بعد مرور عشر سنوات على تطبيق "مدوّنة الأسرة" في المغرب، مازالت بعض الإشكاليات القانونية المتعلقة بتطبيق مقتضيات القانون تطرح في دول المهجر بالنسبة للمهاجرين المغاربة.
وأثارت رئيسة "منتدى مغرب الكفاءات" النائبة البرلمانية عن "حزب العدالة والتنمية"، نزهة الوافي، خلال يوم دراسي نظمه المنتدى السبت الماضي، تحت عنوان "المساهمة في تحسين شروط تنزيل مدونة الأسرة بالنسبة للمغاربة القاطنيـن في الخارج"، حقائق مدهشة تتعلق ببعض المهاجرات المغربيات المقيمات في أوروبا على وجه الخصوص. حيث كشفت أنهن ارتبطن بأزواج جدد قبل أن يطلقن من الزوج الأول، وفتح خلال النشاط نقاش مستفيض حول مدونة الأسرة بالنسبة للمغاربة القاطنين في الخارج، والآليات الكفيلة بتطبيقها خارج أرض الوطن.
وفي تصريح لـ"العربي الجديد" قالت الوافي: حاولنا أن نحدد أرضية النقاش بين الكفاءات القانونية في الخارج والكفاءات القانونية في الداخل والقطاعات المعنية (وزارتا العدل والخارجية)، وبرز فعلاً خلال النقاش مجموعة من الاشكالات في ما يتعلق بالطلاق والزواج.
ورفضت الوافي أن تصف هذا الإشكال بـ"تعدد الأزواج"، وقالت: من الصعب أن نقول تعدداً، بل هو شكل من أشكال عدم ملاءمة تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة المغربية في الخارج. واستطردت: هي وضعية قانونية جديدة تتعلق بالزواج المختلط. ففي إيطاليا مثلاً تدوم فترة تطبيق مجريات الطلاق خمس سنوات، بينما في إسبانيا تصل المدة إلى ستة أشهر. وأوضحت أن "هذه السنوات الخمس غالباً ما تكون فيها المرأة غير مستقرة ماديّاً فتبدأ في مشروع زواج آخر في الوقت الذي لا تزال فيه على ذمة رجل سابق، وقد تلجأ الى الزواج عبر عقد عرفي".
وترى الوافي، أن حل هذه الاشكالية مرتبط بمدى معرفة هؤلاء النساء المغربيات المتزوجات في المهجر بما تتضمنه "مدونة الأسرة"، ودعت إلى وضع اتفاقية ثنائية بين المغرب وهذه الدول كي تقوم المرأة المغربية على الأقل بإبرام عقد زواج مدني مغربي بالإضافة إلى عقدها الآخر في البلد الذي تزوجت فيه، وبالتالي عند وقوفها على الطلاق لا تنتظر طوال تلك المدة ولا تقع في المحظور، لأن العقد المدني المغربي يخول لها اللجوء إلى المحكمة وطلب "طلاق الشقاق" وبالتالي تحمي نفسها وتضمن حقها وحق أبنائها إن وجدوا.
وعن أسباب هذه الظاهرة، ذكرت الوافي، أن "طول فترة إجراء الطلاق هي التي دفعت بهؤلاء المغربيات إلى الارتباط بأزواج آخرين".
من جهة أخرى، أشارت القاضية وعضو "اللجنة الملكية لتعديل مدونة الأسرة" زهور الحر، في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن "هؤلاء النسوة تزوجن بعقد أجنبي، وتم طلاقهن أيضاً في محاكم أجنبية وخطأهن أنهن لم يقمن بتذييل هذه الأحكام في المحاكم المغربية لكي يصبح الطلاق مقبولاً في المغرب أيضا".
وأوضحت الحر، أنه "من السهل أن يذيّلن الصيغة التنفيذية للزواج أو الطلاق وإن كان صادراً عن محكمة أجنبية"، مضيفة أن "هناك أحكاماً عدة أخرى تصبح سارية المفعول في المغرب إذا تم تذييلها في المحاكم المغربية".
وأكدت أنه "في ظل المدونة الجديدة رُفع الكثير من الحرج عن الجالية المغربية، وأصبحت العديد من الأمور أكثر تبسيطاً وسهولة خاصة في مفهوم النظام العام لأن تشريعنا المغربي حاول استنباط أحكام الغرب التي لا تضر بشريعتنا وثوابتنا ونظامنا العام. كما حاول أن يزاوج بين المرجعية الإسلامية وبين المواثيق الدولية وحقوق الانسان من دون أن يلحق الضرر بالنظام المغربي العام".
من جانبه، اعتبر الداعية المغربي، الشيخ عدنان زهار، أن "التعثر في تطبيق مقتضيات قانون الطلاق ﻻ يعتبر عذراً شرعيّاً لانتهاك حرمة وقدسية الميثاق الذي حفظ الله به الأنساب والأعراض". مشيراً إلى أن "ما تقترفه هؤلاء السيدات من تزويج أنفسهن قبل عدة الطلاق انسلاخ عن روح الشريعة". ووجه دعوته لمن بيدهم الأمر النظر في هذه الحاﻻت وتسهيل إجراءات الطلاق متى توفرت بواعثه وأسبابه.