حمّلت إيطاليا الاتحاد الأوروبي مسؤولية مساعدتها حتى تتمكن من استقبال المزيد من المهاجرين الذين يتدفقون في اتجاهها من دون توقف، ويغرق الكثير منهم في مياه المتوسط.
وضرب البحر الأبيض المتوسط بقوة، قبل يومين، إذ غرقت سفينة أخرى ولم يستطع حرس الشواطئ الإيطاليون أن ينقذوا سوى 150 شخصاً، في حين أن نحو 400 شخص لا يزالون في عداد المفقودين (إذ يتحدث الناجون عن تواجد ما بين 500 و550 شخصاً على متن السفينة قبل الغرق)، بعد 24 ساعة من مسير هذه السفينة المهترئة القادمة من الشواطئ الليبية في اتجاه إيطاليا، التي استقبلت، فقط، في الأيام الخمسة الأخيرة، ما يقرب من 10 آلاف شخص قادمين من ليبيا.
وأمام حجم المأساة، ما فتئت إيطاليا تذكّر الاتحاد الأوروبي بأن مهمة استقبال وإنقاذ وإيواء هؤلاء المهاجرين تبقى مهمة ومسؤولية الاتحاد الأوروبي وليس إيطاليا وحدها، التي تعترف بأن الوسائل المستخدمة من قبل حرس شواطئها لإنقاذ هؤلاء المهاجرين غير كافية، على الإطلاق. وتهدّد في حال عدم تلقي مساعدات أوروبية بالسماح لهؤلاء القادمين الجدد بالخروج من إيطاليا في اتجاه دول أوروبية أخرى، خلافاً لما ينُصّ عليه قانون شينغين.
وتنادي إيطاليا، أيضاً، بنظام يسمح بمراقبة الشواطئ والموانئ الليبية التي ينطلق منها هؤلاء المهاجرون، خصوصاً مصراتة التي تم إيقاف أكثر من 270 مهاجراً محتملاً فيها قبل يومين، وهو ما ترفضه وتدينه المنظمات غير الحكومية. وتجدر الإشارة إلى أن تدفق هؤلاء المهاجرين لا يعرف توقفاً، فقد أوقف حرس الشواطئ الإيطاليون فقط في يومي الأحد والإثنين الماضيين 42 قارَباً على متنها ما مجموعه 6500 مهاجر.
ولا يبدو أن هذا التدفق سيعرف نضوباً، خصوصاً مع استمرار الحرب في سورية، إضافة إلى الوضعية الكارثية التي تسود ليبيا، والتي تجعل منها أسهل بلد في المتوسط يمكن فيه لمن يشاء أن يمتطي قارباً ويبحر في اتجاه أوروبا. إذ لا توجد أي سلطة يمكنها أن تكافح المُهرّبين الذين يستخدمون شواطئها لنقل أناس قادمين من الصومال وإريتريا والسودان ومصر أو سورية. وتقدر إيطاليا عدد المهاجرين غير القانونيين الذين دخلوا أراضيها في الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2014 بـ 118 ألف شخص، بزيادة 175 في المائة مقارنة بالحقبة نفسها من السنة السابقة.
ويشكل السوريون العدد الأكبر من المهاجرين نحو إيطاليا، يليهم الماليون ثم الإريتريون. وتعتبر هجرة السوريين حديثة العهد، وهي مرتبطة بالحرب الدائرة في البلد، منذ سنة 2011. وتجب الإشارة إلى أن هؤلاء السوريين الذين يستخدمون أفريقيا الشمالية كفضاء عبور نحو أوروبا هم أقلية صغيرة مقارنة مع مجموع السوريين الذين هاجروا إلى بلدان مجاورة لبلدهم.
وتعتبر ليبيا البلد المفضَّل للمرشحين للهجرة لسببين مهمين، أولهما أن الانتقال عبر مضيق جبل طارق أصبح صعباً وشبه مستحيل بسبب الرقابة التكنولوجية، وأيضا بسبب التنسيق الأمني بين المغرب وإسبانيا، في ظل غياب حكومة ليبية مركزية.
وبعد هذه المأساة الجديدة تقدّر المنظمة الدولية للهجرة عدد المهاجرين الذين قضوا بنحو 900 شخص منذ بداية سنة 2015، في حين أنه مات 47 مهاجراً في الحقبة نفسها من العام الماضي. ولا شيء يدل على أن قرب إيجاد حل جذري لهذه المآسي، في ظل قرار الاتحاد الأوروبي، الذي أدانته، منظمة العفو الدولية بقوة، والذي يقضي بإلغاء بعثة "مار نوستروم" للإنقاذ البحري للمهاجرين، والتي ساهمت في إنقاذ أرواح 17 ألف شخص، واستبدالها بمهمة "تريتون" للتصدي للهجرة غير الشرعية، وهي مهمة مراقبة، لا غير، يهدد بإزهاق أرواح آلاف من البشر.
اقرأ أيضاً:منظمة تطالب أوروبا بإنقاذ المهاجرين من الغرق