مع انطلاق العام الدراسي الجديد في الجزائر، تجد الأسر الجزائرية نفسها أمام أعباء كثيرة إن على المستوى المادي أو ذلك النفسي. وتأتي الدروس الخصوصية على رأس قائمة الأولويات التي تسعى الأسر إلى تسديد فاتورتها، إذ أصبحت ضرورة لا يمكن للتلميذ الاستغناء عنها في العملية التعليمية. وذلك، من أجل ضمان استيعاب الدروس بشكل أفضل وبالتالي الترقّي إلى صفوف أعلى.
ويُسجَّل دخول عدد كبير من المدرّسين في المؤسسات التربوية سوق الدروس الخصوصية، بزخم هذا العام. هؤلاء علّقوا ملصقات إعلانية في كل مكان، يعرضون فيها خدماتهم لمختلف المراحل منذ الأيام الأولى للعام الدراسي. أما جديد خدماتهم، فهو استقبال تلاميذ من ولايات أخرى غير تلك التي يقطنونها. كذلك يؤكّدون في ملصقاتهم، ضمان تلقّي التلميذ دروساً خصوصية "خمس نجوم". وهو ما يؤكد أن سوق الدروس الخصوصية بات مزدهراً ويؤمّن ربحاً وفيراً للمدرّسين، بالتالي تأتي المنافسة في أوجها اليوم.
تجدر الإشارة إلى أن الدروس الخصوصية أو الساعات الإضافية أصبحت عادة وسلوكاً عاماً. هي تُعدّ ظاهرة اجتماعية منتشرة في الأوساط التعليمية والاجتماعية منذ ما لا يقل عن عقدين من الزمن. ويقبل التلاميذ على هذه الحصص التعليمية لأنها بحسب اعتقاد أولياء أمورهم وكذلك في نظر المدرّسين، تدعم مكتسباتهم المعرفية وتعزّزها وترفع مستوى تحصيلهم وإنهاء البرامج والحصول على معلومات إضافية لا يمكنهم الحصول عليها خلال الحصص المدرسية لضيق الوقت وكثرة التلاميذ في الفصل. كذلك، هي تعدّهم لاجتياز الامتحانات بنجاح وحتى بتفوّق.
قد يختلف عدد كبير منا في تقييم ظاهرة الدروس الخصوصية، إذ يعدّها البعض ظاهرة سلبية لا تعبّر إلا عن جشع المدرّسين وسعيهم إلى الكسب غير المشروع، فيقصّرون في أداء واجباتهم في الفصول الدراسية لكي يجبروا أولياء أمور التلاميذ إلى اللجوء إلى هذه الدروس. أما بعض آخر، فيجد أنها ليست نتاج تقصير من قبل المدرّسين بقدر ما هي نتاج لطبيعة النظام التعليمي في المرحلة ما قبل الجامعية، وحجم المنهاج الدراسي الكبير. بالتالي، يضطر المدرّس إلى الإسراع في فصوله على حساب فهم التلاميذ، وعدم مراعاة اختلاف قدراتهم، الأمر الذي يستوجب على هؤلاء اللجوء إلى الدروس الخصوصية. وقد يذهب آخرون إلى وصف ظاهرة الدروس الخصوصية المتنامية في السنوات الأخيرة بأنها نتاج السمة الاستهلاكية المتصاعدة للمجتمع، إذ ينشغل الآباء والأمهات في واجباتهم اليومية سواء في البيت أو العمل لتأمين حاجيات الحياة المتزايدة.
