وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني لـ"العربي الجديد": إنشاء مخيم للاجئين السوريين في حال الحرب
في إطار التحضير لخطة طوارئ خاصة بمواجهة تداعيات حرب محتملة على لبنان، في حال ساءت الأوضاع الأمنية مع توسّع رقعة الاشتباكات ما بين "حزب الله" والاحتلال الإسرائيلي، شكّلت وزارة الشؤون الاجتماعية قبل أيام خليّة أزمة، من مهامها مواكبة نزوح اللبنانيين من المناطق غير الآمنة، بالإضافة إلى متابعة أوضاع اللاجئين السوريين كذلك. وكانت لافتةً المبادرةُ التي أُطلِقت لفصل اللاجئين السوريين عن مراكز الإيواء التي سوف تُخصَّص للبنانيين، وإنشاء مخيّم كبير لهؤلاء على الحدود مع سورية.
وتأتي خلية الأزمة جزءاً من الخطط الشاملة التي تهيّئها الحكومة اللبنانية على مستوى الوزارات، تحسّباً لأيّ تدهور أمني يؤدّي إلى حرب قاسية، من قبيل عدوان تموز 2006 الإسرائيلي.
وكانت جولة لوزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار في الجنوب، اليوم الاثنين، استهلّها بزيارة سرايا صيدا، واطّلع على احتياجات دائرة الشؤون الإقليمية في المحافظة، والمعوّقات التي تحول دون أداء الواجبات الاجتماعية، لا سيّما عدم توفّر التيار الكهربائي وغيره. وقد وعد بحلّ هذه المشكلة، عبر توفير تمويل من قبل جهات دولية لمشروع ألواح طاقة شمسية خاصة بالدائرة، من أجل حسن سير العمل.
وفي إطار الجولة، زار حجار مع الوفد المرافق محافظ الجنوب منصور ضو. وكانت خلوة بين حجار وضو، بحثا خلالها الأوضاع ذات الصلة بمجريات الأحداث على الحدود الجنوبية، لجهة خطة عمل لجنة إدارة الكوارث وجهوزيتها وآلية تنسيق عمل المنظمات والجمعيات تحت إدارة الدولة.
وفي مقابلة خاصة مع "العربي الجديد"، أفاد وزير الشؤون الاجتماعية بأنّه طرح أمام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مبادرة إنشاء مخيّم احترازي للاجئين السوريين من الجهة اللبنانية للحدود مع سورية، أو بين الحدود اللبنانية - السورية، والهدف منه إيواؤهم في حال حدوث أيّ طارئ أمني.
وأكد حجار: "ناشدت رئيس الحكومة وكلّ الوزراء والمعنيّين لاتخاذ موقف، لمرّة واحدة في التاريخ، يسمح بإدارة أزمتنا بطريقة جيّدة". وأضاف أنّه "لا بدّ من تقديم الخدمات للاجئين السوريين على المستوى الإنساني، لكن في حال تنفيذ عملية إخلاء للجنوب أو حدوث نزوح واسع، في حال توسّعت رقعة الاشتباكات وشنّ عدوان إسرائيلي على لبنان، فإنّه من غير الممكن استقبال اللاجئين السوريين الموجودين في الجنوب في مراكز الإيواء أو انتقالهم إلى مناطق أخرى تعاني في الأساس من أزمة كثافة سكانية. فدفعات جديدة وكبيرة (من الناس) سوف تعني اكتظاظاً إضافياً، ما يعني بالتالي مشكلات صحية واجتماعية، الأمر الذي قد يؤدّي كذلك إلى مشكلات أمنية. من هنا، فإنّ كلّ خطوة من خارج هذا الحلّ من شأنها أن تخلق أزمة جديدة في لبنان".
وأوضح حجار: "نحن اتّخذنا قراراً بعدم توسيع مخيمات اللاجئين وعدم إقامة مخيمات جديدة لهم. ونعلم أنّه إذا استقبلنا اللاجئين السوريين في مراكز إيواء أو مدارس من قبيل التي تستقبل النازحين اللبنانيين، فإنّهم لن يخرجوا منها عند عودة الأوضاع إلى طبيعتها في وقت لاحق. وبالتالي نناشد المؤسسات الدولية، على رأسها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من أجل بناء مخيّم عند المنطقة الحدودية اللبنانية أو بين الحدود اللبنانية - السورية يحتاج إلى أسبوع، مع خطة استباقية لإيواء اللاجئين في حال حدوث أيّ طارئ أمني، إلى جانب متابعتهم إنسانياً".
وتابع وزير الشؤون الاجتماعية لـ"العربي الجديد": "ناشدت الرئيس ميقاتي، بحضور وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، تسليم رسالة إلى الأمم المتحدة عن طريق ممثلها في لبنان عمران رضا، تحتوي على مضمون واضح بأسطر يفيد بوجوب نقل كلّ من يترك الجنوب وهو نازح سوري أو سبق أن دخل (إلى لبنان) بطريقة غير شرعية، إلى المخيم عند الحدود، وتُعالج قضيته مع الوقت". ورأى أنّه "يتوجّب علينا أن نتّعظ من عام 2011"، أي تاريخ بدء اللجوء السوري إلى لبنان.
