يعدّ النظام الغذائي المعتمد في إيران جيداً نسبياً. إذ يحرص المواطنون على تناول خمس وجبات يومياً، مدركين مدى أهمية وجبة الفطور. ولا ينسون تناول الفاكهة والخضار وغيرها من الأطعمة الغنية بالفيتامينات. في المقابل، يلجأ عدد كبير من الإيرانيين إلى تناول سلع غذائية معلبة لها أضرارها على صحتهم، الأمر الذي ركزت عليه وزارة الصحة أخيراً، ونشرت تقارير عدة في هذا الإطار، وأطلقت حملة توعية حملت عنوان "سلامة الغذاء.. من الحقل إلى طاولة الطعام"، في محاولة لتشجيع المواطنين على التنبه أكثر لنوعية الطعام الذي يتناولونه.
ونقلت مواقع إيرانية عن رئيس دائرة السلامة في وزارة الصحة علي أكبر سياري قوله إن عدد الأشخاص الذين يدخلون المستشفيات في البلاد بسبب التسمم الغذائي يزداد، لافتاً إلى أن مائتي شخص يصابون بالتسمم يومياً. أضاف أن نحو مليوني شخص يموتون سنوياً بسبب اتباعهم أنماط غذائية سيئة.
وأظهرت دراسات رسمية عدة صدرت أخيراً أن الإيرانيين يستخدمون الملح والسكر والزيت بمعدلات أعلى من تلك العالمية، التي تقول إنه يتوجب على الشخص تناول ما لا يزيد عن خمسة غرامات من الملح يومياً، علماً ان الإيراني يتناول نحو 12 غراماً في اليوم الواحد، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الخبز.
ويرتبط النظام الغذائي ارتباطاً مباشراً بالسمنة، وبالتالي يزيد من احتمال الإصابة بأمراض السرطان. ويقول المتخصصون في الصحة إنه يجب على الإيرانيين الابتعاد عن النشويات الموجودة بكثرة في نظامهم الغذائي، بالإضافة إلى السكريات والحلويات التي يتناولونها مع الشاي.
في السياق، تشير الدراسات الأخيرة إلى أن تناول الكباب المشوي على الفحم يزيد من خطر الإصابة بأمراض السرطان، وخصوصاً سرطان المعدة، الذي يحتل المرتبة الأولى من بين أنواع السرطان التي يصاب بها الإيرانيون. لذلك، ينصحُ المتخصصون بتناول الأطعمة المسلوقة أو المشوية بالفرن أو على الغاز.
من جهة أخرى، يؤثر استخدام بعض المواد في الصناعات الغذائية على صحة الإيرانيين. على سبيل المثال، تستخدم كميات كبيرة من الملح في المعلبات، وحتى في صناعة الخبز. وذكر تقرير خاص نشرته وكالة أنباء "مهر" الإيرانية أن استخدام بيكربونات الصوديوم أو "الكربونة" في الخبز يشكل خطراً على الصحة، علماً أن هذه المادة تؤثر على جدار المعدة، وتمنع امتصاص العناصر المفيدة للجسم كالكالسيوم والفوسفور، ما يؤدي إلى التسبب بأمراض أخرى.
ولعلّ العامل الأبرز يتمثل في اقبال الإيرانيين على تناول الوجبات السريعة. وذكرت تقارير وزارة الصحة الصادرة أخيراً أن هذه الوجبات تزيد من احتمال الإصابة بالسرطان بنسبة 19 في المائة. وتجدر الإشارة إلى أن عدد الإصابات بهذا المرض يزداد سنوياً بمعدل 90 ألف حالة، يتوفى منهم 35 ألفاً تقريباً. وتشير التقارير إلى أن عدد مرضى السرطان في البلاد اليوم يبلغ نصف مليون مريض، ومن المتوقع أن يتضاعف العدد خلال الأعوام العشرين المقبلة.
هذه المخاطر تحتم على المسؤولين اتخاذ التدابير في ما يتعلق بالمواد المستخدمة في الصناعات الغذائية. تجدر الإشارة إلى أن الإيرانيين لم ينسوا بعد اكتشاف وجود نسبة مرتفعة من زيت النخيل في الحليب كامل الدسم، علماً إلى أنه يؤثر على الصحة، ما دفعهم إلى مقاطعة هذا المنتج قبل أن تتخذ وزارة الصحة إجراءاتها لمنع استخدام هذا الزيت.
من جهتها، قالت مديرة مكتب تحسين السلامة الغذائية زهرا عبد اللهي لوكالة أنباء "مهر" أخيراً إن الواردات من زيت النخيل تقلصت من 70 إلى 30 في المائة خلال الأشهر الماضية، ومن المفترض أن تصل إلى 15 في المائة خلال العام الجاري. وذكرت أن مؤسسة الغذاء أصدرت قراراً يلزم المخابز بتقليص كمية الملح المستخدم من 2.3 في المائة إلى 1.8
المائة، علماً أن هذا الأمر يتطلب رقابة مشددة، بحسب المتخصصين.
وقالت المتخصصة في التغذية عاطفة فولادي إنه على المواطنين الابتعاد عن الأغذية المضرة، والاطلاع على فوائد السلع الغذائية قبل شرائها، والابتعاد عن الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من المواد الحافظة. ولا شك أن هناك مسؤولية تقع على المواطنين والحكومة في آن، ويجب على الأخيرة تعزيز رقابتها على الصناعات الغذائية علماً أنها محلية الصنع بغالبيتها. ويطالب المتخصصون بمزيد من التوعية عبر وسائل الإعلام، بهدف تشجيع الإيرانيين على تناول طعام صحي والابتعاد عن الوجبات السريعة.