تقول الموجّهة التربوية نبيلة حسناوي لـ "العربي الجديد" إن "سلبيات الدروس الخصوصية أكثر من إيجابياتها. التلاميذ أصبحوا يعيشون أرقاً، بسبب أعباء هذه الدروس الخصوصية. كذلك، لهذه الدروس آثارها المرهقة مادياً على أولياء الأمور، نظراً للبدلات المرتفعة لكلّ مادة على حدة". تضيف أن "هذه الدروس تشكّل خطورة كبيرة على النظام التعليمي، إذ تساهم في الإخلال بمبدأ تساوي الفرص في التعليم. التلميذ المقتدر مالياً هو الذي يستطيع الحصول على الدروس الخصوصية وما تمثله من خدمات تعليمية متميّزة يُحرم منها غيره من زملائه غير المقتدرين، علماً أن هؤلاء قد يكونون أفضل منه في القدرات والمهارات الفردية. وينعكس الأمر سلباً على هؤلاء، ويؤدي إلى هضم حقوق التلاميذ الفقراء والمعوزين ويحرمهم من التطوّر ومن ثم الالتحاق بالجامعات".
إلى ذلك، توضح حسناوي أن هذه الظاهرة تؤدّي إلى "تهميش مؤسسة التعليم الرسمي وتفريغها من دورها التربوي والثقافي والاجتماعي". لكنها تعود لتشدّد على أن "المتضرر الأول من الدروس الخصوصية هو التلميذ. الأثر النفسي الواقع عليه، لا يقتصر على مجرّد توتّر وخوف وقلق، لا بل تجعله تلك الدروس يميل إلى سلوكيات تصحبه لفترات طويلة من عمره. ولعلّ أسوأ ما تخلفه، هو الاتكالية وعدم الاستعداد للتركيز مع المدرّس في الصف".
من جهة أخرى، يشعر المدرّس بفقدان سلطته على التلميذ، وهو ما يؤدّي إلى نوع من الفوضى في العلاقة بينهما وليس تقارباً كما يظن البعض.
ويعيد المدرّس نبيل ماروكي اعتماد الدروس الخصوصية، إلى الأوضاع المعيشية المتردية ومرتباتهم غير الكافية. ويقول لـ "العربي الجديد" إنها "لا تكفي لتوفير الحدّ الأدنى من المتطلبات المعيشية. الأمر يستلزم رفع المستوى المادي للمدرّس حتى لا يلهث وراء الدروس الخصوصية لجمع المال". يضيف: "أنا مدرّس لغة عربية ولست مع الدروس الخصوصية، إذ يتوجّب على التلاميذ التركيز في الصف. إذا ركّزوا على الدروس، عندها لا يحتاجون إلى مدرّسين خصوصيين".
ويتابع ماروكي: "على الرغم من ذلك، وجدت نفسي مرغماً على اللجوء إلى تلك الدروس العام الماضي مع ابني. هو كان في الصف الأوّل ثانوي وكان يعاني من ضعف في مادتي الرياضيات، إذ إنه لم يكن يتفاعل في الصف خلال الحصص بطريقة مناسبة مع مدرّسَي المادتين".
وفاء، تلميذة بكالوريا، تقول إنها "منذ سنوات أتابع دروساً خصوصية، لتقوية مستواي وأحافظ على مركزي من ضمن الأوائل". وتنفي أن يكون "أي من المدرّسين قد ضغط عليها لتتابع هذه الدروس".
بعدما عجزت وزارة التربية الوطنية الجزائرية عن مواجهة ظاهرة انتشار الدروس الخصوصية ومنعها بسبب غياب نصوص قانونية واضحة، فإن مسعى الوزارة يهدف إلى تقنين هذه الظاهرة عبر إضفاء صفة شرعية عليها. ويأتي ذلك مع قرار صندوق الضمان الاجتماعي لغير الأجراء، القاضي بضمّ الفئة التي تمارس هذه المهنة إليه، من خلال اشتراكات شهرية. هي تُعدّ نشاطاً تجارياً موازياً، يتهرّب ممارسوه من تسديد ما يتوجّب عليهم.
وفي هذا الإطار، يكشف مصدر مسؤول في صندوق الضمان الاجتماعي لغير الأجراء لـ "العربي الجديد"، عن حملات مداهمة سوف تشمل خلال الأيام القليلة المقبلة المستودعات والمحلات التي تقدّم دروساً خصوصية، بعدما تحوّلت مؤسسات تجارية مربحة يديرها جامعيون عاطلون من العمل أو غرباء عن القطاع. وسوف يُلزَم هؤلاء بدفع اشتراكات أو إغلاق تلك الأماكن نهائياً.
