دعت مديرة مكتب المعهد العربي لحقوق الإنسان في بيروت، جمانة مرعي، المنظمات النسائية إلى تعزيز تحالفاتها لتشكّل حركة نسوية قادرة على الضغط والتأثير، لتفعيل مناهضة العنف والتمييز ضد المرأة، وحمايتها من العنف "الداعشي".
وتوجّهت، لمناسبة اليوم العالمي للمرأة، بالتحية إلى كل امرأة تستمدّ القوة رغم الحروب، وإلى كل النساء اللواتي يواجهن وحدهن أنواع العنف، وإلى الأسيرات واللاجئات والناشطات النسويات لإصرارهن على إحداث التغيير وتحقيق الحلم ببناء دول مدنية.
واعتبرت مرعي أن الحركة النسائية محكومة بالأمل، رغم التحدّي الأبرز الذي يواجه النساء اليوم وهو عسكرة الثورات، ومخاطر الانزلاق نحو حروب أهلية.
وأكدت تحقيق بعض الإنجازات "لكن المسيرة لا تنتهي، وسنجذّر خطواتنا أكثر فأكثر، لذلك علينا أن نؤسس لوبي نسائياً قوياً، يقوم برصد الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في منطقتنا، حتى نقوم بفضحها وفضح كل من يرتكبها وسط مجتمعاتهم وفي العالم بأسره"، وشددت على "ضرورة رفع تقارير موثقة بالعنف الذي يطال النساء إلى المحكمة الدولية والمنظمات الدولية والمجلس الدولي لحقوق الإنسان، فهذه المسألة لا تحتمل الانتظار".
وأوضحت أن "التغيير في مجتمعاتنا العربية يسير قدماً، وكذلك التعديل والتأثير بالمنظومة الثقافية، فعلى سبيل المثال كان يتم التستر بقوة على العنف والتحرّش والاغتصاب وحتى العنف المعنوي كمواضيع قبل عشر سنوات من الآن. أما اليوم بات الإعلان عنها وفضحها عاملاً مساعداً في محاربتها بكل الأشكال، وإدراجها في قوانين العقوبات".
العدالة الانتقالية وتنمية المجتمع
واعتبرت جمانة مرعي أن "حجم مشاركة النساء في الحراك المجتمعي كان من سمات الربيع العربي اللافتة، ما يؤسس لإحداث التغيير الديمقراطي، وتحقيق المواطنة التي تشكل تحدياً كبيراً للمرأة".
لكنها رأت أن "بعض التقدم الذي حققته المرأة في بعض البلدان العربية لم ينسحب على المستوى السياسي، فدور المرأة على مستوى صنع القرار الوطني لا يزال بعيداً، إن لجهة تغيير الدساتير والقوانين المتعلقة بالانتخابات، والتي تعطي صورة لنوع السلطة المطلوبة في هذا البلد أو ذاك"، مؤكدة أن "دور النساء مهم جداً في المرحلة الانتقالية للوصول إلى مراكز صنع القرار الذي يشكل في حال حدوثه نجاحاً للحركة النسائية، ومشاركة في صميم عملية العدالة الانتقالية".
واعتبرت أن "قضايا المرأة مرتبطة من دون شك بمؤشرات التنمية في المجتمع. وعلى النساء الموازنة بين العمل الوطني العام والعمل النسوي من أجل إحداث التغيير"، مشيرة إلى أن "على جمهور النساء أن يكون ضمن أجندات النقابات والأحزاب السياسية للمطالبة والدفاع عن الديمقراطية والحقوق والحريات".
وقالت مديرة مكتب المعهد العربي لحقوق الإنسان في بيروت: "لا نرضى كحركة نسائية حقوقية بالتسامح مع كل من ارتكب العنف ضد المرأة، حتى العنف السياسي. ونطالب بمعاقبة كل من انتهك حقوق الإنسان عموماً والنساء خصوصاً ما قبل ثورات الربيع العربي وخلالها".
واعتبرت مرعي أن "كل أنواع العنف الجنسي بدءاً من التحرّش وصولاً إلى الاغتصاب بأشكاله البشعة تهدف بالأساس إلى إقصاء النساء وإضعاف حراكهن".
وأشارت إلى "تسجيل الكثير من النقاط البيضاء على مستوى الإنجازات في بعض البلدان العربية في ما يخصّ قضايا العنف ضد المرأة، ورغم الظروف السياسية الصعبة التي تعيشها المنطقة العربية، مكننا أن نلحظ تغييرات قانونية في ما يخصّ الحماية الدستورية للنساء، فأكثر من دولة صارت تجرّم في دساتيرها العنف الأسري والعنف الجنسي. وهذه التعديلات والتغييرات تم العمل عليها وتتواصل في كل من المغرب وتونس ومصر وليبيا ولبنان، وحتى في اليمن الذي يتم فيه العمل على دسترة حقوق النساء".
وأوضحت أن "النسبة الأكبر من العنف المرتكب ضد المرأة هو داخل الأسرة، من قبل أقرب الناس إليها، ولذلك ليس من السهل على المعنفات الشكوى ورفع الصوت ضد من يعنفها أو حتى المطالبة بمعاقبته، لذلك نقول إن سنّ القانون على الرغم من أهمية الخطوة لا تكفي وحدها، فالتوعية ضرورية، والحركة النسائية تعمل على الناحيتين بالتوازي، فرض انتزاع الحق بقوة القانون، وتمكين النساء من خلال توعيتهن على امتلاك القدرة لمواجهة من يعنفهن".
العنف الداعشي ومفهوم الشرف
قالت مرعي: "كلما كان تداول مفهوم الشرف مرتفعاً وطاغياً زادت الجرائم الجنسية، وبات العنف الجنسي أعلى، ويستخدم كسلاح حرب لإخضاع الفئة التي يراد إخضاعها"، مشددة على "معاقبة مرتكبيها على أنها جرائم حرب وضد الإنسانية".
وطالبت الأمم المتحدة بالتدخل "لكي تفرض على كل الدول الكبرى التي ترسل طيرانها لقصف الإرهابيين بحماية الشعوب، وفقاً لقرار مجلس الأمن 13\25 الذي يتعلق بحق المرأة في المشاركة في مراكز صنع القرار في حمايتها من العنف في مناطق النزاع".
كما أشارت إلى التقصير الكبير في حماية المرأة على كل المستويات الوطنية في منطقتنا العربية، لافتة إلى "أن النساء في مناطق الحروب هن ضحايا الإرهاب الداعشي الذي يستهدفهن وينكل بهن من جهة، وضحايا لتعنيف أسرهن لأنهن نساء مغتصبات من جهة ثانية"، داعية إلى "التدخل المباشر لدعم هؤلاء النسوة نفسياً وصحياً وجسدياً، مع الأخذ بعين الاعتبارات لحالات الحمل التي تستجدّ نتيجة ذلك، وما تحتاجه تلك الحالات من رعاية ووقاية وحماية".
وطالبت بحماية النساء اللواتي حتمت عليهن الحروب مغادرة منازلهن والإقامة في مخيمات اللجوء، داعية إلى "ضرورة وقايتهن وحمايتهن قبل تعرضهن لكل أنواع العنف والاعتداء المحتمل في المخيمات".
اقرأ أيضاً:
نساء لبنان بحماية حملات الجمعيّات
اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.. فلسطينيات الداخل مقموعات