تكررت، خلال العام الجاري، وعود الجهات المسؤولة في العراق بإنهاء ملف النازحين وغلقه بشكل كامل، إلا أن تلك الوعود لم تنفذ، على الرغم من مرور 9 سنوات على النزوح الذي بدأ في صيف عام 2014 عند اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي عددا من محافظات البلاد، وسط انتقادات لعجز الحكومة عن حسم الملف.
وكانت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية قد حددت قبل أكثر من شهر الـ12 من سبتمبر/أيلول الجاري موعدا لإغلاق ملف النزوح في عموم محافظات البلاد، مؤكدة أنها ستعتبر العائلات غير العائدة مندمجة في مناطقها المتواجدة فيها، عدا العائلات النازحة من بلدة جرف الصخر، التي تخضع لسيطرة فصائل مسلحة تمنع عودة العائلات النازحة إليها.
ويأتي ذلك في وقت ما زال فيه نحو 90 بالمائة من منازل النازحين في مناطقهم الأصلية غير صالحة للعيش، بحسب ما أعلنه البرلمان العراقي قبل شهرين من الآن، والذي أكد وجود أجندات سياسية وإقليمية تمنع العودة، الأمر الذي فاقم معاناة النازحين.
90 بالمائة من منازل النازحين في مناطقهم الأصلية غير صالحة للعيش
ومنذ تحديد الوزارة موعد إغلاق الملف وحتى اليوم، لم تعد من العائلات النازحة، إلا نسبة قليلة جدا في عدد من مناطق البلاد، وهو ما يتعارض مع وعود إغلاق الملف.
صعوبة حسم الملف في ظل المداخلات السياسية
مسؤول في وزارة الهجرة أكد لـ"العربي الجديد"، مشترطا عدم ذكر اسمه، أن "إمكانية حسم الملف غير ممكنة، في ظل تواجد أكثر من مليون نازح لم يعودوا إلى مناطقهم حتى الآن"، موضحا أن "الوزارة تبذل جهودا لحسم الملف، إلا أن التدخلات السياسية وسيطرة الفصائل المسلحة على عدد من المناطق، فضلا عن عدم إعمار أغلب المناطق المحررة، وعدم وجود التخصيصات المالية، كلها عقبات تحول دون الحسم".
وأكد المسؤول ذاته أن "الملف لا يتعلق بوزارة الهجرة فقط، بل يحتاج إلى تدخل من رئيس الحكومة والسعي الجاد لحسم الملف"، مشيرا إلى "صعوبة الحسم خلال الفترة القريبة المقبلة".
البرلمان العراقي يتدخل لحسم الملف
وتستعد لجنة الهجرة والمهجرين البرلمانية لاستضافة المسؤولين والمعنيين في وزارة الهجرة والمهجرين لبحث سبب تأخر تطبيق البرنامج الحكومي الخاص بحسم ملف النازحين.
ما يزال أكثر من 400 ألف عراقي ممنوعين من العودة إلى مدنهم بقرار من الفصائل المسلحة
وقال النائب شريف سليمان إن اللجنة "ستستضيف العديد من المسؤولين في الوزارة، لأنه لا يمكن الإبقاء على الوضع الحالي بعدم تطبيق البرنامج الحكومي الخاص بعودة النازحين إلى مناطقهم، ونعتقد أن السبب هو تلكؤ الحكومة"، مؤكدا، في تصريح لصحيفة "الصباح" الرسمية، اليوم الأربعاء، أن "قرارات جديدة ستصدر قريباً بشأن النازحين والمهجرين، منها ما يخص مطالب النازحين في الحصول على مستحقّاتهم ممن هم خارج العراق، وأيضاً المتضررين من سياسات النظام السابق و"داعش"".
وأوضح سليمان، وهو رئيس لجنة الهجرة والمهجرين البرلمانية، أن "هناك متابعة لتطبيق اتفاقية سنجار والبرنامج الحكومي الخاص بإعادة النازحين إلى مناطقهم وتقديم الخدمات وبناء المناطق المدمرة، وإقناع النازحين بالعودة إلى ديارهم خاصة"، مشيراً إلى أن "هناك العديد من النازحين لم يعودوا إلى مناطقهم لعدم توفر الأمن والاستقرار فيها".
وما يزال أكثر من 400 ألف عراقي ممنوعين من العودة إلى مدنهم بقرار من الفصائل المسلحة التي تستولي عليها، وأبرزها منطقة جرف الصخر (شمالي بابل)، وتسيطر على المنطقة مليشيات "كتائب حزب الله" و"النجباء" و"عصائب أهل الحق" و"جند الإمام"، منذ نهاية عام 2014. كما منعت تلك المليشيات سكان بلدات أخرى، أبرزها العوجة ويثرب وعزيز بلد وقرى الطوز وقرى مكحول في محافظة صلاح الدين، والعويسات وذراع دجلة وجزء من منطقة الثرثار ومجمع الفوسفات في محافظة الأنبار، وقرى المقدادية وحوض العظيم شمال شرقي محافظة ديالى، من العودة إليها.
وقال المتحدث باسم وزارة الهجرة، علي عباس جهاكير، إن وزارته "تعمل على إعادة جميع النازحين طوعا إلى مناطقهم الأصلية، لاسيما نازحي سنجار، إذ شملت العائدين طوعا منهم بحصص مجانية من مادة النفط الأبيض، إضافة إلى المشاريع المدرة للدخل بهدف النهوض بواقعهم بعد عودتهم إليها"، مؤكدا، في تصريح سابق خلال الأسبوع الجاري، "تسجيل عودة ما يقرب من 500 نازح منهم إلى مناطقهم خلال شهري أغسطس/آب الماضي وأيلول الحالي، بعد التنسيق مع القوات الأمنية والحكومات المحلية وقيادة العمليات المشتركة".
وكشفت مفوضية حقوق الإنسان في العراق سابقاً وجود أكثر من مليون نازح، أما أولئك الذي يتواجدون في مخيمات إقليم كردستان فيناهز عددهم 650 ألفاً.
ولم تستطع الحكومات المتعاقبة بعد عام 2014 الذي شهد اجتياح "داعش" عدداً من المحافظات، حسم ملف النازحين لأسباب عدة، بينها سيطرة فصائل مسلحة على عدد من المناطق الأصلية للنازحين ومنعهم من العودة، أو بسبب هدم منازلهم وسلبها. ولم يتلقَ هؤلاء النازحون تعويضات حكومية، إذ أنّ ملف إعمار المناطق المهدمة التي نزح أهلها ما زال عالقاً، ولم يتمّ تأهيل غالبيتها.