إقرأ أيضاً: تسرّب مدرسيّ مقلق في الجزائر
ويُسجَّل دخول عدد كبير من المدرّسين في المؤسسات التربوية سوق الدروس الخصوصية، بزخم هذا العام. هؤلاء علّقوا ملصقات إعلانية في كل مكان، يعرضون فيها خدماتهم لمختلف المراحل منذ الأيام الأولى للعام الدراسي. أما جديد خدماتهم، فهو استقبال تلاميذ من ولايات أخرى غير تلك التي يقطنونها. كذلك يؤكّدون في ملصقاتهم، ضمان تلقّي التلميذ دروساً خصوصية "خمس نجوم". وهو ما يؤكد أن سوق الدروس الخصوصية بات مزدهراً ويؤمّن ربحاً وفيراً للمدرّسين، بالتالي تأتي المنافسة في أوجها اليوم.
تجدر الإشارة إلى أن الدروس الخصوصية أو الساعات الإضافية أصبحت عادة وسلوكاً عاماً. هي تُعدّ ظاهرة اجتماعية منتشرة في الأوساط التعليمية والاجتماعية منذ ما لا يقل عن عقدين من الزمن. ويقبل التلاميذ على هذه الحصص التعليمية لأنها بحسب اعتقاد أولياء أمورهم وكذلك في نظر المدرّسين، تدعم مكتسباتهم المعرفية وتعزّزها وترفع مستوى تحصيلهم وإنهاء البرامج والحصول على معلومات إضافية لا يمكنهم الحصول عليها خلال الحصص المدرسية لضيق الوقت وكثرة التلاميذ في الفصل. كذلك، هي تعدّهم لاجتياز الامتحانات بنجاح وحتى بتفوّق.
قد يختلف عدد كبير منا في تقييم ظاهرة الدروس الخصوصية، إذ يعدّها البعض ظاهرة سلبية لا تعبّر إلا عن جشع المدرّسين وسعيهم إلى الكسب غير المشروع، فيقصّرون في أداء واجباتهم في الفصول الدراسية لكي يجبروا أولياء أمور التلاميذ إلى اللجوء إلى هذه الدروس. أما بعض آخر، فيجد أنها ليست نتاج تقصير من قبل المدرّسين بقدر ما هي نتاج لطبيعة النظام التعليمي في المرحلة ما قبل الجامعية، وحجم المنهاج الدراسي الكبير. بالتالي، يضطر المدرّس إلى الإسراع في فصوله على حساب فهم التلاميذ، وعدم مراعاة اختلاف قدراتهم، الأمر الذي يستوجب على هؤلاء اللجوء إلى الدروس الخصوصية. وقد يذهب آخرون إلى وصف ظاهرة الدروس الخصوصية المتنامية في السنوات الأخيرة بأنها نتاج السمة الاستهلاكية المتصاعدة للمجتمع، إذ ينشغل الآباء والأمهات في واجباتهم اليومية سواء في البيت أو العمل لتأمين حاجيات الحياة المتزايدة.
تقول الموجّهة التربوية نبيلة حسناوي لـ "العربي الجديد" إن "سلبيات الدروس الخصوصية أكثر من إيجابياتها. التلاميذ أصبحوا يعيشون أرقاً، بسبب أعباء هذه الدروس الخصوصية. كذلك، لهذه الدروس آثارها المرهقة مادياً على أولياء الأمور، نظراً للبدلات المرتفعة لكلّ مادة على حدة". تضيف أن "هذه الدروس تشكّل خطورة كبيرة على النظام التعليمي، إذ تساهم في الإخلال بمبدأ تساوي الفرص في التعليم. التلميذ المقتدر مالياً هو الذي يستطيع الحصول على الدروس الخصوصية وما تمثله من خدمات تعليمية متميّزة يُحرم منها غيره من زملائه غير المقتدرين، علماً أن هؤلاء قد يكونون أفضل منه في القدرات والمهارات الفردية. وينعكس الأمر سلباً على هؤلاء، ويؤدي إلى هضم حقوق التلاميذ الفقراء والمعوزين ويحرمهم من التطوّر ومن ثم الالتحاق بالجامعات".
