ويعطي القانون السعودي المستمد من الشريعة الإسلامية، لذوي المقتول حق التنازل عن تنفيذ حكم الإعدام مقابل الحصول على مبلغ مالي في ما يعرف بـ"دفع الدية"، وهو ما دفع ذوي المقتولين إلى المبالغة في طلباتهم حتى تجاوزت الـ14 مليون دولار.
ودفع الأمر عائلات القتلة إلى تنظيم حملات لجمع تلك المبالغ الطائلة، ففي الباحة (جنوب السعودية) بدأت قبيلة الغامدي، حملة لوقف إعدام عبد المحسن الغامدي، وهو أصغر سجين في السعودية (18 عاما)، والذي تم الحكم عليه بالإعدام لقتله أحد أصدقائه في مشاجرة، وأكد أحد أقارب الغامدي أن: "ذوي الدم يرفضون التنازل، ويريدون تنفيذ الحكم، وهم يحاولون تغيير موقفهم قبل تنفيذه".
وكان الغامدي قد دخل دار الملاحظة في الباحة وعمره لم يتجاوز 15 عامًا لقتله شابا آخر، وتم الحكم عليه بالإعدام بحد السيف، ويتوقع أن يتم تنفيذ الحكم فيه هذا العام، لهذا كتب في رسالة حزينة لعائلته: "أتممت صيام الأيام التي فاتتني، وسدّدت ديوني، كوني أعلم أن هذا هو آخر عام لي؛ إذا لم يكتب الله لي العفو، وبدأت أحسب الأيام والليالي والقلق ينتابني، وأتخيل دخول رجال الأمن عليّ في أي لحظة لاصطحابي لساحة القصاص وتنفيذ حكم القصاص بحقي".
— #عبدالمحسن_الغامدي (@ABDULMOHSN_GH) October 4, 2015
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
في تبوك (شمال)، يحتاج سليمان الحويطي (53 عاماً)، إلى 9.3 ملايين دولار طلبها أهل القتيل مقابل التنازل وإعتاق رقبته من حد السيف، وعليه أن يجمع المبلغ خلال شهرين فقط، ولأجل ذلك نظمت عائلته حملة تبرعات واسعة لجمع المبلغ في الوقت المناسب.
وكان الحوطي قد حكم عليه قبل خمس سنوات بالإعدام بعد أن قتل شخصا آخر، في شجار في الشارع.
وتتكرر القصة في عسير (جنوب)، حيث تأمل أسرة عبد الله مفرح الشهراني جمع مبلغ 800 ألف دولار، لدفعها لأسرة إثيوبي حاول الاعتداء على عبد الله واغتصابه، ولم يجد الشاب الصغير حلا سوى قتله.
ومع أن القانونيين أكدوا على أن حادثة الشهراني كانت دفاعا عن الشرف، إلا أن القاضي حكم عليه بالإعدام، وتنازلت عائلة المقتول لاحقا مقابل الحصول على مبلغ 800 ألف دولار، ولكن أسرته لم تجمع أكثر من 120 ألفا حتى الآن، تم إيداعها في حساب خاص تحت إشراف وزارة الداخلية.
ويقول والد عبد الله: "كل يوم يقترب حد السيف من رقبة ابني مع انتهاء المهلة، ولم نجمع المبلغ الكافي، أنا أعول عائلة مكونة من 20 شخصا، وبالكاد أستطيع الإنفاق عليهم".
يمنح القانون السعودي لوليّ المقتول التنازل عن تنفيذ حكم الإعدام مقابل أخذ الدية التي يحددها، غير أن هذا الأمر بات يثير موجة واسعة من الانتقاد في الشارع السعودي بعد أن وصل مبلغ الديات لمبالغ فلكية تجاوزت الـ14 مليون دولار، في بعض الحالات، وهو ما دفع وزارة العدل إلى الحد منها عن طريق تطبيق مبدأ القتل غيلة، وهو القتل غدرا، ولم يعد يمكن قبول الدية فيه.
ودعا رجال دين إلى مراجعة مبالغ الديات، حيث يتخوف أستاذ الفقه في جامعة الملك سعود، عبد الله المقرن، من أن يكون هناك محاذير شرعية في المبالغة في الديات، التي قصد الشرع منها التخفيف على الناس، وليس الضغط عليهم، ويقول لـ"العربي الجديد": "لابد من مراجعة هذا الأمر، ودراسته، خوفا من أن يكون في هذه المبالغات المالية مخالفات شرعية"، ويضيف: "قد لا يوجد مخالفات شرعية في هذا الجانب ولكن فيه مبالغات، وهي ترهق ولي القاتل بشكل كبير، وتشكل ضغطا كبيرا عليهم، فهم مطالبون بجمع مبالغ كبيرة في وقت قصير، وهذا الأمر يتنافى مع السبب وراء وجود مبدأ الدية".
ويشدد الدكتور المقبل على أنه "من واجب هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء دراسة الأمر وإيجاد قواعد جديدة، لأنه بات خارجا عن السيطرة".
اقرأ أيضا:23 مليون ريال تنقذ شاباً سعودياً من الموت