فرض الواقع السياسي والاقتصادي نفسه على احتفال المصريين بيوم "عيد الحب"، واشتكى عدد من أصحاب المحال من حالة الركود في البيع والشراء بسبب الأحداث السياسية وارتفاع الأسعار الذي لم تنجو منه أسواق الهدايا والورود، ما انعكس على مظاهر الاحتفال السنوي مقارنة بأعوام سابقة.
وقال محمد طاهر مصطفى، صاحب أحد محال الهدايا بشرق المدينة: لم أعد أشعر بعيد الحب فالإقبال ضعيف وبات واضحا عزوف الزبائن عن شراء الورود والهدايا مقارنة بالعام الماضي نتيحة ارتفاع الأسعار التى تضاعفت دون أي ذنب لنا بعد أن تأثر أغلبها بزيادة سعر الدولار في السوق المصري.
وأضاف: يبدو أن الناس "مالهاش نفس تفرح"، ولم تفلح معها أية محاولات أو تخفيضات لمواجهة هذا الركود الذي تشهده أسواق الهدايا والتي تأثرت بشدة بفعل الأزمات الاقتصادية وتحول الاهتمام من شراء الدباديب والورد في هذا اليوم إلى الملابس أو المأكولات.
أما "عم محمود" الذي يعمل في محل لبيع الزهور فقال: الاحتفال بعيد الحب لكافة الفئات وليس للمحبين والعشاق فقط، ومن الممكن أن يأتي زبون ويطلب إرسال زهور لوالدته أو شخص عزيز عليه، إلا أن الإقبال اختلف هذا العام على شراء الورود الحمراء مقارنة بالعام الماضي، وتغير شكل الإهداء الذي اشتهرت به تلك المناسبة باختلاف الأسعار والنوعيات من منطقة إلى أخرى.
ويضيف: في المناطق الراقية تكون الأسعار أكثر ارتفاعاً عن غيرها في المناطق الشعبية وهو ما يبرر انخفاضها في أحياء غرب المدينة عن مثيلتها في شرق ووسط المدينة.
وأكد محمود عمران، تاجر بمنطقة سموحة، أن الاحتياطات الأمنية المبالغ فيها التي حولت الميادين العامة إلى ما يشبه الثكنات العسكرية، وأصوات الانفجارات المتكررة في مختلف مناطق المحافظة ساهمت دون شك في زيادة حالة الخوف وعدم الشعور بالأمان لدى المواطنين الذين فضلوا عدم الخروج إلى الشوارع أو المتنزهات للاحتفال، وهو الأمر الذي جعله يحرص على إنهاء عمله بالمحل مبكرا في العاشرة مساء، بدلا من السهر لأوقات متأخرة كما كان في الأعوام السابقة.
يقول إبراهيم سعيد (موظف): عيد الحب والأوقات الجميلة التي كنا نعيشها لم تعد موجودة إلا في الكتب أو على صفحات الجرائد نظراً للظروف السياسية والاقتصادية التي جعلت الاحتفال بهذه المناسبة أمراً لا يعبأ به أحد، ليس بسبب غلاء الأسعار فقط ولكن بسبب حالة الحزن على ما وصلت إليه البلاد، وحالة الاستقطاب والتحارب بين الكثير من أبناء الشعب وربما أفراد الأسرة الواحدة، والتي امتدت إلى داخل المنازل في الفترة الأخيرة، حيث يتم تصنيف الناس بحسب انتماءاتهم السياسية.
واتفقت معه ريم محمود فقالت: عيد الحب لا معنى له في ظل الأحداث الحالية وحرص الجميع على الانشغال بتوفير ما يكفيه من ضروريات الحياة بصعوبة بالغة، فلا وقت ولا مال للتفكير في مثل هذه الأشياء.
وأشارت إلى أن المشاكل الاقتصادية أثرت بشكل كبير على مشتريات المواطنين بصفة عامة وليس الهدايا فقط، وهو ما اضطر البعض إلى تخفيض الكميات أو اختيار أنواع أقل سعراً.
وبينما يحتار عادل حمدي (25 عاما) الذي يقف أمام محل لبيع الهدايا بوسط الإسكندرية لاختيار هدية بسعر مقبول لخطيبته، من كثرة المعروضات، قال: بصراحة، الأسعار غالية جدا، لذلك سوف أقوم باستبدال الزهور، بهدية أخرى يمكن الاستفادة بها في منزلنا بعد الزواج.
وقال إبراهيم علي، طالب بكلية الحقوق: ضعف الإقبال على الهدايا ليس معناه حصر مثل هذه المناسبات على القادرين فقط أو غياب المعنى الحقيقي للاحتفال الذي يمكن تحقيقه دون تكلفة اقتصادية، وبعيدا عن غلاء الأسعار التي باتت تؤرق حياة المصريين بمختلف طوائفهم مقارنة بالدخل والأولويات، حيث يلجأ الكثير من الشباب إلى الهدايا التذكارية منخفضة السعر أو "الكروت" البسيطة التي تحمل بعض الكلمات الرقيقة للتعبير عن مشاعرهم.