وشدّد حجار: "لا نريد من هذه المبادرة، وفي الوقت الراهن، حلّ موضوع النزوح السوري، لكنّ هذه الخطوة أساسية، ويجب وضعها على رأس الأولويات نظراً إلى أهميتها".
ولفت حجار إلى أنّ "من الصعب إحصاء عدد اللاجئين في الجنوب، خصوصاً أن ثمّة أعداداً منهم دخلت البلاد بطرق غير شرعية، وقد رصدنا أشخاصاً قصدوا مراكز إيواء لكنّهم غادروها فور رؤيتهم القوى الأمنية، لعدم حيازتهم أوراقاً قانونية"، ذاكراً أنّه لم يسجَّل وجود لاجئين سوريين في مراكز الإيواء الثلاثة التي زارها في صور (الجنوب).
وعن شاغلي مراكز الإيواء الثلاثة، قال حجار إنّ "عدد العائلات بلغ 1501، علماً أنّ الرقم المسجّل 5812"، لافتاً إلى أنّ "وزارة الشؤون وضعت خطة في حال حصول أيّ طارئ، ترتكز على الحماية الاجتماعية ورعاية كبار السنّ ومراكز الإيواء وقطاع المساعدات الأساسية والأمن الغذائي"، مؤكداً أنّ "التحضيرات جارية للاستجابة لأيّ حالة طارئة ضمن الإمكانات والقدرات المتوفّرة".
وبيّن أنّ "البلدات الواقعة على الشريط الحدودي الجنوبي مع فلسطين المحتلة، على مسافة خمسة كيلومترات تقريباً، باتت فارغة بنسبة 80 إلى 90 في المائة، من بينها الناقورة ويارون ومارون الراس وعيترون وغيرها. وثمّة عائلات قصدت مراكز الإيواء الثلاثة في مدينة صور، لكنّ العدد الأكبر منها نزح عند أقارب، سواء في مناطق جنوبية أكثر أماناً أو خارج نطاق الجنوب". وأكمل: "نحن نتابع ذلك، وثمّة جهود تُبذل في عملية رصد أماكن النازحين لتقدير العدد الحقيقي ومسار انتشارهم".
On 20 October, IOM partnered with the Disaster Risk Reduction Unit in Tyre to deliver hygiene and dignity kits to 250 individuals displaced by conflict in South #Lebanon. IOM and SHIELD also contributed 200 mattresses, 200 blankets, and 100 pillows to support the DRR's efforts. pic.twitter.com/Psz2rsCelQ
— IOM Lebanon (@IOMLebanon) October 23, 2023
"الدولية للهجرة": نحو 20 ألف نازح من جنوبي لبنان
في سياق متصل، أفادت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، اليوم الاثنين، بأنّ نحو 20 ألف شخص نزحوا من المنطقة الحدودية الجنوبية في لبنان، من جرّاء التصعيد العسكري الحاصل في الجنوب ما بين "حزب الله" والاحتلال الإسرائيلي، بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وأشارت المنظمة في تقرير إلى نزوح 19.646 شخصاً، من ضمن المناطق الجنوبية وفي مناطق أخرى من البلاد. وبيّنت المنظمة أنّ عدد النازحين يزداد يومياً، منذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، والغارات العنيفة التي يشنّها الاحتلال على أهل غزة.
وقال المتحدث الإقليمي باسم المنظمة، محمّد علي أبو النجا، لوكالة "فرانس برس": "نتوقّع ارتفاعاً في الأعداد"، في حال استمرار الوضع أو التصعيد أكثر في المنطقة الحدودية. وبيّن أبو النجا أنّ النازحين بمعظمهم التحقوا بأقارب لهم، فيما لجأ آخرون إلى ثلاث مدارس تحوّلت إلى مراكز إيواء في مدينة صور الجنوبية.
وكان أحد مراسلي وكالة "فرانس برس" في الجنوب قد أفاد بأنّ ثمّة ثلاث مدارس تكتظّ بالنازحين في صور، في حين تعمل السلطات المحلية على فتح مراكز إيواء جديدة، علماً أنّها استقبلت أكثر من أربعة آلاف نازح.
وحذّر أبو النجا من أنّه "على وقع التدهور الاقتصادي والارتفاع الكبير في معدّلات الفقر (...) في لبنان، قد يزيد النزوح من الضغط على موارد المجتمعات المضيفة".
كذلك حذّر من أنّ "القطاع الصحي (في لبنان) يواجه نقصاً قاسياً في الموارد، من بينها الأدوية (...) فضلاً عن الأطباء والممرّضين الذين غادروا البلاد من جرّاء الأزمة الاقتصادية". وأكد: "في هذا السياق، فإنّ الاستجابة للنزوح الواسع (...) قد تربك نظاماً صحياً هشاً أساساً".