"يونيسف": 400 ألف طفل في لبنان خارج منازلهم جراء الحرب

15 أكتوبر 2024
طفل لبناني في ملهى ليلي ببيروت تحول إلى مركز إيواء (حسين بيضون)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه لبنان أزمة إنسانية حادة مع نزوح 1.2 مليون شخص، منهم 400 ألف طفل، مما يضعهم في ظروف معيشية صعبة، وتعمل اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي على تقديم الدعم الضروري.
- اجتمع مسؤولون لبنانيون مع ممثلي الأمم المتحدة لمناقشة الاستجابة الطارئة، مع التركيز على حماية الأطفال وضمان حصولهم على التعليم والدعم النفسي، والتحضير لمؤتمر باريس لوقف انتهاكات القانون الإنساني.
- أكدت اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني ودعت المجتمع الدولي لدعم الجهود الإنسانية وضمان وصول المساعدات، مشددين على أهمية وقف إطلاق النار.

قال نائب المديرة التنفيذية لوكالة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) تيد شيبان، أمس الاثنين، إنه "يوجد الآن أكثر من 400 ألف طفل في لبنان خارج منازلهم، والشتاء قاب قوسين، ونحن بحاجة إلى التركيز على مساعدتهم وحمايتهم عندما يصبح الجو أكثر برودة". وصعّدت إسرائيل عدوانها على لبنان، ودفعت الحرب 1.2 مليون شخص للنزوح من منازلهم، بحسب منظمات الأمم المتحدة، وفّر معظمهم إلى بيروت وأماكن أخرى في الشمال، على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية منذ بداية التصعيد.

واجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي في حضور منسّق لجنة الطوارئ وزير البيئة ناصر ياسين، اليوم الثلاثاء، مع شيبان ومدير مكتب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم ماثيو هولينجورث. وأضاف شيبان "مع بدء العام الدراسي، يحتاج الأطفال إلى أن يكونوا قادرين على التعلم والعناية برفاههم النفسي والاجتماعي. لا يمكن أن يكون لدينا جيل ضائع آخر، ونحن جميعاً ذاهبون إلى مؤتمر باريس بتصميم مشترك وهو وضع الأطفال أولاً، ووضع حدٍّ لانتهاكات القانون الإنساني الدولي، والتوصّل إلى وقف لإطلاق النار".

الصورة
أمّ تحمل طفلها وسط الركام (حسين بيضون)

بدوره، قال ياسين إنّ "الاجتماع بحث الوضع الطارئ والإنساني الذي نقوم به والدور الذي تقوم به الحكومة بكافة وزاراتها وإداراتها مع يونيسف ومع منظمة الغذاء العالمي"، مضيفاً "هناك عملٌ ملحٌّ على صعيد تأمين المساعدات الإنسانية الغذائية وأمور النظافة وما يتعلق بالمياه والتعليم، وهذا الأمر يتعلق بدور يونيسف وأيضاً على مدى الأسابيع والأشهر المقبلة وكيفية العمل عليه إضافة إلى التحضير لمؤتمر باريس في الرابع والعشرين من الشهر الجاري".

وأوضح شيبان أنه "كانت لي جولة أنا وكلاوس كوفمان من برنامج الأغذية العالمي في كل أنحاء البلاد، ورأينا التأثير العميق لهذه الحرب في لبنان خلال الأسابيع القليلة الماضية على الأطفال وعائلاتهم وعلى جميع الناس"، مضيفاً "يأتي هذا التصعيد الأخير على رأس عام من النزاع، وآثار كوفيد، والانكماش الاقتصادي، وهو ما يدفع مستقبل الأطفال نحو الانهيار. رأينا العنف والنزوح، واستمعنا إلى الناس الذين قالوا إن ما يريدونه هو أن يكونوا آمنين في منازلهم، وسلام".

وشدد على ضرورة وقف انتهاكات القانون الإنساني الدولي، وحماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، وقال إنّه "يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار للمضي قدماً. فلا يمكن لشيء أن ينجح إذا استمرّ النزاع. نحن نعمل عن كثب مع الحكومة اللبنانية، التي تقود هذه الاستجابة وتنسّق العمل الذي نقوم به والدعم الذي نقدّمه للأطفال الذين تركوا منازلهم".

الصورة
نزوح لم يتوقف في لبنان، 30 سبتمبر 2024 (حسين بيضون)

"يونيسف" وبرنامج الأغذية العالمي: مستقبل غامض لأطفال لبنان

في هذا الإطار، أصدر شيبان ونائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي كارل سكاو، اليوم الثلاثاء، بياناً جاء فيه "خلال زيارة استغرقت ثلاثة أيام إلى لبنان، شهدنا الدمار وشعرنا بخوف الناس وارتباكهم. بالنسبة لهم، يظل المستقبل غير مؤكد طالما أنّ بلادهم تتعرض للقصف. الحرب التي أراد العالم تجنبها في لبنان تحدث الآن وقد تسببت بالفعل في كارثة".

