يوقع أي عقد من أجل القتال معهم.
وأضاف أن ابنه "لم يتم إلقاء القبض عليه، بل سلم نفسه بناء على اتفاق مسبق"، لافتا إلى أنه تلقى بمعية زملائه الطلبة وعدا غادر بموجبه المنطقة الخطرة بعد تنفيذ شرط ارتدائهم للباس مدني من أجل السماح لهم بمغادرة المكان مع المدنيين، لكن ما حدث لم يكن في الحسبان، إذ تم إلقاء القبض عليه وهو يسلم نفسه".