دقّ وزير التجهيز والماء في المغرب، نزار البركة، اليوم الخميس، ناقوس الخطر بخصوص ندرة المياه في المغرب، محذراً من الاتجاه نحو سنة جافة أخرى، إثر تراجع خطير في الواردات المائية بفعل شحّ التساقطات المطرية.
وقال نزار البركة إنّ البلاد وصلت إلى "وضعية صعبة وخطيرة جدّاً"، في ظلّ ندرة المياه في المغرب وتراجع نسبة ملء السدود على الصعيد الوطني بنسبة 7 في المائة، إذ لا تتجاوز النسبة حالياً 23.5 بالمائة، بمعدل 3 مليارات و750 مليون متر مكعب، عوض 31 بالمائة من نسبة الملء التي سجلت السنة المنصرمة.
وزير الماء: توجّه حكومي نحو ترشيد استهلاك الماء
وفي ظلّ التراجع غير المسبوق في الواردات المائية، كشف الوزير المغربي، خلال الندوة الصحافية التي أعقبت انعقاد مجلس الحكومة اليوم الخميس، أن بعض المدن المغربية مُهددة بانقطاع تزويد الساكنة بالمياه (تازة، سطات، الشاوية، الحسيمة)، معلناً توجه الحكومة نحو اتخاذ إجراءات جديدة ومشددة لترشيد استهلاك الماء وضمان عقلنة استعماله لضمان التزود بالماء الصالح للشرب.
ووفق آخر الأرقام، لم يتجاوز معدل التساقطات المطرية خلال الثلاثة أشهر الأخيرة 21 ملم، بنسبة تراجع تقدر بـ67 بالمائة مقارنة بسنة عادية، فضلاً عن ارتفاع درجة الحرارة، حيث تجاوز المعدل السنوي (درجة و30). فيما لم تتعدّ واردات السدود 519 مليون متر مكعب مقابل مليار و500 مليون متر مكعب خلال السنة الماضية، بنسبة انخفاض بلغ أكثر من 50 بالمائة، مقارنة بالخمس سنوات الماضية، وفق ما أورده المسؤول المغربي.
وفي تعليقه على هذه الأرقام المرتبطة بندرة المياه في المغرب، قال البركة: "لم نكن نتصور أن نصل إلى هذا الحد في ملء السدود، بحيث دخلنا في مرحلة دقيقة، لم يسبق أن عشنا مستوى حدة الجفاف كما نعيشها اليوم، الذي يمتد لخمس سنوات متتالية".
وشدّد البركة على أن وضعية الإمدادات المائية خطيرة، وقال: "أملنا كبير في الأشهر الثلاثة المقبلة بأن تكون هناك أمطار وثلوج لتساعد في ملء السدود".
والمغرب من بين البلدان التي تشهد "إجهاداً مائياً مرتفعاً"، جعله يحتل المركز الـ22 بين 164 بلداً، وفق تقرير أصدره معهد الموارد العالمية في أغسطس/آب 2019.
وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهو مؤسسة حكومية، قد حذر في تقرير أصدره في 26 سبتمبر/أيلول 2019، من خطر نفاد مخزون المياه في المغرب، وخصوصاً تلك الجوفية العميقة. واعتبر أن الأمن المائي "أصبح أولوية بالنسبة إلى المغرب في السنوات المقبلة، ومن الضروري في مواجهة عدم الاستقرار الاجتماعي والتفاوت في فرص القطاعات، تقديم أجوبة سياسية مبتكرة وملهمة لحماية الموارد والحفاظ على مكتسباتها".
وتؤكد المعطيات الصادرة عن المؤسسة الحكومية أن "وضع المياه في المغرب دخل مرحلة الخطر. فعندما تقلّ المياه المتوافرة إلى ألف متر مكعب للفرد سنوياً، يغدو الوضع بالغ الحساسية، علماً أن موارده المائية تقلّ حالياً عن 650 متراً مكعباً للفرد سنوياً، في حين أنها كانت 2500 متر مكعب عام 1960".
وكانت وزارة التجهيز والماء في المغرب قد أعلنت في الأول من يوليو/ تموز 2022 أن البلاد في "حالة طوارئ مائية" جراء تناقص الموارد المائية وارتفاع الاستهلاك، وشددت على ضرورة "التوقف عن ممارسة أي شكل من أشكال تبذير الماء، حفاظاً على الموارد الحالية، ومن أجل ضمان التوزيع العادل للمياه لفائدة الجميع".
ووجّهت السلطات المغربية، في 23 يوليو/تموز 2022، بتقليص كمية تدفق المياه الموزعة على المواطنين ومنع سقي المساحات الخضراء وملاعب الغولف بالمياه التقليدية (مياه الشرب أو المياه السطحية أو الجوفية)، بشكل تام.
وأقرت الحكومة المغربية كذلك، برنامجاً للتزود بالمياه لأغراض الشرب والري بين عامي 2020 و2027، ورصدت له موازنة 115 مليار درهم (12 مليار دولار).
وفي موازاة سياسة إنشاء السدود، توجه المغرب في السنوات الأخيرة إلى البحر لمحاولة تعزيز إمداداته من المياه، وأنجز هذه السنة مشروع الطريق السيار للماء الذي ربط بين حوضي سبو وأبي رقراق بهدف تدارك النقص الحاصل في كميات المياه في عدد من المناطق، أبرزها العاصمة الاقتصادية، الدار البيضاء.