أحدث قرار الإعدام، الذي أصدرته محكمة سودانية ضد أبرار محمد عبد الله، أو مريم يحيى، بتهمتي "الردة والزنا لإقدامها على تغيير ديانتها إلى المسيحية، وارتباطها بمسيحي"، انقساماً حاداً في الشارع السوداني بين مؤيد ومعارض، في وقت لا تزال تفاصيل القصة غير مكتملة الملامح.
وتقول بعض تفاصيل القصة: إن "أبرار" أو مريم يحيى، (الاسم الذي اختارته لنفسها بعد اعتناقها المسيحية) تزوجت من شاب مسيحي يتحدر من دولة جنوب السودان، ويحمل الجنسية الأميركية. وكانت تستعد لمغادرة البلاد مع زوجها وطفلتيها.
وقالت للقاضي وهيئة الدفاع وعضو مجمع الفقه الذي جاء لاستتابتها: إن اسمها الحقيقي مريم، وقد درست في كلية الطب في جامعة الخرطوم. نشأت بين والد مسلم ووالدة أصولها إثيوبية مسيحية. تعلقت بها، وكانتا تذهبان سوية إلى الكنيسة"، مضيفة أن "والدتها توفيت".
وفي السياق ذاته، يقول عضو منتدب من مجمع الفقه لـ"العربي الجديد": إن جميع الوثائق التي اطلعت عليها المحكمة تؤكد بأن هذه المرأة تُدعى أبرار، وليست مريم، ودرست في جامعة السودان، ووالدتها حية، وسبق أن زارتها في الحبس، لكن مريم أنكرتها، كما فعلت مع أشقائها، ونفت أي صلة لها بهم. وأضاف "شككت في عقلها، لكن القاضي أخبرني بأنها عرضت على طبيب نفسي، فأكد بأنها سليمة العقل، ولا تعاني أي اضطرابات نفسية".
إلا أن عضو هيئة الدفاع عن مريم، محمد عبد النبي، أكد بأن "الهيئة تقدمت بشهادات تثبت أنها "نشأت في أسرة مسيحية، وتربت مع والدتها". وقال لـ"العربي الجديد": إنهم تقدموا بطلب إلى المحكمة لتغيير مسار القضية لصالحها، لكن رفضت جملة متعلقة بتحديد النسب (دي أن إيه) لاثبات أن لا صلة للسيدة بأشقائها". وأضاف أن "الحكم جاء بجملة أخطاء"، واصفاً إياه بـ"المعيب". ولفت إلى أنهم "سيستأنفونه لأن مريم، مسيحية ولم تغير دينها أو ترتد".
كذلك، أدلى مقربون من مريم، إفادات جديدة، مفادها أنهم "عرفوا أبرار أيام الجامعة، إذ كانت تدرس في كلية علوم المختبرات في جامعة السودان"، لافتين إلى أنها عرفت "بانتمائها الى جماعة الإخوان المسلمين. لكنها تعرضت الى حادث تسمم قلب حياتها رأساً على عقب، وجعل منها شخصية غير سوية". وقالوا: إن الفتاة اختفت عن أهلها قرابة ثماني سنوات، ليجدوها مؤخراً وقد اعتنقت المسيحية.
من جهة أخرى، توالت ردود الفعل المحلية والدولية بشأن إعدام مريم. وطالب زعيم حزب "الأمة القومي" المعارض الصادق المهدي، في بيان، بإيقاف الحكم ومراجعة القانون الجنائي السوداني الذي ينص على إعدام المرتد عن الإسلام، قائلاً إنه "من مصلحة الإسلام الالتزام بحرية العقيدة".
في المقابل، اتهم رئيس البرلمان السوداني، الفاتح عز الدين، جهات لم يسمها "بتحريك ملف قضية مريم، بهدف السماح للتدخل الدولي في الشأن السوداني".
كذلك، تبارت مساجد الخرطوم في خطبة الجمعة أمس، في الحديث عن قضية مريم. فأثنى إمام مسجد الخرطوم الكبير كمال رزق، على حكم القاضي، متهماً "الدول الغربية والكنيسة العالمية باستهداف الإسلام".
وأبدت سفارات أميركا وبريطانيا وكندا وهولندا قلقها إزاء الحكم الصادر، وطالبت الحكومة السودانية في بيان مشترك باحترام حرية الأديان وتغيير العقيدة، وفقاً لما نص عليه القانون الدولي لحقوق الانسان والدستور الانتقالي السوداني لعام 2005.