بمناسبة مرور سنة كاملة على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي حظي بتغطية إعلامية كبيرة في فرنسا، قامت مؤسسة الاستطلاع الفرنسية الرصينة "إيفوب" (IFOP)، بسؤال المواطنين الفرنسيين عن موقفهم ممّا تسميه "الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني"، وعن الدولة الفلسطينية المستقلة، التي سبق لمجلس النواب والشيوخ الفرنسيين في العام الحالي أن اعترفا بها، رغم الطابع غير الإلزامي للقرار.
ونقرأ في نتائج الاستطلاع الذي نشر يوم أمس الأربعاء، أن موقف الفرنسيين من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني خلال السنوات الأخيرة يميل نحو نوع من التوازن تجاه الطرفين. إذ حين يتعلق الأمر بإظهار التعاطف يعترف ثلاثة أرباع الفرنسيين بأنهم لا مع هذا الطرف ولا مع الآخر.
ومن بين الذين يعربون عن مواقفهم يعلن 12 في المائة عن تعاطفهم مع إسرائيل و14 في المائة مع الفلسطينيين. وهو ما يعني وجود ميل طفيف لصالح الفلسطينيين. لكن حتى في أوج العدوان الإسرائيلي على غزة العام الماضي، رفضت أغلبية الفرنسيين التعبير عن موقفها، وكانت النتيجة أن 9 في المائة من الفرنسيين أيدوا إسرائيل مقابل 17 في المائة أيدوا الفلسطينيين.
وعن سؤال حول هل تعتقدون أن الوقت قد حان لحصول الفلسطينيين على دولتهم؟ أجاب الفرنسيون أن "الوقت قد حان" بنسبة 50 في المائة، مقابل اعتراض 7 في المائة، وعدم رغبة 43 في المائة في الإجابة، بينما كانت النسبة المؤيدة 75 في المائة سنة 2012 و63 في المائة سنة 2014.
وتفسر النتائج الجديدة وجود نوع من القلق أو من الملل في استمرار هذه القضية من دون حل، والملفت للنظر أن الذين تعاطفوا مع الحق الفلسطيني أغلبيتهم من الذين تجاوزوا سن الخامسة والستين. ولكن هذه النسبة (50 في المائة) ليست من دون معنى وتأثير، كما يقول "جيروم فوركي"، مدير قسم الرأي العام في معهد إيفوب، فهو يعني "أن إسرائيل فقدت الموقف المتميّز الذي كانت تحظى به في فرنسا، وقد ساهم هذا في تغذية شعور التخلّي والعزلة أو انعدام الإدراك التي يحس بها العديد من اليهود".
ولكن رغم ما يمكن قراءته من الإجابات، فهذه الأرقام تدل على أنّ إسرائيل لا تزال تحتفظ برأسمال كبير من التعاطف في فرنسا، حتى ولو أنه دون التعاطف الذي أعقب هزيمة العرب الكبرى في يونيو/ حزيران 1967 التي تُعرف بـ"النكسة".
وتكفي نظرة إلى الماضي لرؤية تطور رؤية الفرنسيين من الصراع العربي الإسرائيلي، ففي يونيو 1967 أبدى 56 في المائة من الفرنسيين تعاطفهم مع إسرائيل مقابل 2 في المائة لصالح العرب، وفي أيلول/ سبتمبر من السنة ذاتها ارتفع المتعاطفون مع إسرائيل إلى 68 في المائة وإلى 6 في المائة مع العرب، وفي سنة 1969 كانت نسبة التعاطف مع إسرائيل في حدود 35 في المائة مقابل 7 في المائة للعرب، أما في يناير/ كانون الثاني من سنة 1970 فكانت في حدود 33 في المائة لصالح إسرائيل و6 في المائة لصالح العرب، وفي شهر مارس/ آذار من السنة نفسها ارتفعت نسبة التعاطف مع إسرائيل إلى 44 في المائة مقابل 3 في المائة مع العرب.