القطط والكلاب جزء لا يتجزأ من طبيعة المجتمع الألماني. فهي تحتل المركز الأول في أحاديث الألمان، بينما يتدنى الحديث عن الأطفال إلى المرتبة الثانية. وفي هذا الإطار، يروي أحد الشبان العرب الذين يعيشون في ألمانيا، تجربة من هذا النوع، فيقول: "شاهدت سيدة ألمانية مسنة تجلس إلى جانب كلبها في القطار. وعندما صعدت سيدة مسنة أخرى يبدو التعب عليها، وطلبت من الأولى أن تسمح لها بالجلوس مكان كلبها، رفضت المرأة". يتعجب الشاب، ويقول: "أتمنى أن أعرف ما كانت حجة السيدة صاحبة الكلب، لعدم تحريكه، وتقديم مكانه للعجوز الأخرى".
للصيد والحراسة
يؤكد الصياد المحترف ميكايل مويا لـ"العربي الجديد" أنّ عادة اقتناء الكلاب في شمال أوروبا كألمانيا وسويسرا والسويد، ترتبط بطبيعة البلاد. فالصياد يحتاج إلى كلب يرافقه في الغابات، من اجل التقاط الفريسة. ويتطلب تدريب الكلب، في سبيل ذلك، عملاً دؤوباً. وبالإضافة إلى الصيد، تستخدم الكلاب في حراسة الماشية. وفي هذا الصدد، يلوم مويا الجيل الجديد، الذي حوّل مهمة الكلب الأساسية في الصيد والحراسة، إلى تسلية للأطفال والعجائز. فهو يرى أنّ الكلب في هذه الحالة لا يقوم بمهامه التي خلق لأجلها.
رغم ذلك، فإنّ الحاجة في ألمانيا تتزايد لاقتناء الكلاب، خصوصاً من جانب المسنات. ويفضل الكثير منهن الكلب ذا الحجم الصغير، أو ما يطلق عليه "أوماهوند"، أي كلب الجدة. وتعتبر السيدة المسنة هيرتا، أنّ كلبها ألكسندر هو مؤنس وحدتها.. ولولاه لصعبت عليها حياته بخاصة في منزلها الكبير، حيث لا يشغل غرفه أحد.
يفضلون القطط
كشفت أحدث دراسة أنّ 12 مليون ألماني لديه قطة أو أكثر، بينما تحتل الكلاب المركز الثاني بين الحيوانات الأليفة بـ 7 ملايين شخص يمتلكون كلباً. وترجع الدراسة ذلك إلى قدرة القطط على امتصاص التوتر لدى البشر، عند ملاعبتها ولمسها. كما أنّ القطط، عكس الكلاب، لا تحتاج إلى مرافقة خارجية لتقضي حاجتها. كما يمكن تركها في المنزل وحدها، دون ان تتأثر صحياً ونفسياً.
هذا الأمر هو ما دفع الشاب شتيفان الذي يعمل في محطة تلفزيونية إلى أخذ كلبه معه. ويقول إنّ عمله خارج المنزل أكثر من 10 ساعات يومياً، وترك كلبه وحيداً، دفعه إلى الطلب من زملائه السماح له بجلب كلبه ميشو معه، وهو ما رحبوا به.
وعن ذلك تقول الطبيبة البيطرية، ماغترا شميدت، إنّ الكلاب التي تترك وحيدة في المنزل، تعاني من اضطرابات. فمهمة الكلب أن يكون مع قائد، وعندما تفقد قائدها تفقد جزءاً من فاعليتها. وتضيف أنّ الكلاب تكتئب وتحزن، ولها أدوية خاصة مضادة للاكتئاب. في المقابل، تضيف شميدت أنّ للقطط بنية مختلفة "وعقلاً خاصاً، يجعلها تفعل ما تشاء، وتغار بشدة، لكنّ تركها في المنزل وحيدة لا يشكل خطراً عليها".
للطلاق تأثيره على الحيوانات
تنتشر في ألمانيا دور لرعاية القطط والكلاب والحيوانات الأليفة. وتكاد لا تخلو مدينة من إحدى هذه الدور. وتتوفر هناك، مآو جيدة للحيوانات التي مات أصحابها، أو تلك الضالة. وتسمح دور الرعاية لكلّ من يجد حيواناً ضالاً بجلبه إليها. وتدخل بيانات هوية لكلّ منها توضح فيه اسم الحيوان وعمره وتاريخ دخوله إلى الدار. وبما أنّها تشكل مآوي مؤقتة للحيوانات، تعمد دور الرعاية إلى الإعلان، بين وقت وآخر، عن قطط صغيرة أو كلاب، متواجدة لديها، عبر برامج التلفزيون العائلية، كي تسمح لأسر بتبنيها.
وغالباً ما تستخدم العاطفة في الإعلان عن حيوانات دور الرعاية. فتتخذ إعلانات الصحف والجدران والمخازن التجارية، أسلوب الشفقة، مثل "أنقذوا هذا القط"، أو "أنا قطة بحاجة إلى عائلة"، أو "لا تتركني وحيداً".
وحول هذه الدور وطبيعة عملها، قالت مسؤولة الرعاية سبينا ديتزيل لـ"العربي الجديد": "في ألمانيا حوالي 520 داراً للرعاية، تشكل أملاً للعديد من الحيوانات التي التي لا مأوى لها".
وغالباً ما تكون هذه الدور مكتظة، لأنّ "كثيراً من الحيوانات لا تجد عائلة تتبناها". وقد شهدت الفترة الأخيرة تخلي المزيد من العائلات الألمانية عن حيواناتها، بسبب المشاكل المالية. كما أنّ الإحصاءات تشير إلى أنّ الحيوانات الأليفة، تقع ضحية لحالات الطلاق.
إذاً، فالعلاقة بين الألمان وحيواناتهم الأليفة، تتخطى المألوف، لتصبح علاقة وجودية. فهم لا يعيشون من دونها أبداً، بل أنّ البعض يعتبرها بمثابة أطفاله، وأصدقائه، وكلّ ثروته في الحياة.
باختصار
- تتوجب ضريبة على صاحب الكلب في ألمانيا. ويقدر مجمل ضرائب الكلاب السنوي بـ 250 مليون يورو. أما القطط فلا ضرائب على اقتنائها. وقد يكون ذلك سبباً رئيسياً في الإقبال عليها أكثر.
- يعمل في ألمانيا 25 ألف طبيب بيطري، لكنّ البلاد ما زالت بحاجة ماسة للمزيد من البياطرة.
- 69 في المئة من الحيوانات الأليفة تقع ضحية للزيادة في عدد حالات الطلاق، في ألمانيا.
- في ألمانيا مسابقات سنوية لاختيار أفضل كلب حراسة للخراف. وهي مسابقات تجد رواجاً كبيراً في الأرياف.