عقد وزير الإسكان والمرافق المصري، عاصم الجزار، اليوم الخميس، مؤتمراً صحافياً، للحديث حول ما يُثار بشأن اقتحام قوات الأمن لجزيرة الوراق النيلية بمحافظة الجيزة خلال الأيام الماضية، مدعياً أنه "لا يوجد إخلاء قسري لأهالي الجزيرة كما تناولت بعض وسائل الإعلام، بل تأتي ضمن إجراءات الدولة لتطوير المناطق ذات الخطورة أو المتدهورة".
وقال الجزار، في مؤتمره عقب اجتماع مجلس الوزراء في مدينة العلمين الجديدة، إن "المباني السكنية القائمة على أراضي جزيرة الوراق هي عشوائية، ولم يُصدر لها تراخيص بالبناء من الجهات المختصة"، زاعماً أن "الدولة (الحكومة) لم تنتزع ملكية أحد في الجزيرة بطرق جبرية، بل اشترت الأراضي من الأهالي مقابل تعويضات بلغت قيمتها الإجمالية 6 مليارات جنيه" (الجنيه الواحد يساوي 0.052 دولار أميركي).
وأضاف أن "بعض قوى الشر تُثير ادعاءات حول ما يجري في الجزيرة، وهو ما يتكرر بصورة شبه دورية منذ بدء تنفيذ أعمال التطوير فيها"، مستطرداً "جميع الجزر في نهر النيل تعتبر محميات طبيعية، وجزيرة الوراق يوجد بها عمران يخدم الأغراض الزراعية، وهذا العمران مستمر منذ فترات زمنية طويلة".
وتابع الجزار: "الزحف العمراني في جزيرة الوراق كان كبيراً، ومساحة الكتلة المبنية داخل الجزيرة كانت 60 فداناً (الفدان الواحد يساوي 4200 متر مربع) فقط حتى عام 1996، وباقي المساحة أراض زراعية، وخلال عشر سنوات زادت الكتلة المبنية إلى 150 فداناً، وفي عام 2019 وصلت إلى 400 فدان، وهو ما يعكس حجم النمو العمراني غير المُخطط".
وزاد بقوله: "يوجد 25 فداناً يجري البناء عليها بشكل غير منظم أو مُرخص في الجزيرة، إلى جانب مشكلة تدهور البيئة الطبيعية لمجرى النهر بسبب أعمال الصرف في النيل، وهو ما استوجب سرعة تدخل الدولة للتعامل مع هذه الانتهاكات"، حسب تعبيره.
وأكمل: "مساحة الجزيرة تصل إلى 1295 فداناً تحتوي على نحو 5956 مبنى سكنياً، وخطة الدولة إزاء التطوير بدأت بتنفيذ سياسة الشراء الرضائي، من خلال استبدال الفدان الواحد بـ16 فداناً في مدينة السادات الواقعة في محافظة المنوفية، والتي يبلغ سعر الفدان فيها 375 ألف جنيه، أي أن سعر الفدان في الجزيرة يعادل مبلغ 6 ملايين جنيه".
ونوه إلى أن "إجمالي ما اشترته الدولة من المواطنين في الجزيرة بلغ 888.6 فداناً حتى الآن، وهو ما يمثل 71% من مساحة الجزيرة، وجار التفاوض على المساحة المتبقية من الجزيرة لإخلاء السكان منها، ومن ثم البدء في تنفيذ مخطط التطوير"، على حد قوله.
وفي ما يتعلق بالتعامل مع المباني في جزيرة الوراق، قال الجزار إنها "بُنيت من دون ترخيص مثل المناطق العشوائية الأخرى التي جرت إزالتها، على غرار مثلث ماسبيرو، وسور مجرى العيون في القاهرة، وتخضع لنفس البدائل المطروحة فيها، وهي إما تعويض المالك عن ملكيته وفقاً لتقدير جهات التقييم، أو قبوله بتعويض اجتماعي يتمثل في منحه وحدة سكنية في مكان آخر غير الجزيرة".
ودلل وزير الإسكان على حديثه، بالقول خاتماً: "بعض المستحقين للتعويض انتقلوا بالفعل إلى بعض المدن الجديدة، بواقع 75 مستحقاً في مدينة العبور، و27 مستحقاً في مدينة حدائق أكتوبر، و49 مستحقاً في منطقة مطار إمبابة".
ومثل صمود الأهالي في جزيرة الوراق نموذجاً يحتذى به في التصدي لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، الساعي إلى طرد جميع الفقراء من مساكنهم البسيطة في العاصمة القاهرة وضواحيها، واستغلال الأراضي المقامة عليها في تنفيذ مشاريع استثمارية تدر الأموال على خزائن الدولة، من دون اكتراث بالبعد الاجتماعي أو التركيبة السكانية.
وبخلاف العديد من المناطق الأخرى في إقليم القاهرة الكبرى، جاء تصدي أهالي جزيرة الوراق قوياً حيال المداهمات المتكررة من قوات الشرطة، المدعومة بقوات من الجيش، بغرض إخلاء الجزيرة من السكان، وكان آخرها الحملة الأمنية التي استمرت ثلاثة أيام الأسبوع المنقضي، وشهدت مواجهات ساخنة بين مئات من السكان والقوات المقتحمة الجزيرة بالمدرعات.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت العديد من فيديوهات الاستغاثة للأهالي في الجزيرة، والتي وجهوا فيها انتقادات حادة للمسؤولين في الدولة، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية، بسبب المحاولات المستمرة من السلطات لإجبارهم على إخلاء مساكنهم وأراضيهم قسراً، في المنطقة التي يعيشون فيها بشكل مستقر منذ مئات السنين، ويحوز كثير منهم أوراقاً تثبت ملكيتهم لها.
وحظر الدستور المصري، في المادة رقم 63 منه، التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله. وأكدت المادة أن مخالفة ذلك "جريمة لا تسقط بالتقادم".