إلى ذلك، توضح حسناوي أن هذه الظاهرة تؤدّي إلى "تهميش مؤسسة التعليم الرسمي وتفريغها من دورها التربوي والثقافي والاجتماعي". لكنها تعود لتشدّد على أن "المتضرر الأول من الدروس الخصوصية هو التلميذ. الأثر النفسي الواقع عليه، لا يقتصر على مجرّد توتّر وخوف وقلق، لا بل تجعله تلك الدروس يميل إلى سلوكيات تصحبه لفترات طويلة من عمره. ولعلّ أسوأ ما تخلفه، هو الاتكالية وعدم الاستعداد للتركيز مع المدرّس في الصف".
من جهة أخرى، يشعر المدرّس بفقدان سلطته على التلميذ، وهو ما يؤدّي إلى نوع من الفوضى في العلاقة بينهما وليس تقارباً كما يظن البعض.
ويعيد المدرّس نبيل ماروكي اعتماد الدروس الخصوصية، إلى الأوضاع المعيشية المتردية ومرتباتهم غير الكافية. ويقول لـ "العربي الجديد" إنها "لا تكفي لتوفير الحدّ الأدنى من المتطلبات المعيشية. الأمر يستلزم رفع المستوى المادي للمدرّس حتى لا يلهث وراء الدروس الخصوصية لجمع المال". يضيف: "أنا مدرّس لغة عربية ولست مع الدروس الخصوصية، إذ يتوجّب على التلاميذ التركيز في الصف. إذا ركّزوا على الدروس، عندها لا يحتاجون إلى مدرّسين خصوصيين".
ويتابع ماروكي: "على الرغم من ذلك، وجدت نفسي مرغماً على اللجوء إلى تلك الدروس العام الماضي مع ابني. هو كان في الصف الأوّل ثانوي وكان يعاني من ضعف في مادتي الرياضيات، إذ إنه لم يكن يتفاعل في الصف خلال الحصص بطريقة مناسبة مع مدرّسَي المادتين".
وفاء، تلميذة بكالوريا، تقول إنها "منذ سنوات أتابع دروساً خصوصية، لتقوية مستواي وأحافظ على مركزي من ضمن الأوائل". وتنفي أن يكون "أي من المدرّسين قد ضغط عليها لتتابع هذه الدروس".
بعدما عجزت وزارة التربية الوطنية الجزائرية عن مواجهة ظاهرة انتشار الدروس الخصوصية ومنعها بسبب غياب نصوص قانونية واضحة، فإن مسعى الوزارة يهدف إلى تقنين هذه الظاهرة عبر إضفاء صفة شرعية عليها. ويأتي ذلك مع قرار صندوق الضمان الاجتماعي لغير الأجراء، القاضي بضمّ الفئة التي تمارس هذه المهنة إليه، من خلال اشتراكات شهرية. هي تُعدّ نشاطاً تجارياً موازياً، يتهرّب ممارسوه من تسديد ما يتوجّب عليهم.
وفي هذا الإطار، يكشف مصدر مسؤول في صندوق الضمان الاجتماعي لغير الأجراء لـ "العربي الجديد"، عن حملات مداهمة سوف تشمل خلال الأيام القليلة المقبلة المستودعات والمحلات التي تقدّم دروساً خصوصية، بعدما تحوّلت مؤسسات تجارية مربحة يديرها جامعيون عاطلون من العمل أو غرباء عن القطاع. وسوف يُلزَم هؤلاء بدفع اشتراكات أو إغلاق تلك الأماكن نهائياً.
إقرأ أيضاً: تسرّب مدرسيّ مقلق في الجزائر