على الرغم من أن كثيراً من السياح الأجانب اختاروا عدم المخاطرة والقدوم إلى تونس لقضاء إجازاتهم، في ظل التهديدات التي عاشتها البلاد أخيراً، بدا لافتاً أن الجزائريين كانوا أوفياء للحملة التي أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي، وأكدوا من خلالها أنهم سيقضون إجازتهم في تونس.
في مدينة الحمامات، امتلأت الفنادق بعد مجيء كثير من العائلات الجزائرية على الرغم من الرحلة المضنية برّاً. لم ترهقهم مئات الكيلومترات التي قطعوها، أو الطرقات الوعرة، أو التهديدات الإرهابية. كان هدفهم الوحيد زيارة تونس والتمتع بالإجازة، ومساندة أشقائهم التونسيين في الأزمة الصعبة التي يمرون بها في إطار حربهم ضد الإرهاب.
كانت الحاجة صافية (85 عاماً) ترتدي عباءة مزركشة، تراقب أحفادها الصغار الذين نزلوا إلى الشاطئ. هي أيضاً ارتدت ملابس السباحة ونزلت إلى الشاطئ. تقول لـ "العربي الجديد" إن هذه زيارتها الأولى إلى تونس، حتى إنه لم يسبق لها أن غادرت الجزائر. كانت تسمع الكثير عن تونس وتتمنى زيارتها، لكن ظروفها كانت تحول دون ذلك. وتوضح أن إقامتها الجيدة أنستها مشاق السفر. تستمتع بوقتها وتقضي يومها بين السباحة أو الجلوس في بهو الفندق، حيث شرب الشاي بالنعناع.
تصمت صافية قليلاً وكأنها تسترجع ذكريات الماضي. تبتسم ثم تُبلّل جسدها الذي غطته التجاعيد. تقول: "أنا من ولاية سطيف في الجزائر. قدمت إلى تونس برفقة أبنائي وأطفالهم. سأحمل ذكرى جميلة عن هذا البلد. مرت الأيام هنا سريعة كالحلم".
تذكر صافية أن الجزائر عانت طويلاً بسبب الإرهاب. وبالتالي، مهما كانت التحذيرات، فإنها لن تخيفهم أو تردعهم عن زيارة تونس. أما غناي فطيمة من ولاية سطيف الجزائرية، فتقول إنها قدمت إلى الحمامات برفقة زوجها وأولادهما. توضح أن "العطلة جيدة على الرغم من التحذيرات التي سمعناها في وسائل الإعلام"، محذرة من أن خطر الإرهاب ما زال قائماً. مع ذلك، هم مستعدون لمواجهة العراقيل "من أجل مساندة الشعب التونسي".
زهيرة، وهي أم لأربعة أطفال، تقيم في فرنسا. في بداية الصيف، سافرت إلى الجزائر لرؤية أهلها وأقارب زوجها الذين قدموا إلى الحمامات لقضاء العطلة. تقول: "في البداية، استأجرنا بيتا في منطقة ياسمين الحمامات، قبل الانتقال إلى أحد الفنادق".
في المقابل، تبدو قصة منار مختلفة. اعتاد القدوم إلى تونس خلال الـ 20 عاماً الماضية لقضاء إجازته. يشدد على أن تونس لا تستحق ما تمرّ به، ويشعر بالمرارة بسبب الهجمات الإرهابية التي استهدفتها أخيراً. يقول إن قدوم الجزائريين يعد أقوى رسالة يمكن توجيهها تحدياً للإرهابيين. يضيف أنه لا يهتم بالتهديدات "على الإنسان أن يعيش حياته ولا يفكر بالإرهاب، لأنهم يريدون له العيش تحت وطأة الخوف". ويلفت إلى أنه زار برفقة عائلته منطقة بوشبكة والغابات التي يقال إنها خطرة. مع ذلك، فقد كان يشعر بالراحة ولم يشعر بالخوف. يضيف: "عشنا تجربة مريرة خلال حربنا ضد الإرهاب، ما جعلنا لا نبالي كثيراً بالتهديدات. سأزور تونس سواء كان فيها إرهاباً أم لا. فالإنسان لن يهرب من قدره سواء كان في الجزائر أو في تونس" .
بدورها، تقول سليمة (49 عاماً)، وهي أستاذة تعليم ثانوي قدمت من الجزائر العاصمة أنها تحب وعائلتها تونس. تضيف: "في كل مرة يقال إن الأمن غير موجود، والأوضاع غير مستقرة، نأتي لنجد عكس ما يشاع". تضيف أنهم لم يتوقفوا طويلاً أثناء الطريق، وخصوصاً أن أولادها كانوا متشوقين لزيارة تونس. لذلك، لم يكترثوا كثيراَ لقضائهم 16 ساعة على الطريق. كانوا فقط يحاولون الوصول في أسرع وقت ممكن.
الحجوزات تزيد
يقول مسؤول في أحد الفنادق لـ"العربي الجديد"، إن غالبية النزلاء يتوزعون بين عائلات تونسية وأخرى جزائرية، مؤكداً أنه لا وجود لأجانب هذا العام. يضيف أن الحجوزات زادت كثيراً خلال شهر أغسطس/آب، وستبقى كذلك حتى العاشر من سبتمبر/أيلول المقبل. يضيف أنه لولا توافد الأشقاء العرب، لكانت الفنادق فارغة.
اقرأ أيضاً: تونسيون يمنحون فنادق بلدهم جرعة أوكسجين
اقرأ أيضاً: تونسيون يمنحون فنادق بلدهم جرعة أوكسجين