وأضاف البيان "زرنا مراكز الإيواء والمخيمات غير الرسمية، وتواصلنا مع المجتمعات المتضررة والتقينا بالمسؤولين الحكوميين وشركاء لنا من المجتمع المدني الذين يعملون على مدار الساعة للاستجابة للاحتياجات. كان لكل شخص قصة - قصة نزوح قسري ومعاناة متعددة. كما زرنا نقطة العبور في منطقة المصنع حيث عبر مئات الآلاف إلى سورية، وهو ما زاد تعقيد الاستجابة الإنسانية".

وتابع "تعيش العائلات في ظروف محفوفة بالمخاطر. ومع تفاقم النزاع، تتفاقم الأضرار النفسية على السكّان، لا سيما بين الأطفال والشباب. فكل طفل تقريباً في لبنان تأثّر بطريقة ما. وقد وقع العديد منهم ضحايا للقصف، وفقدوا أحباء لهم ومنازلهم وإمكانية حصولهم على التعليم، وأصبحوا يواجهون اليوم مستقبلاً غامضاً يلوح الفقر المدقع في أفقه".

وأشار البيان إلى أن "حوالي 1.2 مليون شخص تأثروا بشكل مباشر بالنزاع الذي امتدّ تأثيره إلى المجتمعات الهشة. ويقيم حالياً حوالي 190 ألف نازح منهم في مراكز الإيواء التي تخطّى عددها الألف، في حين يبحث مئات الآلاف عن الأمان بين العائلة والأصدقاء". وأكدت "يونيسف" وبرنامج الأغذية العالمي أنهما يعملان جنباً إلى جنب لتقديم الدعم الحيوي في جميع أنحاء لبنان. وأفاد برنامج الأغذية العالمي بأنه خزن المواد الغذائية مسبقاً في مواقع استراتيجية، وهو ما يلبي بشكل فعّال احتياجات حوالي 200 ألف شخص يومياً من الطعام الجاهز للأكل والمبالغ النقدية.

الصورة
نازحون بمدرسة عمر فروخ بمنطقة طريق الجديدة، سبتمبر 2024 (حسين بيضون)

وقالت "يونيسف" إنها "من خلال العمل مع الوزارات الحكومية والشركاء، تقدّم الدعم الأساسي للأطفال وأسرهم عبر تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية، ومستلزمات المياه والنظافة الصحية، وتأمين الفرش والبطانيات، وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي للاستجابة لمخاوف الأطفال في مراكز الإيواء وتعزيز صحّتهم النفسية".

وتابع البيان "لقد شهدنا تضامناً ملحوظاً بين المجتمعات اللبنانية، ودعم بعضها البعض خلال هذه الأوقات الصعبة. ومع ذلك، ونظراً لحجم الاحتياجات وشدتها، إلى جانب أوجه الضعف الموجودة مسبقاً والضغط على الخدمات الاجتماعية، فإن النسيج الاجتماعي يواجه تحدياً، ويجب أخذه في الاعتبار في استجابتنا من خلال تقديم المساعدات للمجتمعات المضيفة الهشة أيضاً ومراعاة همومها".

ولفت إلى أن "أصوات العائلات يتردد صداها مع مخاوفنا، فهم لا يزالون يشعرون بعدم الأمان، حتى بعد فرارهم من الخطر المباشر. ويعبّر جميع الأهل عن قلقهم بشأن سلامة أطفالهم، حتّى من هم منهم في مراكز الإيواء. الحاجة ملحة لحمايتهم وفقاً للقانون الإنساني الدولي".

وشدد البيان المشترك على ضرورة "احترام القانون الدولي الإنساني"، مطالباً جميع الأطراف بـ"إعطاء الأولوية لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. ويشمل ذلك حماية المدارس والمستشفيات وشبكات المياه، وضمان المرور الآمن للمدنيين الهاربين من مناطق النزاع. يجب ألا يتعرّض أي طفل للاستخدام العشوائي للأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة. وينبغي أيضاً حماية جميع العاملين الذين يحاولون الوصول إليهم بالمساعدة المنقذة للحياة".

ولفت البيان إلى أنّ "الاحتياجات آخذة في الازدياد"، داعياً إلى "حشد الدعم لتمكين الاستجابة الموسعة"، مؤكداً الحاجة إلى تمويل إضافي، بدون شروط لتقديم المساعدة، حاثاً المجتمع الدولي على "دعم هذه الجهود وعلى التعاون في إبقاء الموانئ وطرق الإمداد مفتوحة"، وداعياً "أطراف النزاع إلى ضمان حماية هذه الطرق لتمكين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق". وختم البيان: "فوق كل شيء، يحتاج أطفال وعائلات لبنان إلى إنهاء هذه الحرب. كما يحتاجون إلى الحماية وضمان حصولهم على الإمدادات والخدمات الأساسية، والحدّ من تدهور الوضع الأمني. إن وقف إطلاق النار هو أمر مُلحّ".

وفي وقت سابق، حذّرت الشبكة العربية للطفولة من تداعيات الحرب وأصوات القصف والدمار على الأطفال، وما تتبعها من صدمات نفسية وحالات خوف وقلق لدى هذه الفئة. بينما أعرب صندوق الأمم المتحدة للسكان عن قلقه البالغ إزاء سلامة 520 ألف امرأة وفتاة تأثرن بالحرب في لبنان منذ 27 سبتمبر/ أيلول، من بينهن أكثر من 11 ألف امرأة حامل بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية.