فشلت أربع لجان لإدارة الأزمات والكوارث في مصر، في مواجهة الأمطار التي ضربت عدداً من المحافظات، بينها العاصمة القاهرة، خلال الساعات الماضية وخلفت قتلى وجرحى، وخسائر اقتصادية كبيرة في الزراعات والماشية.
وكانت الحكومة المصرية شكلت عدداً من اللجان لإدارة الأزمات للحدّ من أخطارها، من بينها اللجنة الوزارية لإدارة الأزمات، واللجنة الوزارية العليا لإدارة الأزمات برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية بعض الوزراء، وقطاع إدارة الأزمات بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، واللجنة الاستشارية لإدارة الأزمات التي تضم في عضويتها خبراء متخصصين في هذا المجال.
ولم تستطع كل تلك اللجان القيام بدورها في حل الأزمات التي واجهت المواطنين في عدد من المحافظات بسبب الأمطار، رغم تخصيص الحكومة المصرية 400 مليون جنيه لمواجهتها.
وتسببت الأمطار في تعطل حركة المواصلات بين عدد كبير من المحافظات، وإغلاق عدد كبير من المدارس وتعطيل الجامعات، وانهيار عدد من المنازل، وإصابة المحاصيل الزراعية بالدمار، وتدمير البنى التحتية في كثير من المدن، واختلطت شوارع القاهرة الكبرى بتلال القمامة، التي أغلقت بالوعات الصرف الصحي ومخرات السيول ما ينذر بكارثة.
وأظهرت الأمطار عجز الحكومة عن التعامل مع الأزمة، رغم تحذيرات سابقة للأرصاد الجوية أن الشتاء القادم مختلف، وأنه يحمل الكثير من المفاجآت، خاصة كثرة الأمطار والسحب المصحوبة ببرق ورعد على المحافظات الساحلية على البحرين الأحمر والمتوسط.
وقالت هيئة الأرصاد الرسمية إن ما حدث في الإسكندرية خلال الاسبوع الأخير سيتكرر في سيناء وشرم الشيخ ورفح والعريش وسانت كاترين، مناشدةً وزارة السياحة اتخاذ كافة التدابير وتوخي الحذر في هذه المحافظات حفاظاً على الأرواح.
وسادت اليوم الخميس، حالة من الغضب بين أهالي عدد من المحافظات التي ضربتها السيول، لتقصير الأجهزة الحكومية في مواجهة تداعيات سوء الأحوال الجوية، خاصة تراكم المياه بالشوارع بالتزامن مع هطول الأمطار بغزارة، وقام عدد من المواطنين باستخدام الأواني والأدوات البدائية في نزح مياه الأمطار بعد أن تحولت بعض الشوارع إلى مستنقعات، وأدى هطول الأمطار بغزارة إلى انقطاع الكهرباء في عدد من المحافظات، فيما ارتفعت حالات غياب الطلاب بالمدارس وكذلك ارتباك الحركة المرورية.
اقرأ أيضاً:موسم الأمطار يأتي سنويّاً ليفضح إهمال الحكومات
وانتقد أستاذ إدارة الأزمات بجامعة قناة السويس، الدكتور محمد باغة، عدم استعداد الدولة لمثل تلك المشكلات المعتادة سنوياً، متسائلاً: "أين الملايين التي تصرفها الدولة سنوياً على أربع لجان لإدارة الأزمات من تلك الأخطار؟ مؤكداً أن "الدولة في غيبوبة وفشلت في مواجهة الأمطار التي عمت عدداً كبيراً من المحافظات في بداية الشتاء"، معتبراً أن ما حدث هو "إنذار" لكافة المسؤولين بالتنبه لمواجهة خطر الأمطار خلال الأيام المقبلة.
وقال لـ"العربي الجديد" إن "إدارة الأزمات علم تأخذ به كافة الدول مثل باقي العلوم، ولكن مصر تفتقد المفهوم الحقيقي لإدارة الأزمات من أجل تفادي المخاطر"، وأضاف: "إذا كانت الحكومة فاشلة في التعامل مع مثل هذه الأزمات؟ إذن من يحاسب وزراء الحكومة على إهدار المال العام وتدمير البنية التحتية، وقتل المواطنين بعد فشل استعداداتها التي تكلف الدولة الملايين من قوت الشعب؟".
وأضاف أستاذ إدارة الأزمات: "نحترف في مصر إلقاء التهم، المحليات تتهم الري والعكس، والصرف الصحي تُلقي التهم على المحليات وغيرها. والضحية دائماً المواطن الفقير، لذلك أصبحت الاستقالة الوسيلة الأسرع للتعامل مع أي أزمة، بناء على ما تخلقه هذه الأزمة من ردود أفعال، كما حدث مع مقتل 5 أفراد بينهم طفلان شقيقان لقيا مصرعهما بعد سقوط عامود إنارة عليهما".
وأشار إلى أن الأزمة ليست في الأمطار، ولكن في الجهاز المدني للدولة الغائب عن القيام بدوره، مؤكداً أن الفترة القادمة تحتاج إلى جهد كبير لإعادة هيكلة وبناء البنية التحتية لكافة المرافق، خاصة مرفق الصرف الصحي.